عربي 21-
طرح مقتل قائد مجموعات مرتزقة فاغنر، يفغيني بريغوجين، ونائبه في تحطم طائرة كانوا على متنها شمال العاصمة موسكو الأربعاء، تساؤلات حول مصير تلك القوات التي توجد في ليبيا، وتتمركز في مواقع مختلفة جنوب وشرق البلاد.
وذاع صيت قوات فاغنر، وكُشف عن وجودها في ليبيا للمرة الأولى، إبان الهجوم الذي شنه حفتر للسيطرة على العاصمة طرابلس، في أبريل 2019 ، إذ استعان بهم حفتر ودفع بهم إلى جبهات القتال خصوصا جنوب العاصمة؛ في محاولة للسيطرة على مقاليد الحكم آنذاك، لكن مخططاته باءت بالفشل، واضطر إلى الانسحاب شرقا، بعد أشهر من القتال العنيف، مخلفا وراءه دمارا واسعا في الأرواح والممتلكات.
ومنذ ذلك الحين، أعادت قوات فاغنر تمركزها في عدد من المواقع والقواعد العسكرية الاستراتيجية في جنوب وشرق البلاد بالتنسيق من قوات حفتر، في حين أصبح وجودها على الأراضي الليبية مثار جدل محلي ودولي، بينما لم تفلح كل القرارات والجهود الأممية في دفعهم إلى مغادرة البلاد.
ولاشك أن بريغوجين ونائبه ديمتري أوتكين، الذي كان قائدا لفاغنر، في أثناء الهجوم على طرابلس عام 2019، كانا يسيطران على “فاغنر” ويحظيان بولاء أعضائها وقادتها، وظهر ذلك جليا حين ساند هؤلاء تمرد بريغوجين على الكرملين، في يونيو الماضي على خلفية الحرب الأوكرانية، حيث وصلت الأزمة حد تحرك تلك القوات عسكريا نحو موسكو، قبل أن يتدخل الرئيس البيلاروسي لنزع فتيل الأزمة.
ومرجحا إعادة ترتيب قوات الفاغنر، يرى الكاتب والمحلل السياسي الليبي، فرج دردور أن تلك القوات نشرت نفوذها الواسع في ليبيا، وتسيطر حاليا على مراكز حيوية ومهمة مثل بعض الحقول والموانئ النفطية، وأصبحت تؤثر في القرار السياسي والأمني الليبي، حتى وصلت إلى حد تمرير شروط عبر وكلائها المحليين لإنهاء الانقسام في مؤسسات الدولة.
ويعتقد دردور أن ليبيا تعدّ محطة مهمة بالنسبة لروسيا، إذ تعدّ محطة وقاعدة خلفية ولوجستية مهمة لانطلاق عمليات فاغنر في بلدان أفريقية، مضيفا: “فاغنر سوف تبقى في ليبيا، خصوصا في ظل الغموض الذي يلف أعدادهم وأماكنهم وطريقة تحركهم”.
ولفت دردور في حديث خاص لـ”عربي21″، إلى أن “فاغنر” قدمت خدمات جليلة لروسيا، وعملت بطريقة حرفية في أفريقيا، خصوصا في مالي والنيجر وساحل العاج وغيرها من الدول، دون أن تترك بصمات تورط الحكومة الروسية بشكل مباشر، ما يعني أنها أداة مفيدة للكرملين، مشيرا إلى أن روسيا ما زالت بحاجة إلى مثل هذه الشركات العسكرية، للقيام بأدوار في دول عدة نيابة عنها، دون أن تضطر لدفع ثمن سياسي ومادي باهظ.
ويتوقع المحلل السياسي أن تذهب موسكو نحو ترتيب أوراق الشركة العسكرية، بعد أن تخلصت من قائدها، وذلك بوضع قائد جديد يعمل بنفس الطريقة، “ولربما سوف تتلقى دعما أكبر من الحكومة الروسية، بعد أن يتأكد الرئيس الروسي من ولاء الشركة المطلق له، وضمان ألا يعود سيناريو التمرد الذي قاده بريغوجين سابقا”، وفق دردور.
مستقبل فاغنر
صحيفة الغارديان البريطانية، قالت في تحليل للصحفي، جايسون بيرك؛ إن مقتل زعيم مجموعة فاغنر سيكون له عواقب وخيمة على عدد كبير من الأنظمة وأمراء الحرب في أفريقيا.
وشددت على أن ليبيا كانت ضمن اتفاق على مدار سنوات، سمح لبريغوجين بتوسيع النفوذ الروسي في أفريقيا، حيث نشر ألف مقاتل لفاغنر في ليبيا “تحت قيادة اسمية” تابعة لحفتر، ما سمح بالتمدد أفريقيا، والاستفادة من الثروات هناك واستخراج كميات كبيرة من الذهب.
وحول مستقبل فاغنر في ليبيا وأفريقيا عموما، لفتت الصحيفة إلى أن مقتل يفغيني قد يعزز يد الكرملين في أفريقيا بين الجهات الفاعلة القوية، التي اعتمدت على شبكة فاغنر لتعزيز قوتها، ورجحت أن تتولى وزارة الدفاع الروسية والمقاولون العسكريون الخاصون التابعون لها بشكل أساسي العمليات العسكرية والاقتصادية لمجموعة فاغنر.
وكان نائب وزير الدفاع الروسي، يونس بيك يفكيروف ووفد عسكري مرافق له، التقى الثلاثاء حفتر في قاعدة الرجمة شرق مدينة بنغازي، في زيارة يربطها الكاتب والمحلل السياسي، صلاح البكوش بمقتل يفغيني بريغوجين، ومساعي موسكو لترتيب أوراق “فاغنر” في ليبيا.
ويستبعد البكوش أن يتأثر وجود فاغنر ومهمتها الاستراتيجية في ليبيا برحيل زعيمها، بريغوجين، باعتبار أن هذه المجموعة العسكرية تعد ذراعا للحكومة الروسية، وتوفر لها تدخلا فاعلا في ليبيا ودول أخرى، دون تكاليف مادية وسياسية كبيرة.
ويعتقد البكوش في حديثه لقناة ليبيا الأحرار، أن روسيا ستتولى قيادة قوات فاغنر في ليبيا والدول الأفريقية بطريقتها، استمرارا لسياستها في مد النفوذ، مشددا على أنه ليس من قبيل الصدفة أن روسيا الآن صديقة لمجموعة من الدول الأفريقية يقودها انقلابيون وديكتاتوريون، وعلاقتها بحفتر تندرج تحت هذا الإطار.