اخبارالرئيسيةعيون

مجلس الدولة الليبي.. مساع لعقد انتخابات لحل أزمة تكالة والمشري

العربي الجديد-

يشهد المجلس الأعلى للدولة الليبي اتصالات مكثفة بين أعضائه للدفع نحو إجراء انتخابات مبكرة لمكتب رئاسة المجلس، فيما لا تزال جهود تقريب وجهات النظر بين الداعين للانتخابات المبكرة والرافضين قائمة. وتمخضت هذه التحركات، وفقا لدعوة من جانب أربعة أعضاء بالمجلس حظيت بتأييد 102 عضو (كامل أعضاء المجلس 142 عضوا)، عن عقد جلسة انتخابية جديدة لرئاسة المجلس يوم 22 يوليو الجاري، في محاولة جادة لطي صفحة الخلاف المستعصي بين رئيسيه المتنازعين خالد المشري ومحمد تكالة.

وفي تفاصيل هذه المبادرة، كشف عضو مجلس الدولة مرعي رحيل أن الوثيقة الموقعة من 102 عضو صدرت لتأييد مبادرة تقدم بها أربعة أعضاء من المجلس، تهدف للدعوة إلى انتخابات مبكرة لرئاسة المجلس. وأكد رحيل في حديث لـ”العربي الجديد”، أن جوهر المبادرة هو الحياد وعدم الانحياز لأي من طرفي النزاع، المشري أو تكالة، مشيرا إلى أن المساعي تجري بشكل مكثف لتوسيع دائرة المشاركة وإقناع الأعضاء الذين لم ينضموا بعد إلى المبادرة.

وعن تحديد يوم 22 يوليو الجاري موعدا للانتخابات، أوضح رحيل أن القصد هو استباق موعد الانتخابات الرئاسية السنوية المعتادة في مطلع أغسطس من كل عام، بهدف حسم الخلاف المستمر الذي أضر بسمعة المجلس وأعاق عمله وأدى إلى تداعيات سلبية متعددة. وأبرز رحيل سببا محوريا آخر للانتخابات المبكرة يتمثل في أن إجراء الانتخابات في موعدها السنوي يتطلب وجود رئيس للمجلس يرأس الجلسة، وبوجود النزاع الحاد وتمسك كل من المشري وتكالة بشرعية رئاسته، يستحيل عقد الجلسة في موعدها، ما يهدد بشلل مؤسسي جديد.

وأضاف رحيل أن المبادرة الرباعية تقترح أن يترأس جلسة الانتخاب المبكرة أحد الأعضاء الأربعة مقدمي المبادرة أنفسهم، مشيرا إلى نقطة قانونية جوهرية مفادها أن الولاية القانونية لأي من تكالة والمشري تنتهي فعليا مع دخول شهر أغسطس المقبل بموجب النظام الداخلي، وبالتالي فإن استمرار الخلاف دون حل سيدفع بالمجلس إلى سنة أخرى من الشلل والانقسام.

ورغم عدم الإعلان عن المبادرة، وبعد لحظات من تسريب غير رسمي للوثيقة التي تحمل توقيع 102 عضوا، أصدر المشري بيانا وقعه بصفته رئيسا للمجلس الأعلى للدولة، نفى فيه بشكل قاطع ما وصفها تداولات حول اتفاق الأعضاء على عقد جلسة لانتخاب رئاسة جديدة، وقال إن الأنباء “عارية من الصحة تماما ولا تستند إلى أي مصدر رسمي داخل المجلس”.

وجدد المشري التأكيد على تمسكه “بأحكام القضاء الليبي، الذي فصل بصحة انتخابه رئيسا للمجلس الأعلى للدولة”، في إشارة واضحة إلى حكم المحكمة العليا، الذي صدر في نهاية مايو الماضي وقضى بعدم قانونية انتخابات مبكرة عقدها تكالة في نوفمبر الماضي بشكل أحادي، وفاز فيها برئاسة المجلس، وهو ما اعتبره المشري حكما لصالحه. واعتبر المشري أن “تداول مثل هذه الأخبار الزائفة في هذا التوقيت الحساس يهدف إلى التشويش على المسار التنفيذي الذي أطلقه رئيسا المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب خلال لقائهما في السابع من يوليو الماضي”، دون أن يحدد مكان هذا اللقاء، لكنه أشار إلى الاتفاق خلاله على “تشكيل حكومة ليبية جديدة وموحدة”.

وعلى الرغم من عدم الإعلان رسميا عن لقاء المشري ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح وهدفه، إلا أن تداول وسائل إعلام ليبية أنباء عن أنه جرى الأسبوع الماضي في الإسكندرية، أثار جدلا حول فحواه المتعلق باتفاق المشري وعقيلة على تشكيل حكومة جديدة موحدة، وكذلك حول خطاب وجهه عقيلة إلى عدد من المؤسسات الليبية القضائية والمالية وأكد فيه اعترافه بشرعية المشري رئيسا للمجلس الأعلى للدولة فقط.

وعلى الفور أصدر تكالة بيانا استنكر فيه بشدة ما وصفه بـ”تدخل مجلس النواب في الشأن الداخلي للمجلس الأعلى للدولة”، وذكر أنه تابع “باستغراب شديد” ما ورد في خطاب عقيلة بشأن منحه صفة الرئاسة لخالد المشري، ومخاطبته بذلك عددا من الجهات السيادية. وأكد تكالة على مبدأ استقلالية كل مجلس تشريعي وفقا للاتفاق السياسي المعتمد دوليا، قائلا: “إن السلطة التشريعية في ليبيا مكونة من غرفتين مستقلتين، وإن لكل مجلس حق تشكيل رئاسته ومكاتبه دون تدخل من الآخر”.

وتعود جذور هذه الأزمة العميقة التي تعصف بالمجلس الأعلى للدولة إلى انتخابات مكتب الرئاسة التي جرت في مطلع أغسطس من العام الماضي 2024، وأسفرت عن نتيجة متقاربة، حيث حصل المشري على 69 صوتا مقابل 68 صوتا لتكالة. غير أن الجدل انفجر حول قانونية أحد الأصوات الذي أدلى به أحد الأعضاء، حيث كتب اسم محمد تكالة في غير المكان المخصص في ورقة الاقتراع، ما اعتبر تزييفا في طريقة الانتخاب. ودفع هذا الخلاف حول صحة التصويت الطرفين إلى اللجوء للقضاء الليبي طلبا للفصل، دون أن يحسم القضاء الخلاف، وهو ما زاده تعقيدا، إذ صدرت سلسلة من الأحكام المتضاربة من محاكم ليبية مختلفة، كان آخرها حكم المحكمة العليا الذي استند إليه المشري لتأكيد شرعيته، بينما يرى تكالة وفريقه أن هذا الحكم لا يلغي شرعيته هو الآخر.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى