اخبارالرئيسيةثقافةفي الذاكرة

معتقل الحصان الأسود: شهادة الدناع على سنوات القهر

"الحصان الأسود: معتقل سياسي كان أول ضحاياه كبار ساسة ليبيا الذين صنعوا استقلالها وفشلوا في الحفاظ عليه!"

 

عن “دار الوليد طرابلس” صدر منذ أسابيع كتاب “معتقل الحصان الأسود– أحزان من المعتقل السياسي” للكاتب الراحل عبدالكريم خليفة الدناع.

عبدالعزيز عيسى- الناس-

ويقع الكتاب في 104 صفحات، ويعد جزءاً من أدب السجون الذي يوثق حياة المعتقلين السياسيين في ليبيا خلال فترة حكم القذافي، إذ سلّط الكتاب الضوء على تجربة شخصية ومعاناة عاشها المؤلف في معتقلات القذافي.

يسرد الدناع في هذا الكتاب ذكرياته عن أيام الاعتقال، مقدماً لمحة عن الظروف التي عاشها هو وآخرون من المعتقلين في معتقل الحصان الأسود في العاصمة طرابلس.

وتحدث الكاتب عن “فتحي الذيب” ضابط المخابرات المصري، الذي كلفه الرئيس جمال عبدالناصر بأمن وحماية وسلامة القذافي ورفاقه، بمساعدة كوكبة من ضباط المخابرات والمباحث من عتاة أجهزة الأمن والتجسس في مصر.

لا يتوقف الكتاب عند سرد الأسماء والأحداث فقط، بل يتعمق في تفاصيل حياة السجناء، بما في ذلك الأسماء والرتب العسكرية للمرتزقة الذين جندهم النظام الليبي في تلك الفترة، وقد ذكر المؤلف أسماء161  فرداً من جنسيات مصرية وتونسية وفلسطينية وموريتانية وسودانية ولبنانية وعراقية وتشادية ونيجيرية ومالية، شاركوا في إبادة الشعب الليبي.

عن لحظة اعتقاله، يروي الدناع أنه حضر ضابطان من الأمن الداخلي والبحث الجنائي إلى بيته القديم بمصراتة، وطالباه بالمغادرة معهما لمدة خمس دقائق، لينقل بعدها إلى مركز شرطة مصراتة، ومنها نقل عبر الفولكس الصفراء إلى مقر المباحث العامة في طرابلس، ومنها إلى معتقل الحصان الأسود في باب بن غشير الذي قضى فيه 9 أشهر.

وتحدث الكاتب عن ثلاثة من شهداء المعتقل، الذين سقطوا ضحايا القمع السياسي. أولهم عامر الدغيّس، الذي اعتُقل بتهمة الانتماء إلى حزب البعث العربي الاشتراكي، وقُتل في ظروف غامضة أعلن النظام عنها بأنها انتحار شنقاً باستخدام سلك هاتف.

أما الثاني فهو عمرو خليفة النامي، الشاعر والأديب، الذي اعتقل بعد أحداث باب العزيزية في 1984، وظل مصيره مجهولاً منذ عام 1986. والذي كتب قصيدته لأمه ذاع صيتها بعد سقوط نظام القذافي في العام 2011م والتي قال في مطلعها:

أماه لا تجزعي فالحافظ الله ** وهو الكفيل بما في الغيب أماه

أما الشهيد الثالث فهو محمد مهدّب حفاف، الذي أُعدم في7  أبريل 1983، في حفل دموي أُجبر فيه الطلاب والأساتذة على حضور الإعدام، حيث تعرض للضرب المبرح قبل أن يُعلق على المشنقة.

وفي حديثه عن “الحصان الأسود”، يذكر الدناع أنه ينتصب على قاعدته في الساحة الأمامية للسجن، نحته فنان سجين محكوم في جريمة عادية أيام النظام الملكي، ولم تكن في ليبيا وقتها معتقلات سياسية بل هو سجن عادي تابع للشرطة المدنية، بنته إدارة الاستعمار الإيطالي في باب بن غشير، تعمد النحات طلاء حصانه باللون الأبيض ليستبشر السجناء برؤيته خيراً، ثم جاء العسكر فحوّلوه إلى معتقل سياسي، وكان أول ضحاياه كبار ساسة ليبيا الذين صنعوا استقلالها، وكان أول انجاز للعسكر هو طلاء الحصان وقاعدته باللون الأسود ليحرموا المعتقلين حتى من التفاؤل.. حتى من الأمل!

وفي لحظات تأملية في نهاية الكتاب، يقول الدناع: “لقد كان الطاغوت  يفجعنا بالدواهي على امتداد أربعة عقود ونيّف. فمنذ أبريل 1973م إلى 17 فبراير 2011، كانت مبادئ ومعطيات ثورة التكبير تترسّخ وتتعمق وتتجذر في قلوب وعقول الأفذاذ من عشاق الوطن والحرية، حتى أيّدهم الله بنصره ونجحوا، بمنّه وفضله في إزاحة الغُمة عن صدر الأمة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى