عربي 21-
أثارت المعلومات التي كشفها تحقيق استقصائي لعدة مؤسسات إعلامية عن تورط كتيبة “طارق بن زياد” التابعة لقوات حفتر في تعذيب وتهريب مهاجرين غير شرعيين بعض الأسئلة عن رد الفعل الأوروبي ضد هذا الملف الحساس وإمكانية فرض عقوبات على قوات “حفتر”.
وذكر التحقيق، الذي نفذته وسائل إعلام غربية، أن “الكتيبة التي يرأسها صدام نجل حفتر ووكالة الحدود التابعة للاتحاد الأوروبي “فرونتكس” والحكومة المالطية متورطون في التعذيب والاتجار بالمهاجرين، وأن الوكالة وسلطات مالطا قاموا بإرسال إحداثيات قوارب المهاجرين الذين يحاولون الهرب من ليبيا إلى كتيبة “طارق بن زياد” التي قامت بإرجاعهم من البحر المتوسط”.
“اتجار وتعذيب وانتهاك”
وكشف التحقيق الذي أجرته كل من “لوموند الفرنسية، ودير شبيغل الألمانية، ومالطا توداي، والجزيرة الإنجليزية، ومنصة لايت هاوس ريبورتس” أن “الكتيبة تقوم بتشغيل سفينة في المتوسط منذ مايو الماضي واعترضت أكثر من 1000 مهاجر وأعادتهم إلى ليبيا بمساعدة طائرات مراقبة أوروبية متورطة معها”، وفق التحقيق.
وأشار التقرير إلى أن “الكتيبة قامت بعمليات تعذيب واتجار بهؤلاء المهاجرين وطلب فدية من ذويهم في بعض الحالات، وأن بعض دول الاتحاد الأوروبي على دراية بالطبيعة غير المشروعة للعديد من أنشطة كتيبة “صدام حفتر” بما في ذلك الاتجار بالبشر”.
“قرصنة مقننة”
وأكدت خبيرة القانون الدولي في جامعة مونستر الألمانية، نورا ماركارد أن “ما تفعله كتيبة “طارق بن زياد” التابعة لحفتر هو عملية اختطاف أكثر من كونها عملية إنقاذ”، مضيفة: “كل ما عليك فعله هو أن تتخيل القراصنة وهم يعلنون أنهم سيتعاملون مع حالة استغاثة ثم يقبضون على المهاجرين، مؤكدة أنه لا ينبغي لفرونتكس ومراكز تنسيق الإنقاذ الوطنية تقديم معلومات إلى أي جهات فاعلة ليبية”.
ولم يصدر أي تعليق من قبل القوات التابعة لحفتر أو الكتيبة حتى الآن تعليقا على التحقيق الذي دعم معلوماته بتسريبات صوتية وصور للمهاجرين واختطافهم.
فهل يسبب تورط “حفتر” في ملف المهاجرين غير الشرعيين والاتجار بهم غضبا أوروبيا ضده خاصة من إيطاليا؟
“عقوبات ضد مالطا وليس حفتر”
في حين رأى عضو التكتل السياسي لإقليم “فزان” (الجنوب الليبي)، وسام عبد الكبير أن “ليبيا لها أساليب خاصة للتعامل مع ملف الهجرة غير الشرعية منذ زمن القذافي، فهي دوما تقوم بابتزاز الجانب الأوروبي حول عمليات عبور المهاجرين”.
وأوضح في تصريحه لـ”عربي21″ أن “التحقيق الأخير يثبت تورط القوات المسلحة المالطية في هذه العمليات وتعاونها مع كتيبة “طارق بن زياد” التابعة لحفتر، لذا أعتقد أن الغضب الأوروبي يفترض أن يوجه ضد مالطا المتورطة في الأمر ربما بضوء أخضر أوروبي”، وفق تقديره.
وتابع: “لا أتوقع أن هذه العمليات سينتج عنها غضب أوروبي أو إيطالي ضد حفتر كون هناك دول متورطة معه، ويظل ملف الهجرة غير الشرعية ملفا شائكا ومعقدا وأكبر من إمكانات الدولة الليبية والتي تبقى دولة عبور وليست دولة منشأ”، كما قال.
“استفادة مادية”
الصحفي من الشرق الليبي، محمد الصريط قال من جانبه إن “ملف الهجرة ملف شائك ومعرقل للاستقرار في ليبيا كما أن تهريب البشر معضلة تعاني منها أوروبا وليبيا باعتبار أن ليبيا بلد عبور وأوروبا بلد الهدف، ومؤخرا تغير الأمر للأحسن حيث بدأت القوى السياسية والعسكرية في تنفيذ بعض السياسات التي ساهمت في التقليل من هذه التجارة”.
واستدرك قائلا: “لكن هناك بعض القوى العسكرية غير المنضبطة تستخدم هذه الممارسات للاستفادة منها ماديا وهذه الممارسات هي محرك يغذي ويمول بعض المجموعات من خلال استخدام المهاجرين كسلعة، وبخصوص الغضب الأوروبي فإن أوروبا نفسها لا زال أمامها الكثير من الوقت لتنظم نفسها لتواجه هذه الآفة”، وفق تصريحه لـ”عربي21”.
“مليشيات إجرامية”
الناشط السياسي الليبي المهتم بملف الهجرة غير الشرعية، إسماعيل بازنكة رأى أن “أزمة المهاجرين غير الشرعيين هي جزء من الصراع الأوروبي الداخلي والاختلاف في معالجة الأزمة، وتضطر بعض دول الاتحاد الأوروبي للجوء إلى وسائل غير قانونية للتعاطي مع المشكلة ومنها التعاون مع مليشيات إجرامية وغير قانونية لوقف تدفق موجات الهجرة”، في إشارة لكتيبة “طارق بن زياد”.
وقال لـ”عربي21″: “هذه الميليشات لها سوابق في الاتجار بالبشر واستغلال أزمة الهجرة غير الشرعية سواء في غرب ليبيا أو شرقها، وهذا نتيجة رفض بعض دول الاتحاد الأوروبي اللجوء للوسائل الآمنة لحل المشكلة من جذورها مثل سبب هذه الهجرة أصلا والفقر والحروب في البلاد التي يهرب منها المهاجرون وبعض هذه الحروب والفقر تسببت فيها دول أوروبية، لذا عليها حل الأزمة من جذرها”، وفق تعبيره.