الحرة-
استبعد تحليل لموقع “أتلانتيك كاونسل” أن تسحب روسيا مسلحي فاغنر من ليبيا على المدى البعيد، ورجح أن تلعب موسكو على ربح الوقت، بينما تراقب تطور الوضع في هذا البلد الذي يسعى لإعادة بناء مؤسساته، وتحقيق الانتقال السياسي سلميا.
وفي مؤتمر برلين الثاني حول ليبيا، الذي عُقد في 23 يونيو الماضي، أعادت روسيا بالإضافة إلى مشاركين آخرين، تأكيد دعواتهم حول ضرورة تفكيك الجماعات المسلحة والميليشيات من قبل جميع الأطراف” لكن تقرير “أتلانتيك كاونسل” قال رغم ذلك، إن “من المرجح أن تحتفظ موسكو بوجود عسكري في ليبيا بشكل أو بآخر”.
وأبرز الميليشيات المسلحة” الموجودة في ليبيا هي القوة العسكرية الخاصة الروسية، المعروفة بـ “فاغنر”.
وروسيا تنفي أي علاقة لها بالمجموعة، لكن تقارير تؤكد أنها بالفعل مجموعة مرتزقة تابعة لروسيا.
لعبة التموقع
بعد سقوط نظام القذافي في عام 2011 وانقسام ليبيا بين الفصائل المتناحرة، تطور الانقسام الرئيسي في ليبيا إلى واحد بين حكومة الوفاق الوطني ومقرها غرب ليبيا وخصومها بقيادة خليفة حفتر.
وتلقى حفتر دعمًا من دول عديدة بينها روسيا، بينما تلقت حكومة الوفاق الوطني دعمًا من تركيا وقطر.
وقوات فاغنر الروسية، دعمت حفتر في شرق ليبيا، لكن روسيا تعترف أيضا بحكومة الوفاق الوطني، وحافظت على علاقات عمل جيدة معها، وهوما يؤشر له التحليل بلعبة التموقع التي تلعبها موسكو، والتي تدل بدورها على أنها لن تسحب “قواتها” بهذه السهولة.
وكجزء من عملية حل النزاع الليبي، تم إنشاء حكومة الوحدة الوطنية برئاسة، عبد الحميد الدبيبة، وهذه الحكومة “توحد ظاهريا” وفق تعبير الموقع، حكومة الوفاق الوطني في الغرب ومجلس النواب المدعوم من حفتر ومقره في الشرق، والذي كان قد انفصل سابقًا عن حكومة الوفاق الوطني.
ودعمت روسيا عملية حل النزاع الليبي التي ترعاها الأمم المتحدة.
وفي هذا السياق، وافقت موسكو على تفكيك الجماعات والميليشيات المسلحة في ليبيا، إلا أن تركيا أكدت أنها لا تنوي سحب قواتها المسلحة من غرب ليبيا، لأن حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليًا (بما في ذلك روسيا) دعتها للحضور هناك بشكل رسمي.
وإذا بقيت القوات التركية في غرب ليبيا، فمن المشكوك فيه أن تسحب موسكو مرتزقة فاغنر من شرق ليبيا، وفق التحليل، وهو ما يعتقد به المحلل السياسي الليبي، أحمد المهدوي.
لكن هل تستطيع موسكو الحفاظ على وجود عسكري في ليبيا بينما وافقت على تفكيك الجماعات المسلحة والميليشيات في ليبيا؟
الإجابة وفق تحليل المركز هي بـ “نعم، تستطيع لعدة أسباب “..
السبب الأول
على الرغم من إعلان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، شكلا من أشكال الانسحاب الروسي من سوريا في عدة مناسبات، إلا أن هذا لم يحدث، وبالتالي، فإن اتفاق روسيا على ضرورة تفكيك الجماعات المسلحة والميليشيات في ليبيا قد لا يعكس نية روسية فعلية لسحب قوات فاغنر من ليبيا.
السبب الثاني
بالإضافة إلى ذلك، أعلن بوتين أن فاغنر ليست على صلة بالحكومة الروسية. وفي هذه الحالة، يؤكد التحليل أنه “يمكن لموسكو أن تجادل بأنها ليست مسؤولة عن العمل لتفكيك وجود فاغنر في ليبيا”.
السبب الثالث
طالما أن حفتر يريد إبقاء جماعة فاغنر، فمن المستبعد أن تتمكن حكومة الوحدة الوطنية من إجبارها على المغادرة، حتى بدعم تركي.
وفي غضون ذلك، يمكن لبوتين، الاستمرار في الادعاء بأن موسكو لا علاقة لها بفاغنر على الرغم من الأدلة القوية على عكس ذلك.
وبرأي المحلل السياسي الليبي، أحمد المهدوي، فإنه “ليس من مصلحة روسيا أن تخرج من ليبيا الآن بعدما أصبح الدور الأميركي أكثر وضوحا الآن في الملف الليبي”.
وفي اتصال مع موقع الحرة قال المهدوي إن روسيا وجدت لنفسها موطئ قدم في ليبيا ولن تخرج بشكل سهل، خصوصا في ظل استمرار الوجود التركي في الشرق.
وأكد أن موسكو “تلعب في الخفاء لإيجاد اتفاق مع تركيا، وبالتالي البقاء في ليبيا، خصوصا وأن الانتخابات المقبلة تعد مصيرية للبلاد”.
وقال المهدوي في الصدد: “ملف المرتزقة سيطول وأستبعد خروج أي منهم قبل إجراء الانتخابات”.
وتحاول ليبيا تجاوز عقد من الفوضى منذ سقوط القذافي العام 2011.
وسيكون الرهان الأساسي ضمان أن تنظم في 24 ديسمبر المقبل انتخابات رئاسية وتشريعية وعدت الحكومة الانتقالية برئاسة الدبيبة بإجرائها.
ولكن ثمة شكوك حول إمكانية تنظيم هذا الاقتراع في ظل وجود قوات أجنبية في ليبيا.
المحلل السياسي الليبي، جمال عبد المطلب، أشار إلى أطماع روسيا في مشاريع إعادة إعمار ليبيا وجعل منها “السبب وراء تمسك موسكو بالبقاء في ليبيا”.
وفي اتصال مع موقع “الحرة” قال إن فاغنر، “لن تخرج من ليبيا إلا بنزاع مسلح”.
وأضاف أن روسيا التي “لا تفهم إلا قوة السلاح ربما تضطر إلى الخروج إذا أجبرتها القوى العظمى على ذلك وخص بالذكر الولايات المتحدة الأميركية”.
وبينما رجح أن تخرج جماعات المرتزقة الأخرى بمجرد خروج فاغنر، قال إن المشكلة الأكبر هي “بقاء هذه الجماعة الروسية على الأراضي الليبية”.
ووصف عبد المطلب فاغنر بالقول إنها “رأس الحربة، ومسمار جحا ومشكلة المشاكل”، واشترط أن يضغط الغرب على روسيا بمعية الأمم المتحدة حتى تخرج مرتزقتها وإلا فلن يحدث ذلك في الوقت القريب.