العربي الجديد-
أعلن مجلس النواب الليبي عن إقرار تعديل على الإعلان الدستوري (الدستور المؤقت) ليكون أساساً لقاعدة دستورية لإجراء الانتخابات المؤجلة منذ أكثر من عام، بعد يوم فقط من إنجاز المجلس الأعلى للدولة دوره في ملف المناصب السيادية.
ومن المرجح أن يحال التعديل الدستوري إلى مجلس الدولة ليصوت عليه ويصبح نافذاً، ويتم المرور إلى مرحلة إعداد القوانين الانتخابية، وإعلان المجلسين أنهما انتهيا من توضيح الإطار العام للانتخابات وتفاصيلها.
كما أنه من المرجح أن يقرر المجلسان دفع التعديل الدستوري، بعد اعتماده قاعدة دستورية للانتخابات، للاستفتاء عليه من قبل الشعب، بهدف تحصينه أمام أي طعون.
الكثير من الجوانب في هذا التعديل لا يزال يحيط بها الغموض، ومنها لماذا تم نقل بنود الوثيقة الدستورية، التي تم التوافق عليها بين رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، في القاهرة الشهر الماضي، لتكون ضمن “الإعلان الدستوري”؟ ثم الولوج إلى أسئلة أخرى تتعلق بشكل التعديل، خصوصاً في مادة السلطة التشريعية المقبلة وكيفية توزيع مقاعدها عند انتخابها بالتساوي بين “طرابلس وبرقة وفزان”، في غرفتين يجمعهما مسمى “مجلس الأمة”.
والمطالع لهذا التعديل سيدرك لأول وهلة أن عملية استنساخ جرت فيه من دستور ليبيا عند استقلالها في العام 1951، على ثلاث ولايات (طرابلس، وبرقة، وفزان)، على الرغم من أنه تم تعديل دستور الاستقلال عام 1963، بعد أن توحدت الأقاليم الثلاثة، وصارت البلاد وحدة واحدة. فلماذا تمت العودة إلى المربع الأول، وما الغرض من ذلك؟
ظهر مبدأ المحاصصة بين الأقاليم الثلاثة منذ انتخاب اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور في 2012، استنساخاً للجنة التي كتبت دستور الاستقلال قبل 1951، بواقع 20 نائباً عن كل إقليم، وسميت بذات الاسم القديم: “لجنة الستين”.
وتالياً، ومع تزايد حدة الصراع كان مبدأ المحاصصة الحل، وكأن الصراع هو بين أطراف ليبيا الثلاثة. وكان آخر تلك المحاصصات، المحاصصة في ملف المناصب السيادية خلال لقاءات مجلسي النواب والدولة في أبوزنيقة المغربية، وهو الملف الذي ضغط عقيلة صالح بكل قوة ليكون تمريره من جانب مجلس الدولة شرطاً للتقدم في ملف الانتخابات وإطارها الدستوري.
التطور الجديد هو أن التعديل الدستوري الجديد لم يستخدم التوصيفات والتعبيرات السابقة “الجهات الثلاث”، بل ضمن أسماء هذه الجهات بكل صراحة، طرابلس، وبرقة، وفزان، في مواد التعديل، في خطوة أكثر مجاهرة نحو تكريس هذا المفهوم وتعميقه ليصبح واقعاً. واستخدم في تسمية الإطار التشريعي ذات المسمى القديم “مجلس الأمة” عندما كانت البلاد مقسمة لثلاث ولايات!
والسؤال الملح، هل كان وراء الوصول إلى هذه المرحلة تخطيط ما لوصول البلاد إلى مرحلة التقسيم، أم أن الحل الفيدرالي بات يفرض نفسه كحل واقعي لأزمة البلاد.