العربي الجديد-
لا يزال ملف توزيع موارد النفط والإنفاق الحكومي يتصدر مشهد الخلافات الليبية، بعد اتهامات وجهتها سلطات شرق البلاد إلى حكومة الوحدة الوطنية، واصفة سلوكها الإنفاقي بـ”العبث”.
وكان المجلس الرئاسي الليبي قد أعلن، مساء الخميس (06 يوليو 2023م)، عن تشكيل اللجنة الوطنية لتحديد أوجه الإنفاق العام، وإعداد الترتيبات المالية، وجاء تشكيل اللجنة بعد تصعيد عدد من القيادات في شرق البلاد، من بينهم حفتر، قائد مليشيات شرق ليبيا، الذي طالب، الاثنين الماضي، بتشكيل لجنة عليا للإشراف على توزيع إيرادات النفط بشكل عادل.
وسبقت تهديدات حفتر، مواقف من حلفائه في شرق البلاد، حيث شكلت رئاسة مجلس النواب، منتصف الشهر الماضي، لجنة لتعديل قوانين توزيع الثروة وإيراداتها، وأعلنت الحكومة، المكلفة من مجلس النواب، استكمالها إجراءات الحجز الإداري على واردات النفط، بعد اتهامها حكومة الوحدة الوطنية، برئاسة عبدالحميد الدبيبة، بالعبث بأموال النفط.
ويعتبر الأكاديمي وأستاذ العلاقات الدولية، عبد العاطي الهرّام، في حديث مع “العربي الجديد” أن تشكيل المجلس الرئاسي هذه اللجنة يمثل واجهة جديدة للفوضى السياسية التي تعيشها البلاد، ويرى أن “من مؤشرات الفوضى أن المجلس الرئاسي لا يستند إلى أي شرعية قانونية لتشكيل لجنته، وفقاً لصلاحياته التي حددتها خريطة الطريق التي جاءت به إلى السلطة”.
وأضاف الهرّام أن “تشكيل اللجنة دليل واضح على فشل كل الجهود المتعلقة بدفع الأوضاع في اتجاه إجراء الانتخابات، الكل الآن اتجه ليضمن موقعه في خريطة توزيع موارد الدولة ويحفظ نصيبه”.
ويعبّر الهرّام عن خشيته من مخاطر التصعيد في ملف النفط وموارده، لأنه “سيزيد من حدة التدخل الخارجي، وتمسّك كل طرف بوكيل محلي من الأطراف الليبية إلى جانبه ليحفظ مصالحه”، محذراً كذلك من أن هذا التصعيد “سيعزز فكرة الإقليمية الفيدرالية وإحيائها مجدداً، وهي الأقل خطورة، أما الأكثر خطورة فتتمثل في أن الصراعات الداخلية سيكون عنوانها الجديد هي الأموال، ولن يكون الحديث وقتها عن التقسيم الذي يتهدد وحدة البلاد، بل ربما التفتيت، إذا لم يصاغ قانون يحدد الحصص ومن يتسلمها ومن يراقب صرفها وفي أي المجالات تستثمر”.
وقريب من رأي الهرّام، يعتبر الناشط السياسي الليبي، أشرف النيهوم، أن إثارة ملف النفط وموارده في هذا التوقيت ستكون لها تبعات وآثار سلبية على استحقاق الانتخابات “المفترض أن يعلن مجلس النواب ومجلس الدولة عن خطوات جديدة فيه”.
كما يرى النيهوم في حديثه لـ”العربي الجديد” أن جميع الأطراف تستفيد من الدفع بملف النفط وأمواله لواجهة المشهد لتحقيق أهداف خاصة بها، حيث يسعى المجلس الرئاسي، مستفيداً من دعم البعثة الأممية والدعم الدولي، “للعب دور يقوم على أساس تطبيع المواقف بين الأطراف المختلفة”، بينما يهدف مجلسا النواب والدولة إلى تغيير الحكومة وإقصاء الدبيبة اللذين يُتهمان “بإهدار موارد النفط”.
ويتابع النيهوم: “أما حفتر، فهو يسعى للحصول على كميات جديدة من أموال النفط للخروج من المأزق المالي الذي يعانيه، ويستفيد أيضاً من تغيير الحكومة بضمان موقع مهم فيها”، مشيراً إلى أن “اللجنة لم تكن وليدة تهديدات حفتر ومطالب مجلسي النواب والدولة، بل كان السفير الأميركي يشير إليها في الكثير من تصريحاته الداعية إلى التوزيع العادل للثروة. لكن حفتر استبق الإعلان عنها ليهدد بضرورة تشكيلها فبدت وكأنها تشكلت خوفاً من تهديداته، ليوصل رسالة بأنه لا يزال الرجل القوي الذي يجب أن تعول عليه الأطراف الخارجية”.
وهاجم حفتر، الاثنين الماضي، سفراء الدول الأجنبية، واتهمهم بتعميق الخلافات بين الليبيين، وبدا لافتاً أن حفتر لم يسم مِن سفراء تلك الدول الأجنبية إلا السفير الأميركي في ليبيا، ريتشارد نورلاند.
وجاءت تصريحات حفتر بعد أيام من دعوة نورلاند لـ”الفاعلين السياسيين الليبيين إلى الابتعاد عن التهديد بإغلاق النفط، الذي من شأنه أن تكون له تداعيات مدمرة على الاقتصاد الليبي”.
ويخلص النيهوم إلى أن “إثارة ملف النفط ودفعه للواجهة، يعد مرحلة متقدمة من مراحل الصراع الليبي، لن تفضي إلى تشكيل أرضية لحل سياسي أو تقريب وجهات النظر بقدر ما ستخلق وتطور أشكالاً من الانقسامات الجديدة”.