العربي الجديد-
صوّتت غالبية أعضاء مجلس النواب الليبي، خلال جلسة عُقدت في مدينة بنغازي اليوم الثلاثاء، لصالح قانون رفع الحد الأدنى للأجور إلى 1000 دينار (200 دولار) في القطاعين العام والخاص، فيما أكد رئيس المجلس عقيلة صالح أن التصويت على كامل مشروع قانون المرتبات الموحد سيكون خلال الجلسة المقبلة.
صالح أوضح أن الحد الأدنى للأجور في الدولة سيكون 1000 دينار، وفق مشروع قانون جدول المرتبات الموحد، والمقترح على الأعضاء حاليا سيطبق على القطاعين العام والخاص، مضيفا أن مقترح القانون في عدة جلسات. (الدولار=5 دنانير تقريبا).
يأتي ذلك لتقليص الفجوة بين الحد الأعلى والأدنى للرواتب والتي تصل إلى نحو 30 ضعفا.
وبلغ عدد العاملين في القطاع العام 2.3 مليون موظف حكومي في مختلف أنحاء البلاد حتى نهاية يونيو الماضي، أو ما يشكل 31% من عدد سكان ليبيا، البالغ 7.4 ملايين نسمة بنهاية عام 2019.
وقبل قرار الزيادة، كان الحد الأدنى للأجور يبلغ 450 دينارا (90 دولارا)، فيما شرعت حكومة الوحدة الوطنية بزيادة رواتب العاملين في القطاع العام عبر الجدول الموحد للرواتب، من أجل تقليص الفجوة بين الحد الأدنى والأعلى للأجور في سلم الوظيفة العامة.
أستاذ الاقتصاد في جامعات ليبيا أحمد المبروك قال إن ليبيا خفضت مداخيل الأفراد الحقيقية من أجل رفع سقف الرواتب، وهي قيمة اسمية فقط، برأيه، لأن الحد الأدنى للأجور كان عام 2012 يعادل 321 دولارا، بينما ارتفع الآن إلى نحو 200 دولار، فيما يعيش الناس حالا يطلق عليه الاقتصاديين اسم “الوهم النقدي”.
وفي تصريح لـ”العربي الجديد”، قال المبروك: “اقتصاديا، مُنح المجتمع قوة شرائية أكبر تتحول إلى طلب مرتفع على كل شيء، حيث إن الحرمان من الاستهلاك خلال الفترة الماضية جعل الميل الحدّي للاستهلاك مرتفعا لدى الفرد الليبي مع فترة ركود بسبب سعر الصرف الجديد وجائحة كورونا وحرب أوكرانيا، وبالتالي تذهب كمية من النقود لشراء السلع، مما يتسبب في زيادة الأسعار”.
من جانبه، دعا المحلل المالي معتز هويدي إلى ضرورة تقليص الكادر الوظيفي بنسبة 70% قبل الحديث عن أي زيادة، وقال لـ”العربي الجديد” إن الرواتب كما هو معروف تسمّى “الالتزامات الحتمية، أي أنها واجبة الدفع بغض النظر عن أي شيء آخر”.
وأضاف أن “هناك توظيفا عشوائيا جديدا في بعض القطاعات، مثل البلديات والحكومة المنافسة (الموازية) في شرق البلاد، وهي تقوم بتعيينات والعدد مرشح للزيادة، ما جعل فاتورة الرواتب تستحوذ على معظم الموازنة الحكومية”.
وتشكل الرواتب والأجور في آخر بيان صادر عن مصرف ليبيا المركزي بنهاية أغسطس الماضي، ما نسبته 42% من حجم الإنفاق العام، مع زيادة عدد الأشخاص في القوى العاملة بمعدلات أعلى.
كما يُخشى، بحسب الخبير، من مخاطر نمو الأجور والرواتب على نحو عشوائي غير مدروس على الموازنة العامة، خاصة أن 31% من سكان ليبيا يعملون في القطاع العام.
وتوقع وزير المالية بحكومة الوحدة الوطنية المؤقتة خالد المبارك، في فبراير الماضي، أن تصل قيمة بند الرواتب حال توحيدها في ميزانية 2022 إلى ما يقارب 55 مليار دينار نتيجة صرف الفروقات والتسويات منذ عام 2016.
وفي يونيو الماضي، قرر مجلس وزراء حكومة الوحدة الوطنية العمل بمقترحه لقانون الرواتب الموحد إلى حين إصداره “تحقيقًا لمبدأ العدالة الاجتماعية، وتلبية لتطلعات الشعب الليبي في الحياة الكريمة”.
وارتفعت فاتورة المرتبات من 8 مليارات دينار عام 2010 إلى 21.8 مليار دينار لعام 2020، وصفوف قطاعات ليبية واسعة تعتمد أساسا في معيشها على المرتبات الحكومية مع صعوبة السيطرة على النفقات كليا في ظل بناء الدولة على قاعدة غير مستقرة ماليا، مع الاستمرار في التوظيف غير الرشيد.
ولاحظ ديوان المحاسبة، عبر تقريره السنوي العام 2021، وجود ارتفاع ملحوظ في باب الرواتب مقارنة بالأعوام السابقة، حيث بلغت الزيادة عن العام 2020 نحو 5.8 مليارات دينار وبنحو 8.4 مليارات دينار عن عام 2015، الذي بوشر فيه تطبيق الرقم الوطني على الرواتب، وأرجع ذلك إلى التعيينات الجديدة والإفراجات والزيادات في الرواتب التي تمت خلال هذا العام.