وال-
تتواصل معاناة مرضى الفشل الكلوي في ليبيا بسبب ما يواجهونه من نقص في الأدوية والإمكانات في مراكز غسل الكلى وزراعة الأعضاء، إذ تأثرت أوضاعهم الصحية بما تعانيه البلاد من فوضى الحروب والانقسامات السياسية والإدارية، وأدى ذلك إلى توقف العديد من مراكز غسل الكلى فترات طويلة قبل أن يستأنف بعضها العمل بدعم من جمعيات ومنظمات تشكلت لدعم هذه الشريحة.
وأعلن جهاز الإمداد الطبي الحكومي في ليبيا أخيراً وصول شحنات من لوازم تشغيل أجهزة غسل الكلى إلى مخازنه عبر ميناء طرابلس، وعزمه البدء في توزيعها على المراكز الصحية، لكن ذلك لم يمنع طبيب أمراض الكلى المهدي عرفة من السؤال عن أسباب عدم وجود مخزون كافٍ من الأدوية ولوازم تشغيل الأجهزة لمنع تعثر الرعاية الصحية بين فترة وأخرى.
ويقول عرفة لـ”العربي الجديد”: “كميات من لوازم تشغيل الأجهزة تصل إلى بعض المراكز الصحية، لكن ذلك يحصل على دفعات، إذ وصلت دفعة بعد نهاية تلك السابقة، ما أوقف عمليات غسل الكلى لفترات، وتسبب في مضاعفات لأوضاع المرضى”.
وكشف رئيس المنظمة الوطنية للتبرع وزراعة الأعضاء، محمود أبو دبوس، عن وفاة أكثر من 170 من مرضى الفشل الكلوي خلال العام الماضي، ويلقي باللوم على السلطات التي صرفت ميزانيات ضخمة لقطاع الصحة من دون أن تقدم ما يكفي لمرضى الكلى وغيرهم من المصابين بأمراض مزمنة.
ويلفت أبو دبوس إلى إنفاق أكثر من 13 مليار دينار على قطاع الصحة خلال ثلاث سنوات، ويؤكد أن أقسام ومراكز أمراض الكلى في عموم البلاد تشكو من انعدام الإمكانات والأدوية، باستثناء خمسة مراكز أو ستة. ويقول: “أكثر من ستة آلاف مريض ينفذون عمليات لغسل الكلى في نحو 90 قسماً ومركزاً في البلاد، وهذا الرقم المتداول بشكل واسع يشمل المرضى الذين يقومون بالغسل، في حين يخضع أكثر من عشرة آلاف مريض لمتابعة صحية، وهناك أكثر من 30 ألف مواطن مهددون بالمرض في البلاد”.
وفيما يشير أبو دبوس إلى عدم توفر البنى التحتية اللازمة لمواجهة هذا التحدي، مثل عدم تلبية مراكز صحية خاصة شروط توفير وحدات للعناية المناسبة بمرضى الكلى، يوضح الطبيب المهدي عرفة أن بعض المراكز الخاصة بغسل الكلى تفتقر إلى أدنى الإمكانات، مثل التحاليل الدورية اللازمة للمرضى الذين يضطرون للذهاب الى القطاع الخاص لإجرائها، ما يكبدهم تكاليف عالية.
ويتهم عرفة وزارة الصحة بـ”إيهام الناس بأنها تؤدي واجبها، في حين أن ما توفره هو الحدّ الأدنى لحقوق المرضى. وغالباً لا تتوفر إلا لوازم تشغيل أجهزة غسل الكلى التي تمنح على دفعات متقطعة تتركز في بعض المدن والمناطق الكبرى”.
وتتضاعف معاناة مرضى الكلى بسبب تنقلهم مسافات للوصول إلى مراكز الغسل في المدن والمناطق الكبرى، واضطرارهم أيضاً إلى انتظار دورهم وقوفاً، بحسب ما يقول عرفة الذي يؤكد تدهور الحالة الصحية لمرضى كثيرين بسبب عدم قدرتهم على الحصول على أنواع من الأدوية المهمة لإنقاذ حياتهم.
ويجزم عرفة بوجود كفاءات وطنية لإجراء عمليات زرع الكلى، وتوفير العناصر الخاصة بعمليات الغسل، لكنه يطرح السؤال “ماذا يمكن أن يفعل طبيب ومساعده إذا لم تتوفر الأجهزة والمعدات لإجراء هذه العمليات؟ وبعد نقل العديد من أقسام وزارة الصحة الى أجهزة مستقلة، من سنخاطب ونحاسب؟”.
ويطالب بضرورة وضع جهاز الإمداد الطبي تحت رقابة مشددة، وفرض نشره تقارير بالكميات التي يوردها مع تحديد الجهات التي تتسلمها منه لضمان عدم تسرّبها إلى السوق والمصحات والعيادات الخاصة في ظل تفشي الفساد في غالبية أجهزة الدولة.
وأخيراً، أعلن مكتب النائب العام عن إجراءات تشير إلى بدء العناية بملف مرضى الكلى، من بينها إعلان حبس مدير مركز غسيل الكلى بمركز الأبيار وأربعة مسؤولين بتهم التصرف في مبالغ مخصصة لصيانة مبنى المركز، وأيضاً حبس رئيس لجنة إعانة مرضى الأورام التابعة لحكومة مجلس النواب بسبب استبعاده عدداً من المرضى الذين استحقوا الحصول على الإعانة المالية وإدراج أسماء آخرين بدلاً منهم.