اخبارالرئيسيةفي الذاكرة

معركة لوكايا.. والنصب التذكاري للضحايا الليبيين على ضفاف نهر كاتونگ

واحدة من معارك القذافي الخارجية التي زج بالليبيين فيها دون أن يعلموا من أجل ماذا يقتلون..

الناس-

“انتهى [الليبيون] في كل مكان، ولم يعرفوا إلى أين هم ذاهبون. لم يعرفوا أين تقع كمبالا… لذا ركضوا على أية حال. […] وقتلوا.. سيجدهم الناس … ثم يصرخون “إنهم هنا” وفي بعض الأحيان يغلقون عليهم المنازل ويقتلونهم”..

جاء هذا الكلام على لسان مزارع أوغندي واصفا كيفية معاملة المدنيين الأوغنديين للجنود الليبيين أثناء معركة الدفاع عن عنتيبي. فمن الذي أجبر الليبيين على الذهاب للقتال في أوغندا 1978م؟ ومن أجل ماذا؟ وكيف كان مصيرهم؟

 

في15  مايو 1978 أرسل القذافي 3000 جندي (ليبي) لدعم الرئيس عيدي أمين في حربه ضد الجبهة الوطنية لتحرير أوغندا المدعومة من تنزانيا.. هزم عيدي أمين وطرد من البلاد عام 1979 وقتل في الحرب قرابة 500 جندي ليبي، وأعداد أخرى من المفقودين والأسرى المشوهين والذين لا يعرف عددهم ولا مصيرهم، وفرض القذافي تعتيما على المعلومات التي تخص تلك الأحداث- هذه طبعا إحدى الروايات المختصرة، والتي قد تعطي لمحة عما كان يتكلم ذلك المزارع الأوغندي في البداية..

 

كان تدخل القذافي إلى جانب عيدي أمين بادعاء أنه رئيس دولة مسلمة تغزوها دولة مسيحية وهي تنزانيا، والحقيقة ان القذافي وإلى جانبه منظمة التحرير الفلسطينية، كانوا في مواجهة مع السادات الداعم للمعارضة الأوغندية في وجه الحكومة.

طبعا الحرب كانت طويلة لكن المعركة الفاصلة فيها كان اسمها “معركة لوكايا” نستطيع أن نقول عليها إنها معركة كسر العظم، هذه المعركة استمرت ثلاثة أسابيع متواصلة.. وللتوضيح “لوكايا” اسم بلدة في أوغندا..

تقدمت المعارضة باتجاه “لوكايا” عبر طريق ضحلة بالمستنقعات، وكان على قوات الحكومة تدمير الجسر الوحيد الصالح للعبور باتجاه العاصمة، إلا أن عيدي أمين رفض تدمير الجسر ظنا منه أنه سيحتاجه في هجومه المضاد في وجود الدعم الليبي والفلسطيني. وبغرور قال عبر بث إذاعي إنه على وشك محاصرة القوات التنزانية.

أمر “أمين” بشن الهجوم المضاد الذي شارك فيه أكثر من ألف فرد من القوات الليبية، وحوالي 40 ألفا من منظمة التحرير الفلسطينية، وبدأوا رفقة القوات الأوغندية بالزحف نحو “لوكايا”.

غير المتمردون خططهم وشنوا هجوما مضادا في اليوم التالي فضربت مدفعيتهم بقوة، فارتبكت قوات أمين ويقال أن.. (نقف هنا قليلا. ليس للسخرية أو الضحك فالموقف مأساوي حقا)..

يقال أن دبابة ليبية دهست بالخطأ قائد القوات الأوغندية وسحقته!! .. بسبب الارتباك، فانهارت قواته وهربت، وبعد المعركة أحصت القوات الأوغندية أكثر من 400 قتيل نصفهم من الليبيين. تركت جثتهم في العراء إلى أن تولى السكان دفنهم في مقابر عشوائية أو ألقوا بهم في الغابات.. والمستنقعات بعد أن نتنت رائحتها.

يحكي أحد الليبيين الناجين (وقد نشر قصته على الفيس بوك في حلقات) بأنه هرب مع تسعة أشخاص بغير وجهة، عقب انهيار قوات عيدي أمين، وحاول التخابر مع أي من الضباط إلا أن الكل كان قد غادر المكان، فأراد ورفاقه العودة إلى قواعدهم التي انطلقوا منها.

تحدث عما صادفهم من أخطار داخل الغابات الرطبة ومستنقعاتها، والفخاخ على طول الطريق، إلى أن نجوا بأعجوبة، وساعدهم بعض السكان المحليين للوصول إلى معسكر يتجمع فيه الليبيون هناك، ومنه نقلوا بحافلات إلى مطار عنتيبي للعودة بهم إلى طرابلس.

يقول إنه في الوقت الذي نزلت فيه الطائرة التي كانت ستقلهم إلى طرابلس، فوجئ بأن نزل منها رجال كبار السن يرتدون البدلة الليبية: الكاط والجرد والشنة! وكان واضحا أنه فصل أخر من الفلم الذي عاشه ورفاقه. لكن التعليمات كانت صارمة بعدم مخالطتهم أو التحدث إليهم أو إعطائهم أي معلومة..

 

صاحب القصة شاهد أحد جيرانه في الواصلين فتسلل إليه وسأله: ماذا تفعل هنا؟

فأخبره الجار المسكين بأنه جاي لطبرق للمشاركة في حفلة! وعندما أخبره أنه في أوغندا أسقط في يده، فقد فهم أكثر مما يجب، فعجز لسانه عن الكلام،

وماكان منه بعد أن استوعب حقيقة ما حوله إلا أن تصرف بسلوك معبّر جدا، إذ خلع الجرد والفرملة وأعطاها له، وأوصاه أن يوصلها إلى عائلته..

تقول المصادر إن الضحايا الليبيين في معركة لوكايا مابين 400 إلى 500 فرد، لازالت مقابرهم مجهولة حتى اليوم.

 

معلومة صغيرة على الهامش.. صاحب الفرملة لم يكن من بين الضحايا، فقد رجع لأهله بعد ذلك، ولا شك كان لديه ما يحكيه لهم..

وبقيت لقطة أخيرة..

في يوليو 2010، زار القذافي أوغندا وأشاد بالجنود الليبيين الذين شاركوا في الحرب. كان من المتوقع من القذافي وموسفيني تدشين النصب التذكاري للجنود الليبيين ولكن لأسباب دبلوماسية غير معلنة، توجه القذافي إلى مطار عنتيبي  وغادر البلاد فجأة!

ولكن النصب التذكاري رغم الانتهاء منه وعدم تدشينه، إلا أنه مازال واقفا على ضفاف نهر كاتونگ-

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى