مصراتة 1966.. على أعتاب تغييرات ثقافية واقتصادية جذرية

* كتب/ عبدالوهاب الحداد،
في صيف عام 1966 أجرى أستاذ الجغرافيا البريطاني جيرالد هنري بيلك (G. H. Blake)، دراسة ميدانية بعنوان “مصراتة: مدينة سوق في طرابلس الغرب” في 34 صفحة من الحجم المتوسط، نشره قسم الجغرافيا بجامعة دورهام الإنجليزية عام 1968.
يشير المؤلف في مقدمة الكتيب إلى أن الدراسة كانت محدودة من حيث الوقت والموارد، حيث واجهته صعوبات تتعلق بندرة الإحصاءات، وغياب الخرائط التفصيلية والصور الجوية، مما جعل التحليل يعتمد بشكل كبير على الملاحظات الميدانية المباشرة، ورغم ذلك، سعى “بيلك” لتقديم صورة تحليلية لمدينة مصراتة كمدينة سوق تقليدية، يعتمد جزء كبير من سكانها على الأنشطة التجارية والخدمية المرتبطة بالسوق المحلي.
تُبرز الدراسة أن مصراتة كانت في تلك الفترة على أعتاب تحولات عمرانية واقتصادية كبرى، مدفوعة بزيادة الإنفاق العام والخاص الناتج عن عائدات النفط، وقد بدأت المدينة تشهد طفرة في البناء الحديث، مع إدخال أنماط معمارية أوروبية وتخطيط حضري جديد، ما أدى إلى تغير تدريجي في ملامحها التقليدية المتمثلة في المآذن، وأشجار النخيل، والمنازل ذات الأسطح المسطحة.
كما يشير “بيلك” إلى أن مشاريع البنية التحتية المستقبلية، مثل “الطريق السريع شمال إفريقيا وإعادة تطوير منطقة قصر أحمد كميناء وقاعدة عسكرية، وخطط استصلاح الأراضي الزراعية المحيطة”، كانت ستعزز من دور مصراتة كمركز إقليمي حيوي.
ويُبرز الكتيب أيضًا روح المبادرة التجارية لدى سكان المدينة، الذين بدأوا في تأسيس صناعات خفيفة استجابة للطلب المتزايد الناتج عن الطفرة العمرانية.
يُعد هذا الكتيب وثيقة مهمة لفهم التحولات التي شهدتها مصراتة في ستينيات القرن الماضي، ويقدم أساسًا لفهم تطور المدينة من مركز سوق تقليدي إلى مركز حضري حديث.
الجدير بالاهتمام في هذا الكتيب احتواءه على 6 صور فتوغرافية، و17 خريطة لمدينة مصراتة، اخترنا نشر بعض منها هنا، على أن ترجمة ما كتب كان إلكترونيًا، مع قليلٍ من التصرف.