مصر وتركيا: لقاءات تتجاوز الخلافات حول ليبيا
العربي الجديد-
على العكس من التصريحات المتبادلة، والبيانات المتضادة، بشأن عدد من الملفات الإقليمية والدولية المهمة، شهدت الأيام الأخيرة لقاءات مصرية تركية.
والتقى، الأربعاء (16 نوفمبر 2022م)، وزير البيئة والتخطيط العمراني التركي مورات موروم، وزير الخارجية المصري سامح شكري، الذي يرأس الدورة الحالية لقمة المناخ (كوب 27) المنعقدة بمدينة شرم الشيخ، في اجتماع رسمي، جرى بحضور القائم بالأعمال التركي في مصر صالح موتلو، وهو اللقاء الأول من نوعه منذ فترة طويلة.
وبرز أمس قول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في تصريحات أدلى بها في ختام مشاركته في قمة زعماء مجموعة العشرين في جزيرة بالي الإندونيسيةـ إنه يمكن لبلاده أن تعيد النظر في علاقاتها مع كلّ من مصر وسورية، وذلك بعد الانتخابات التركية المقبلة في يونيو 2023.
لقاء أمني مصري تركي
في موازاة ذلك، عقد لقاء مصري تركي على مستوى أمني (استخباري)، خلال الأسبوع الماضي، تطرّق لعدد من الملفات التي تحظى باهتمام مشترك لدى البلدين. وهذه النوعية من الاجتماعات واللقاءات تسير بوتيرة شبه منتظمة، حتى قبل الإعلان الرسمي عن مشاورات لتطبيع العلاقات بين تركيا ومصر.
وحصلت “العربي الجديد” على معلومات تفيد بأن الاجتماع تطرق إلى الموقف الراهن لمسار استعادة العلاقات بين البلدين، والتنسيق فيما يخص بعض القضايا الإقليمية محل الاهتمام المشترك، وأنه جرى خلال اللقاء التأكيد على قاعدة عدم اتخاذ مواقف مضادة من جانب البلدين تجاه الآخر في المنصات الدولية.
كما أن اللقاء، وفق ما أتيح من معلومات، تناول أيضاً بعض الملفات الروتينية، المتعلقة بتسيير العلاقات الاقتصادية بين البلدين. وتطرق الحديث كذلك إلى مشروعات في مجال الغاز، مرتبطة بالوضع في ليبيا، دون الوصول إلى اتفاق محدد بشأنها، وإن غلبت الإيجابية على المشاورات بشأنها.
شركة تركية في السوق المصرية
وفي 13 الشهر الحالي، التقى وزير الصناعة والتجارة المصري أحمد سمير، مع هاكان بولجورلو، الرئيس التنفيذي لشركة “أرتشليك” التركية الدولية المتخصصة في تصنيع الأجهزة المنزلية، لبحث مشروعات الشركة المستقبلية في السوق المصرية.
وقال سمير، عقب الاجتماع، إن اللقاء “استعرض مشروعاً تخطط الشركة لإطلاقه في السوق المصرية نهاية العام المقبل، لتصنيع الأجهزة المنزلية، باستثمارات تبلغ 100 مليون دولار، وبطاقة إنتاجية تبلغ 1.5 مليون جهاز سنوياً، ويوفر 2000 فرصة عمل مباشرة، بهدف تلبية احتياجات السوق المحلية والتصدير للخارج”.
وأشار إلى أن الشركة “تستهدف أن تتخذ من مصر مركزاً لتصنيع منتجاتها وتصديرها للأسواق الخارجية، وأن تخصص 60 في المائة من إنتاجها للتصدير”.
ولفت سمير إلى أن استثمارات الشركة التركية في السوق المصري “تتضمن إلى جانب الإنتاج وتشغيل العمالة، نقل التكنولوجيا والمعرفة وإنتاج منتجات ذات قيمة مضافة عالية”.
تعزية مصرية في تفجير إسطنبول
وكانت مصر دانت أخيراً بأشد العبارات، حادث التفجير الذي وقع في مدينة إسطنبول، الأحد الماضي، والذي أسفر عن وقوع عدد من القتلى والجرحى. وأعرب المتحدث باسم الخارجية المصرية السفير أحمد أبو زيد، في بيان رسمي، عن “تعازي جمهورية مصر العربية لذوي الضحايا والشعب التركي الصديق والجمهورية التركية”، متمنياً الشفاء العاجل للمصابين.
وأكد المتحدث باسم الخارجية المصرية “موقف بلاده الرافض لكافة أشكال العنف والإرهاب، مهما كانت مسبباته”، داعياً “جميع دول العالم إلى التضامن في مواجهة هذه الظاهرة البغيضة وتجفيف منابع دعمها، مادياً أو فكرياً أو بأي شكل من الأشكال”.
وكان وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو أعلن، أخيراً، أن بلاده دخلت عملية التطبيع مع مصر، لكنها تسير ببطء. وقال جاووش أوغلو، خلال ندوة بعنوان “السياسة الخارجية التركية في بحر إيجة وشرقي البحر الأبيض المتوسط”: “لقد دخلنا عملية التطبيع مع مصر، وهذه عملية مزدوجة، إذا كانت مصر صادقة في تطبيع العلاقات”.
وعن إعلان شكري وقف القاهرة محادثات التطبيع مع تركيا، قال جاووش أوغلو إن “هناك دولاً أخرى دخلنا معها في عمليات تطبيع، لكن العملية مع مصر تتقدم ببطء مقارنة مع البلدان الأخرى”.
وأضاف: “لسنا السبب في بطء عملية التطبيع مع مصر، والاتفاقيات التي أبرمناها مع ليبيا ليست ضد مصالح مصر. إذا وقعت مصر اتفاقية مع تركيا، فستحصل على صلاحيات بحرية أكبر بكثير من الاتفاقية التي أبرمتها مع اليونان. نحن نتحدث عن 40 ألف كيلومتر مربع”.
وتابع إن “الاتفاقية الأمنية التي أبرمناها مع ليبيا ليست ضد مصر”، مؤكداً، أن تركيا “ليس لديها أي مشاكل مع مصر، وأن مصر بلد مهم للجميع”.
وكانت مصر أعلنت موقفاً متشدداً من الاتفاقية الموقعة بين تركيا وحكومة الوحدة الوطنية الليبية، التي تقضي بالسماح لأنقرة بحقوق التنقيب عن النفط والغاز في المياه الاقتصادية الليبية – متفقة في ذلك مع اليونان، العدو الرئيس لتركيا في شرق المتوسط.
وكان شكري أعلن، في أكتوبر الماضي، توقف الجلسات الاستكشافية المشتركة بين بلاده وتركيا بعد انعقاد جولتين منها، وذلك بسبب انزعاج القاهرة الشديد، من استمرار نشاط بعض المعارضين المصريين في التحريض ضد النظام والدعوة للتظاهر، من الأراضي التركية، وخصوصاً في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعيشها مصر.
وقابلت السلطات التركية هذا الأمر بإرسال إشارات إيجابية للقاهرة، عبر ترويج أخبار حول القبض على معارضين مصريين في تركيا، وهو ما أكده مصدر مطلع على المباحثات التي تجريها أنقرة والقاهرة، لاستعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.