اخبارالرئيسيةعيون

معركة المركزي الليبي… أطراف النزاع يعزّزون مواقعهم

العربي الجديد-

تسعى أطراف أزمة المصرف المركزي الليبي لتعزيز مواقعها وتقوية أوراقها من أجل فرض قراراتها، تزامناً مع تعثر مفاوضات البحث بين ممثليها وتمديدها نهاية الأسبوع الماضي إلى أجل غير مسمى.
الخميس الماضي، أعلن ممثلو مجلسي النواب والدولة، في بيان مشترك، عن اتفاقهم على توسيع مشاورات بين مجلسيهما وفقاً لعدد من المحددات التي تكفل التوصل إلى ترتيبات مؤقتة ضمن فترة زمنية محددة تكفل تسيير أعمال المصرف إلى حين تعيين محافظ ومجلس إدارة جديدين، استناداً إلى مقتضيات الاتفاق السياسي.

وفيما رحبت البعثة الأممية، التي تسيّر المفاوضات بين مجلسي النواب والدولة منذ نحو أسبوعين، بالتقدم المحرز بين ممثلي المجلسين “بشأن المبادئ والمعايير والآجال التي ينبغي أن تنظم الفترة الانتقالية المؤدية إلى تعيين محافظ ومجلس إدارة جديدين للمصرف المركزي”، إلا أنها عبرت عن أسفها لعدم توصلهما إلى اتفاق نهائي.

وفي بيان ممثلي المجلسين توضيح لتلك المحددات، ومنها العمل على تسمية محافظ جديد للمصرف، على أن يقترح المحافظ أعضاء مجلس الإدارة في فترة عشرة أيام من تاريخ تسلم مهامه، والعمل على ترسيخ معايير الشفافية والإفصاح والحكم الرشيد في كل أعمال المصرف، وتوخي معايير المهنية والكفاءة والنزاهة وحسن السيرة في كل من يتولون مسؤوليات داخل المصرف، والالتزام بتبني اتفاق يحفظ المكانة الاعتبارية والمالية للمصرف على الساحة الدولية، ويحمي موارد الشعب الليبي من الهدر وسوء الاستخدام، وكذلك احترام مؤسسة مصرف ليبيا المركزي والامتناع عن أي إجراءات تضر بوضعها المالي والاقتصادي.
لا اتفاق نهائياً

كان من المقرر، بحسب إعلان للبعثة الأممية، أن يعلن ممثلو مجلسي النواب والدولة عن “صيغة اتفاق نهائية” بشأن المحافظ ومجلس إدارة المصرف، الخميس الماضي، بحسب بيان للبعثة الأربعاء الماضي، بعد تأجيل ذلك ثلاث مرات متوالية منذ بدء المفاوضات بينهما الأسبوع قبل الماضي برعاية البعثة الأممية.

وعلى الرغم من تأكيد ممثلي المجلسين، في البيان ذاته، الخميس الماضي، أن مجلسيهما سيواصلان خلال الأيام القليلة المقبلة المشاورات الرامية إلى إنهاء الأزمة، إلا أنهما لم يحددا موعداً لبدء تلك المشاورات، ما يشير إلى استمرار أزمة المصرف إلى آجال غير واضحة، بالإضافة لعدم إعلان المجلس الرئاسي، أحد أطراف الأزمة الرئيسية، عن موقفه حيال مستجدات المفاوضات، وكذلك عدم وضوح موقعه في تلك المفاوضات، خاصة أن البعثة الأممية أشارت في أغلب بياناتها إلى وجود ممثل للمجلس الرئاسي ضمن تلك المفاوضات، من دون أن تنجح في تيسير طاولة مفاوضات موحدة بين المجالس الثلاثة.
وضمن تعبيرها عن أسفها لعدم توصل ممثلي المجلسين إلى صيغة اتفاق نهائي في أعقاب استئناف المفاوضات يوم الخميس الماضي، جددت البعثة التأكيد أن “القرارات الأحادية التي اتخذتها جميع الأطراف في مختلف أنحاء البلاد من شأنها تقويض الثقة بين الأطراف السياسية والأمنية وتكريس الانقسامات المؤسسية”، محذرة من تداعيات استمرار هذه القرارات على وضع المصرف المركزي داخل النظام الدولي المالي.

تعزيز المواقع

في الغضون أفادت معلومات مصادر مقربة من عدد من أطراف أزمة المصرف عن مساعيها لتقوية مواقعها ضمن خريطة الصراع القائم بينها حول المصرف المركزي، ففيما يعتزم مجلسا النواب والدولة التحالف مع المحافظ المعزول من المجلس الرئاسي الصديق الكبير لتضييق الخيارات أمام الإدارة الجديدة للمصرف، المعينة من المجلس الرئاسي أمام المنظومة المصرفية الدولية، تتجه الأخيرة إلى تعزيز مبادئ الشفافية والحوكمة وإطلاع المصارف الدولية على أعمالها لتعزيز ثقتها في المنظومة المالية الدولية.
ووفقاً لمعلومات أدلى بها مصدر مقرب من اللجنة المالية بمجلس النواب لـ”العربي الجديد”، رفض ذكر اسمه، فإن مستشاري اللجنة المالية بمجلس النواب ورئيس المجلس عقيلة صالح يخططون مع الصديق الكبير، لتوسيع دائرة الخطابات الموجهة إلى المصارف الدولية بعدم التعامل مع الإدارة الجديدة للمصرف، وعدم مسؤوليتهم إزاء أي مخاطر مالية قد تنتج عن تعامل المصارف الدولية مع إدارة المصرف الجديد بطرابلس.
وفي الوقت الذي واجه فيه مجلس النواب قرار المجلس الرئاسي منذ اندلاع أزمة المصرف بقرار وقف إنتاج النفط لوقف تدفق الإيرادات إلى المصرف، اتجه الكبير إلى استخدام صلاحياته التي ما يزال معترفاً بها دولياً لقطع الطريق أمام الإدارة الجديدة من خلال مخاطبة المصارف الدولية بخطورة الوضع في المصرف، واتهام الإدارة الجديدة باقتحام مقر المصرف وتهديد الموظفين، وتعزيز ذلك ببلاغات قدمها إلى مكتب النائب العام.
تحركات الكبير من إسطنبول

صرح الكبير، الخميس الماضي، من مقر إقامته الاختياري في إسطنبول بعد فراره من طرابلس، لوكالة رويترز بأن المصرف المركزي في طرابلس بات معزولاً عن النظام المالي الدولي، مؤكداً أن أكثر من 30 مؤسسة مصرفية دولية علقت جميع معاملاتها مع المصرف في طرابلس.
وبينما أوضح الكبير بأنه لا يمكن الوصول إلى الودائع الليبية في الخارج، اعترف بأن الإدارة الجديدة في طرابلس تمكنت من السيطرة على المنظومة الإلكترونية الداخلية وأعادت العمل في المصرف، لكن الجانب الآخر من المنظومة الإلكترونية والمتعلق بالتعاملات الخارجية لم تسيطر عليه، في إشارة واضحة لإحكام قبضته على تعاملات المصرف الخارجية.

في الجانب الآخر تفيد معلومات مصدر مقرب من المصرف المركزي بطرابلس، إلى دأب الفريق المصرفي المسيطر على المصرف، على الإسراع في العمل، وفق مبادئ الإفصاح والشفافية في التعاملات المالية، مخاطباً الجهات الدولية المالية تباعاً بذلك، في خطوة باتجاه إشعار المنظومة المصرفية الدولية بالأمان والثقة في تعاملاتها.

تجاوزات المركزي الليبي

وقال مصدر، رفض ذكر اسمه، لـ”العربي الجديد” إن “شخصيات من المصرف وخبراء مال يعدون تقارير دقيقة للكشف عن تجاوزات كبيرة في عمل الصديق الكبير لتأكيد صحة قرار عزله”، مؤكداً أن الفريق المالي العامل بالإدارة الجديدة للمصرف بدأ في الاشتغال على ملفات تعني الأطراف الدولية في الشأن الليبي، وأهمها ملف مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وضمن معلومات المصدر نفسه، فإن الإدارة الجديدة تسعى لتطوير أعمالها لإحكام قبضتها على المصرف وفرض نفسها واقعاً يمكن التعامل معه، فبعد أن نجحت في إعادة العمل في أكثر إدارات المصرف والسيطرة على منظومته الإلكترونية الداخلية، تتجه إلى العمل على الملفات المتصلة بسياسات الدول الكبرى، خاصة الولايات المتحدة الأميركية، وإنجاز خطوات ملموسة فيها لم تتحقق في السابق، في رسالة مباشرة وواضحة للخارج مفادها توفر قدرات لديها لإدارة تلك الملفات المقلقة، خاصة ملف تمويل الإرهاب.

وفي مؤشر باتجاه عزم الإدارة الجديدة انتهاج مبادئ الإفصاح في عملها، أصدرت ليل الجمعة الماضية، نشرة أوضحت فيها أن الإيرادات العامة للدولة الليبية منذ مطلع العام الجاري وحتى نهاية أغسطس المنصرم بلغت نحو 66.72 مليار دينار من مبيعات النفط وجبايات الجمارك وغيرها من الموارد الأخرى، مقابل إنفاق للمرحلة نفسها بلغ نحو 59.5 مليار دينار، استحوذ منها باب الرواتب على 39.9 مليار دينار.
وأول من أمس السبت، أصدرت إدارة المصرف الجديدة نشرة أخرى كشفت فيها أن إدارة الصديق الكبير صرفت 950 مليون دولار من الاحتياطات بالخارج، عبر فرع مدينة بنغازي بدون أوامر صرف أو تحويل صادرة عن وزارة المالية، مؤكدة أنه “بالرجوع إلى السجلات والقيود لم نجد أوامر صرف أو تحويل صادرة عن وزارة المالية تقابل هذا المبلغ”، في إشارة واضحة لما سبق الإعلان عنه من جانب الكبير في يوليو الماضي، أنه خصص 1.75 مليار دولار من النقد الأجنبي لمشروعات الإعمار بالمنطقة الشرقية للعام 2024، موضحاً أن ما نفذ منها هو 950 مليون دولار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى