وال-
كشف مدير إدارة المختبرات والمكلف بتسيير الأعمال بالإدارة العامة للإصحاح البيئي، مصطفى اشتيوي، أن نتائج تحاليل العينات التي أُجريت على 169 شاطئا للاصطياف على امتداد الساحل الليبي، من رأس جدير غربا إلى مدينة مساعد شرقا، أثبتت وجود 30 عينة ملوثة من مجموع 170 عينة ما يعني بأن هناك 30 شاطئا غير صالح للتنزه والسباحة.
وقال اشتيوي في تصريح لصحيفة (الأنباء الليبية) أن جميع العينات جاءت من مديريات شؤون الإصحاح البيئي، وكان المعيار المعتمد لتحليل هذه العينات وتحديد نسب التلوث بهذه الشواطئ، هو المعيار الميكروبيولوجي، مبينا أن العينات أخذت بواسطة فريق المفتشين الصحيين، لتبيان حالة الشواطئ الليبية من الناحية البيئية والصحية، وللتأكد من وجود ملوثات بمياه الصرف الصحي من عدمها، إضافة إلى وجود الرائحة التي تُضفي دلالة على حالة الشواطئ الملوثة بمياه الصرف الصحي.
وأوضح “اشتيوي” أن التحاليل التي تمت على مستوى الساحل الليبي بالكامل، أجريت وفق مواد القانون الليبي للبيئة، التي تنص على وجوب تحسين وحماية البيئة، وعلى لزوم التأكد من الشروط الصحية لشواطئ الاصطياف، إضافة إلى قرار وزير الحكم المحلي الذي ينص عل ضرورة الاعتياد الموسمي على تحليل شواطئ الاصطياف على مرحلتين خلال السنة.
وكانت إدارة شؤون الإصحاح البيئي ببلدية طرابلس المركز أكدت في يوليو 2023 وجود 5 مصايف ملوثة بمياه الصرف الصحي في الواجهة البحرية لبلدية طرابلس المركز في المنطقة الممتدة من باب قرقارش غربا إلى قصر الضيافة شرقا من خلال العينات التي أحيلت إلى المختبرات المختصة.
وأكد بيان للإدارة وقتذاك أن سبب تلوث هذه الشواطئ التي يرتادها آلاف الأطفال والشباب من الذين تعوزهم الإمكانيات للذهاب إلى المصايف الخاصة البعيدة عن الأماكن الملوثة، يعود إلى ضخ مياه الصرف الصحي غير المعالجة في البحر.
ولفت البيان إلى أن معالجة مياه الصرف قبل ضخّها في البحر من اختصاص شركة المياه والصرف الصحي، التي تعاني، بحسب تصريحات متكررة لمسؤوليها، من قلة الموارد لإصلاح الأعطال في محطات المعالجة.
وقال مدير الإدارة العامة لشؤون الإصحاح البيئي بوزارة الحكم المحلي، إبراهيم بن دخيل من جهته إن الاحتفال باليوم العالمي للبيئة كان يتم في العادة بشكل تقليدي من خلال الندوات والمحاضرات غير أنه جاء هذا العام (أغسطس 2024) على شكل مؤتمر صحفي بحضور المواطنين والخبراء والمسؤولين، للإجابة على الأسئلة المطروحة من المواطنين، خاصة ما يتعلق بالشعارات التي تطلقها الإدارات والمؤسسات والجهات البيئية في ليبيا، ومدى توافقها مع شعارات البرنامج البيئي للأمم المتحدة.
وأضاف بن دخيل قائلا: “لقد حققنا نجاحات كإدارة للإصحاح البيئي مع وزارة التخطيط، عبر المشاركة بالعديد من النشاطات البيئية مع عدة منظمات بيئية، وقمنا بغرس 200 ألف شجرة، لمكافحة التصحر، رغم الإمكانات المتواضعة، ما يُعتبر إنجازا بيئيا، واستطعنا خلال 10 سنوات زراعة ما يقارب من ربع مليار شجرة”.
واستطرد أنه وفق شعار “أرضنا مستقبلنا”، تم خلق مفهوم المدرسة البيئية، وإجراء مسابقة للبيئة سنوية، لتكريم أفضل مدرسة صديقة للبيئة، في محاولة لإشاعة الثقافة البيئية في المدارس، وزرع مفهومها في عقول الأطفال والشباب.
وبشأن ما يُتداول بخصوص ما يسمى بتقييم الأثر البيئي الناتج عن عمليات التلوث، أوضح بن دخيل أن الإدارة العامة للإصحاح البيئي أجرت تحاليل للعينات التي أخذت من الشواطئ الليبية، (من الحدود التونسية غربا إلى الحدود المصرية شرقا) خلال عامي 2023 و2024، وهي المنطقة التي تشمل ثمان مديريات ساحلية و30 بلدية ساحلية وبها حوالي 170 مصيفا، مؤكدا أن 30 مصيفا ثبت وفق التحاليل أنها غير صالحة للسباحة أي بنسبة 19 في المائة من مجموع المصايف إلى جانب بعض المصايف الجبلية التي يتكون قاعها من الحجارة.
وأوضح أن نتائج التحاليل بينت أن جل العينات الملوثة هي التي استجلبت من الشواطئ القريبة من المدن، بسبب ضخ مياه الصرف الصحي غير المعالجة في البحر، في حين أن الشواطئ البعيدة عن المدن كانت مصايفها نظيفة، يمكن التنزه والسباحة فيها بأمان.
وأشار إلى أن الرسالة وصلت إلى المسؤولين في الحكومة، للاهتمام بصيانة محطات معالجة مياه الصرف الصحي، وبتطبيق الاشتراطات الصحية والبيئية على المنشآت المقامة على الشواطئ البحرية لمنع تلوث الشواطئ.
وذكر بن دخيل في هذا الصدد أن 75 محطة صرف صحي لا تعمل منذ عام 2009، وتم وفق بيانات الإدارة العامة لشؤون الإصحاح البيئي إعلام الجهات المسؤولة خلال السنوات الماضية بتلوث الشواطئ الليبية وبوجوب صيانة محطات معالجة مياه الصرف الصحي، غير أنه أفاد بأن تعاقدات قد تكون أبرمت مع بعض الشركات العالمية لإنشاء محطات للصرف الصحي وصيانة البعض الآخر، بهدف القضاء على نسبة كبيرة من التلوث المنتشر على الشواطئ الليبية، ولتكون جميعها آمنة للسباحة والتنزه.
ويقول الخبراء إن تصريف مياه الصرف الصحي وضخها في شواطئ المدن بدون معالجة يؤدي إلى تلوث البحار والمياه الجوفية والبحيرات والمحيطات، ويتسبب في قتل كثير من الحيوانات البرية والأحياء البحرية، وتدمير النظام الإيكولوجي في المنطقة.
ويُهدد تلوث الشواطئ صحة البشر الذين يستخدمون هذه المياه للسباحة أو الصيد، نظرا لانتشار الكثير من الأمراض المعدية مثل الكوليرا والتيفوئيد وانتشار البكتيريا والفيروسات المسببة للأمراض المسرطنة، والمزمنة كالتهاب الجلد والأمراض التنفسية وغيرها.
ويؤثر تسرب مياه الصرف الصحي، بحسب دراسات المؤسسات المختصة، على المناطق الساحلية المجاورة، ويُؤدي إلى تدهور جودة التربة والمياه الجوفية وتلوث المصايد الساحلية ما يُلحق أضرارا فادحة بالاقتصاد المحلي المعتمد على السياحة والصيد.
وتدعو المنظمات المحلية والدولية المختصة إلى معالجة مياه الصرف الصحي قبل تصريفها في البيئة، وإيجاد حلول بديلة لتصريفها بشكل صحي وآمن، وتعزيز الوعي البيئي واستخدام التقنيات المتقدمة لمعالجتها.