
العربي الجديد
ترافق احتفال سوريين يقيمون في ليبيا بسقوط نظام الأسد خلال الفترة التي تلت 8 ديسمبر الماضي، ورفعهم علم الثورة، مع اعتقال جماعات مسلحة في مدينة بنغازي غير معروفة بعضهم. وتراوح عدد المعتقلين خلال الأيام الأولى عقب سقوط نظام الأسد بين 20 و40 يعمل بعضهم في ليبيا منذ أعوام، ثم ارتفع العدد إلى مئات.
يقول بلال العثمان لـ”العربي الجديد”: “اثنان من أفراد عائلتي قيد الاعتقال في سجون لا تتبع للدولة في ليبيا، وتفيد معلومات حصلنا عليها أنهما أجبرا على الاعتراف في شهادات مسجلة بأنهما عنصران في تنظيم جهادي، وفي تسجيلات أخرى بأنهما ينتميان إلى تنظيم القاعدة. ورغم أننا حاولنا التفاوض على دفع فدية مالية لإطلاق سراحهما، لكننا لم نستطع ذلك”.
يتابع: “ينفذ أهالي معتقلين في ليبيا اعتصامات أمام السفارة الليبية في دمشق للمطالبة بإطلاق سراح أبنائهم، وقد علمنا أن بين 200 و300 سوري معتقلون حالياً في سجن دائرة الهجرة في بنغازي. وأبلغنا مدير هذه الدائرة أنه لا يملك صلاحية البت في مصيرهم، وأن مسألة إطلاق سراحهم ترتبط بقرار يتخذه الأمن الداخلي الليبي. ويحتم ذلك تحرك الحكومة السورية والمنظمات الأممية لإطلاق سراح المعتقلين لدى الحكومة الليبية أو لدى الجماعات المسلحة، فمصير مئات من السوريين غير معلوم حالياً”.
وتقول سيدة فضلت عدم كشف اسمها خشية على حياة شقيقها الذي سافر إلى ليبيا مع مجموعة شبان بهدف الهجرة إلى أوروبا عبر القوارب التي تعبر البحر المتوسط لـ “العربي الجديد”: “غادر أخي مع 33 شاباً سورية إلى ليبيا في إبريل الماضي. ومنذ 31 أكتوبر الماضي فقدنا الاتصال معه ومع باقي أفراد المجموعة. ونستطيع تأكيد أنه لم يغادر أراضي ليبيا، في حين لم يعلن عن حالات غرق أو فقدان الاتصال بأي قارب غادر سواحل ليبيا بعد هذا التاريخ، ما يجعل الحكومة الليبية ملزمة بتقديم معلومات عن مصير هؤلاء الشبان، خصوصاً أننا علمنا أنهم معتقلون لدى مهرب كان استدرجهم إلى ليبيا، وطالب بدفع فدية مالية عن كل شخص لإطلاق سراحه، لكن الأمر تعقد كثيراً بالنسبة لنا بعد سقوط النظام”
وتقول سيدة أخرى فضلت أيضاً عدم كشف هويتها لـ “العربي الجديد”: “غادر أخي إلى ليبيا في 12 أغسطس الماضي، ثم فقِد في قرية قره بولي الساحلية في ليبيا، وحتى الآن لا نملك معلومات عنه”. كما تتحدث سيدة ثالثة خشيت كشف هويتها أيضاً عن أن زوجها وابنها فقِدا في ليبيا منذ سقوط نظام الأسد، وأنهما يعملان منذ سنوات في ليبيا، وتقول لـ”العربي الجديد”: “عانى زوجي من مشكلة في فقرات الظهر فلحق به ابني الأكبر كي يساعده في العمل، وبعدما فقِدا أجبرا على تسجيل فيديو اعترفا فيه بانتمائهما إلى تنظيم القاعدة، ثم لم نعرف مصيرهما حتى اللحظة، ما يدفعنا إلى تحميل الحكومة الليبية مسؤولية كشف مصير كل السوريين المفقودين في أراضيها”.
من جهته، يقول أبو محمد لـ”العربي الجديد”: “فُقِد 30 شاباً في مدينة الخُمس، وحاولنا التواصل مع المهرب الذي اتفقوا معه على تسفيرهم إلى أوروبا لكنه أغلق هاتفه ولم نعد نملك أي معلومات، ما يجعلنا نطالب قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع بالضغط على الحكومة الليبية كي تكشف عن مصير أولادنا وتنهي الأزمة
وبحسب معلومات حصلت عليها “العربي الجديد”، التقى عدد من ذوي المعتقلين والمخطوفين في ليبيا، وغالبيتهم من درعا والقنيطرة، ممثلاً عن السفارة الليبية قدم نفسه على أنه القائم بالأعمال من دون أن يذكر اسمه خلال اعتصام نفذ بعد أيام من سقوط النظام أمام السفارة في دمشق. وهو وعدهم بمعالجة الأزمة لكن ذلك لم يتحقق، ما دفع المتضررين للاعتصام مجدداً أمام السفارة وفي ساحة الأمويين وسط العاصمة دمشق. ورغم أنهم حاولوا التواصل مع وسائل إعلام محلية وعربية عدة لنقل شكواهم، اصطدم الأمر بالتجاهل بسبب حسابات سياسية لوسائل الإعلام، بحسب ما يعتقد غالبيتهم”.
ولا أرقام دقيقة عن عدد السوريين المخفيين في ليبيا، لكن مؤشرات يملكها ذووهم في سورية تشير إلى توزعهم على السجون الرسمية في بنغازي، إذ يتعلق مصيرهم بقرار سياسي، وبين معتقلات تابعة لجماعات مسلحة لا تبدي أي رد فعل حيال تحديد الرقم الذي تطلبه فديةً ماليةً عن كل مخطوف.
ويقدّر البعض وجود بين 350 و500 سوري موزعين بين الاعتقال والخطف، ما يحتم التحرك لكشف مصيرهم في خطوة أولى لحل الأزمة الإنسانية والأخلاقية، بحسب ما يقول معظم ذوي المخطوفين.