الناس-
توجه آلاف الشباب الليبيين نحو الأراضي الفلسطينية مشاركين في معارك ضد الاحتلال الإسرائيلي في غزة، وبنت جبيل، وبئر السبع، والعسلوج، وعيطرون، ودير البلح، وبيت لحم، والفالوجا، والجولان، ومرج عيون، وسلسلة من المواقع الأخرى امتدت لنحو عام بين مايو 1948 ومايو 1949م.
لا يكاد يذكر ذاك التاريخ الجهادي الليبي في فلسطين، وهو جدير بأن يحتفى به في هذه الأوقات الذي يتعرض فيه الشعب الفلسطيني للإبادة، يقابله مساع للتطبيع مع العدو الصهيوني الغاصب، وروح انهزامية متخاذلة تتسرب لبعض الشباب الليبي، يمكن ملاحظتها بوضوح عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
فما أحوجنا اليوم لإعادة نشر روايات شهود العيان ممن شاركوا في تلك الحروب، ومنها رواية “صراع الفدائيين.. الفدائيون الليبيون في حرب فلسطين 1948” لمؤلفه الفدائي “محمد عريبي” الذي يروي قصة رحلته من بيته في طرابلس تاركا مقاعد دراسته وصولا إلى فلسطين مجاهدا، وحتى عودته “مكرها” للوطن.
ورواية المجاهد “السنوسي شلوف” وتفاصيل الكتيبة الليبية “عمر المختار” وطريقها للوصول لفلسطين، وتفاصيل المعارك التي خاضتها، وأسماء الشهداء والجرحى في كتابه ” صور من جهاد الليبيين بفلسطين” الصادر في طبعته الأولى معززا بالصور سنة 1980.
وقد كان لمركز الدراسات والوثائق التاريخية مشروعا لم يكتمل، كان من ثمرته كتاب “المجاهدون العرب الليبيون في حرب فلسطين” لمعده ” أبو سيف الجبو” الصادر عام 2000، جُمع فيه أسماء وصور ومعلومات لعدد (278) مجاهد ليبي شاركوا في أولى عمليات التصدي لاحتلال فلسطين، وقائمة بأسماء (491) مجاهد وردت أسمائهم في سجلات جامعة الدول العربية.
آخر الكتب صدر عام 2023 بعنوان “مجاهدون في فلسطين من مدينة هون 1948” أعده “بدر يوسف جمال” من منشورات جمعية ذاكرة المدينة، يقع في 206 صفحة، يضم ملحق بالصور والوثائق، يتناول مشاركة أهالي مدينة هون في الجهاد ضد الصهاينة.
إن إعادة طبع وترويج هذه الكتب يبدو من الأهمية بما كان، وفاء لسيرة أولئك الأبطال، وشحذا لهمم أجيال اليوم نحو قضيتهم الأولى، وتصديا لتيار يعمل دون هوادة لمنع وصول وصية المجاهد “محمد عريبي” لأحفاده إذ يقول:
“أحببت أن أروي قصتنا لأبنائي ليحفظوا عهد آبائهم ويوطنوا النفس على تحرير وطنهم مهما طالت الأجيال…”
