عربي 21-
أثارت الاتهامات التي وجهها النائب العام الليبي الصديق الصور، لحكومة عبد الحميد الدبيبة بشأن أزمة التطبيع، إلى جانب تورط حفتر في كارثة درنة والهجوم على عدة وزارات، وكشف عدد من القضايا والتزوير في الرقم الوطني؛ تساؤلات عدة عن تداعيات هذه الاتهامات وسر توقيتها.
وقال الصور خلال مؤتمر صحفي إنّ “قرابة 76 ألف دعوى جنائية منظورة لدى النيابة لسنة 2023، بينها ما يزيد على الـ12 ألف جريمة منظمة”، منوهاً إلى أن النيابة العامة أصدرت 400 أمر قبض محلي، و9 نشرات دولية لجلب المتهمين الموجودين خارج ليبيا، وتحديداً المقيمين في تونس ومصر والإمارات والسعودية.
وتناول النائب العام في حديثه أزمة التطبيع التي تورطت فيها وزيرة خارجية الدبيبة، نجلاء المنقوش، مشدداً على أنه خاطب جهاز المخابرات العامة مرتين بشأن هذه الأزمة، وطلب من الحكومة نتائج تحقيقها الإداري الذي أعلنت عنه الأشهر الماضية، لمعرفة تفاصيل المعلومات الاستدلالية عن اللقاء، لكنه لم يتلقَ رداً.
ولفت إلى أنه أصدر قراراً بإيقاف الصفقة النفطية بين حكومة الدبيبة ودولة الإمارات في حقل الحمادة النفطي، استناداً إلى بلاغ من وزير النفط، وأن تحقيقات النيابة بهذا الخصوص مستمرة.
وبخصوص كارثة مدينة درنة الأخيرة، أكد الصور أنه “كان في المستطاع تلافي وقوع الكارثة إن أخذ المسؤولون في شرق ليبيا (حفتر وحكومته) توصيات مكتب استشاري سويسري، فكل المسؤولين من سنة 2003 إلى وقت انهيار السد متورطون في الكارثة، والموقفون على ذمة القضية 14 متهما، في اتهام ضمني لحفتر بالتسبب في الكارثة”.
فما تداعيات اتهامات النائب العام وفتح النار على الجميع شرقا وغربا؟ وهل تصدر أحكام بالحبس لأي مسؤول كبير حاليا؟
من جهته، أكد عضو كتلة التوافق بالمجلس الأعلى للدولة الليبي، خليفة المدغيو أن “هذه التصريحات من قبل النائب العام هي نتيجة تحقيقات مهنية، ونحن نحتاج لتوصيف صحيح للحالة الليبية بدون زيف أو تضليل لاتخاذ القرار المناسب سواء على الصعيد السياسي أو الشعبي”.
وأوضح في تصريحات لـ”عربي21″ أن “ما تم كشفه هو جزء قليل من كثير، لذا نرى ضرورة اختيار شخصية وطنية لها الإرادة لمكافحة الفساد واسترداد القرار الوطني ومنحها الثقة من البرلمان ولها الحرية في تشكيل حكومة تكون مسؤولة أمام الجهات التشريعية والرقابية”، وفق تقديره.
حراك شعبي ودستوري
في حين رأت عضوة هيئة صياغة الدستور الليبي، نادية عمران، أن “ما صرح به النائب العام هو جزء يسير من منظومة الفساد المستشرية في أنحاء البلاد، وأن الأجسام الحالية أصبحت تقتات على الانقسام والخلافات والتجاذبات في ظل عدم المحاسبة والمساءلة والغياب الواضح للأجهزة الرقابية”.
وأضافت عمران في تصريح لـ”عربي21″: “هذا الفساد وغياب الرقابة أصبحت أمورا واضحة وإنكارها لم يعد مجديا، لذا جاءت تصريحات النائب العام، ونود أن تكون الخطوة دافعة للفاعليات الشعبية والنخب ومؤسسات المجتمع المدني للضغط والدفع باتجاه الاستفتاء على الدستور، وإجراء الانتخابات لإنهاء المراحل الانتقالية وإنهاء وجود هذه الأجسام التي استنزفت أموال الليبيين”، وفق قولها.
أستاذ القانون العام بالأكاديمية الليبية للدراسات العليا، مجدي الشبعاني، قال من جانبه إن “هذه المعلومات جاءت محض مكاشفة أو من باب الشفافية لمؤسسة النيابة، لإطلاع الرأي العام الليبي على ما جرى في بعض الملفات المهمة التي تعنيه مثل: ملفات الفساد، وتحقيقات كارثة درنة، وكذلك الملفات المتعلقة بالفساد في أحوال الأرقام الوطنية المتعلقة بالانتخابات، التي تعنى بالشأن الليبي وكذلك مسألة التطبيع والمسببات”.
وأكد أن “النيابة العامة بعيدة تماما عن أن تفتح النار أو تكون طرفا سياسيا، وهي محكومة بقانون الإجراءات الجنائية الليبي، ومحددة بمبدأ الشرعية “لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص”، وبالتالي لا نطلب من النائب العام ما لا يستطيع القيام به، وفي إطار القانون الليبي الكل مشتبه به، حتى توجد قرينة أو دليل يمكن من خلالها تسليط الاتهام عليه”، وفق معلوماته القانونية.
وتابع لـ”عربي21”: “النائب العام اتهم أطرافا معينة في عدة ملفات، ولا بد أن يمر هذا الاتهام من خلال غرفة الاتهام التي يترأسها قاضي التحقيق، أي أن مرحلة الاتهام في ليبيا تمر بمرحلتين، وقد سددت غرفة الاتهام في أغلب المرات قرارات النائب العام ما يدل على حياديته ومهنية الأطراف”، بحسب تعبيره.
رسالة للمجتمع الدولي
الباحث الليبي المتخصص في إدارة الأزمات، إسماعيل المحيشي، رأى أن “هذه التصريحات تؤكد أنه لم تعد هناك دولة متماسكة للتصدي لهذا الفساد المستشري في أجهزة الحكومة بصفة عامة، وأصبح هناك قصص من الخيال في الفساد والنهب وسرقة المال العام، وتعتبر هذه التصريحات بمثابة ناقوس الخطر على كيان الدولة الليبية”.
وأشار إلى أن “الأمر أيضا يعد بمثابة رسالة للأطراف الدولية للبحث عن نهج أو مسار جديد لتوحيد السلطة التنفيذية وحلحلة الكثير من التحدبات، وأهمها قضايا الفساد العام، خاصة أن الأطراف الدولية تتحمل جزءا كبيرا من هذه التحديات، كونها لم تلتزم بتوازن السلطات الممنوحة لها بحسب اتفاق جنيف”، كما صرح لـ”عربي21”.