العربي الجديد-
تتواصل الجهود في ليبيا لمكافحة العنف ضد المرأة عبر سن قانون لتجريم تلك الممارسات، فضلاً عن محاولات إزالة العقبات أمام مشاركة النساء الفعالة في المجال العام، بداية من الاحتياجات المقبلة.
وشكل مجلس النواب، منتصف الشهر الماضي، لجنة برلمانية لدراسة مشروع قانون يجرم كافة أشكال العنف ضد المرأة، وتضمن قرار تشكيل اللجنة إدانة لما تتعرض له النساء من عنف مجتمعي، مؤكداً على ضرورة التعجيل بإعداد القانون، كما حث الجهات القضائية والأمنية على اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لمعاقبة منتهكي حقوق النساء.
وتطالب العديد من الجهات الحقوقية والأهلية منذ سنوات، الجهات التشريعية بسرعة إصدار قانون لحماية النساء، وتمكينهن من الدفاع عن أنفسهن، وتقول الناشطة الحقوقية بدرية الحاسي، لـ”العربي الجديد”، إن “مشروع قانون تجريم العنف ضد المرأة منظور أمام مجلس النواب منذ العام الماضي، من دون أن يناقش بشكل فعلي، وتشكيل هذه اللجنة ليس إلا تجاوبا مع موجة الجدل التي صاحبت تعرض بعض النساء للقتل من جانب أقاربهن خلال الفترة الماضية”.
وعبرت الحاسي عن مخاوفها من عودة مشروع القانون إلى أدراج الحفظ كما هو حال العديد من المشاريع الأخرى الخاصة بحقوق الإنسان، مشيرة إلى تعرض نساء ليبيا خلال السنوات العشر الماضية لأصناف مختلفة من العنف، منها الاختطاف، والتغييب في السجون، والقتل خارج القانون، بالإضافة إلى إهمال أوضاع المطلقات والأرامل، وبعضهن عشن ظروفاً قاسية بسبب النزوح والتهجير والحروب التي شهدتها البلاد.
وتضيف أن مشروع قانون تجريم العنف ضد المرأة الموجود بين يدي أعضاء مجلس النواب، هو “مشروع متقدم وواع بحقوق المرأة، وبصور الانتهاكات، فهو يجرم العنف الإلكتروني، ومنشورات الكراهية على مواقع التواصل الاجتماعي، ويحدد آليات الحماية، ومسؤوليات المؤسسات الحكومية والقضائية تجاه صور وأشكال العنف”.
وبينما تطالب الحاسي بضرورة توفير بيئة آمنة للمرأة في محيطها الأسري والاجتماعي، فإنها تؤكد أن “التجاوب الأهلي من المجتمع المدني والنشطاء كبير مقارنة بالتجاوب الرسمي، سواء من الحكومة، أو مجلس النواب، أو المجلس الأعلى للدولة، فهم يتعاملون مع قضايا المرأة بشكل لحظي يتماهى مع ما يجد من جرائم وأزمات، وباختفاء الجدل تختفي تصريحات المسؤولين، ويتراجع اهتمامهم بحقوق النساء”.
وترى المحامية الليبية، عفاف امسلم، أن “الخطوات المحرزة من جانب السلطات القضائية يمكن أن تشكل دافعاً للجهات الرسمية الأخرى لاتخاذ خطوات في اتجاه ضمان حقوق المرأة، ومنها قرار المجلس الأعلى للقضاء، الصادر خلال العام الماضي، والخاص بتشكيل محكمة متخصصة في العنف ضد المرأة تتبع دائرة الأحوال الشخصية بمحكمتي استئناف طرابلس وبنغازي”.
وتشير امسلم، خلال حديثها مع “العربي الجديد” إلى أن “هذا القرار يعد الأول من نوعه عربياً وأفريقياً، فلم يسبق أن شكلت أي دولة عربية أو أفريقية محكمة خاصة للنظر في دعاوى العنف ضد النساء، لكنه من جانب آخر مؤشر على تزايد أشكال العنف ضد المرأة في ليبيا”.
وتضيف: “عدم فاعلية هذه المحاكم يرجع إلى عدم تعاطي النساء، وأهاليهن، معها بداية من عدم التبليغ عن الجرائم والانتهاكات، لكن ذلك لا يلغي أننا تقدمنا خطوات في ملف المرأة عبر قرار تشكيل محاكم متخصصة”.
بدورها، تعتبر نورية الغرياني، في حديثها لـ”العربي الجديد”، أن إطلاق المفوضية العليا للانتخابات برنامجا لرصد العنف ضد المرأة في الانتخابات، وبدء دورات تدريبية على هذا العمل، مؤشر إضافي على التقدم الملحوظ في ملف حقوق المرأة.
وتشرح الغرياني، أن هدف البرنامج هو “تذليل كل العقبات التي تواجه المرأة من أجل ضمان حصولها على حقها الانتخابي، سواء كناخبة أو كمرشحة، وتوفير الحماية لها خلال الانتخابات”.
ووفقا للمفوضية العليا للانتخابات، فإن البرنامج يتضمن محاور عمل تشمل رصد مواقع التواصل الاجتماعي خلال الانتخابات، ومحاربة الأخبار المضللة والمغلوطة، وتوثيق العنف ضد المرأة خلال الانتخابات، وهو المحور الذي بدأت المفوضية تدريب عناصرها من النساء عليه، كما أشارت المفوضية إلى أنها بصدد إطلاق منصة إلكترونية لـ”رصد المخالفات الانتخابية، والعنف الإلكتروني الموجه ضد النساء، ووضع آليات للحد منه كونه يمثل عقبة خطيرة أمام مشاركة المرأة في العملية السياسية”.
وكان مقرراً إجراء الانتخابات الليبية في 24 ديسمبر 2021، لكن المفوضية أعلنت تعذر إجرائها بسبب قوة قاهرة، ومازال موعد إجرائها غامضاً حتى اليوم.