العربي الجديد-
أثارت الاتهامات التي أطلقتها الممثلة السابقة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا ستيفاني ويليامز ضد حفتر وأبنائه أسئلة حول أهداف الخطوة الآن، وما إذا كان الأمر يعبر عن موقف رسمي من قبل واشنطن أم هجوم فردي من قبل ويليامز؟
وكشفت ويليامز عن وجود تنافس محموم بين أبناء حفتر على خلافة والدهم، في وقت يستمر والدهم في التودد إلى مجموعة من كبار المسؤولين المدنيين والعسكريين والمخابرات الدوليين، دون كشف طبيعة التودد أو أسماء المسؤولين.
“توريث وتجارة بشر“
وذكرت الدبلوماسية الأمريكية في مقال نشره مركز أبحاث “بروكينغز”، أن “هناك إجماعا على أن الوريث العسكري لحفتر، هو نجله صدام، الذي تمت ترقيته مؤخرًا إلى رتبة لواء استعدادا للسيطرة على القوات المسلحة في ليبيا”، مشيرة إلى أن هناك مؤشرات على تورط صدام بشكل متزايد في أنشطة تهريب البشر، وفق كلامها.
وأكدت أن “رحيل حفتر قد يسبب بعض الاضطرابات في شرق ليبيا، إلا أن انتقال المناصب إلى الجيل القادم يمكن أن يكون سلسًا نسبيًا، حيث إن حفتر كان عنيفا في قمع المعارضة وحتى استباقها، كما حصل مؤخرا مع وزير الدفاع السابق، المهدي البرغثي”.
“دور مصر“
وأشارت وليامز إلى أن لمصر مصلحة راسخة في ضمان استمرارية قوات حفتر وسيطرتها في شرق ليبيا، وهي المنطقة التي تعتبر عمق مصر الاستراتيجي، خاصة بعدما فرضت عائلة حفتر سيطرتها تماما على هذه المنطقة وكذلك الجنوب الليبي.
فما وراء هذه الاتهامات والهجوم من قبل ويليامز المعروفة بقربها من أصحاب القرار الأمريكي؟.. وهل هو رد على تقارب حفتر مع روسيا وإنشاء قاعدة عسكرية لها هناك؟
“رد على القاعدة الروسية“
من جهته قال عضو المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، محمد معزب إن “حديث ويليامز عما يجري في الشرق الليبي في هذا الوقت بالرغم من أن الحوادث التي استشهدت بها ليست جديدة يدل على الهواجس التي انتابت الولايات المتحدة من تواجد القوات الروسية على الأراضي الليبية”.
وأوضح في تصريحات لـ”عربي21″ أن “الأمر مختلف هذه المرة كون المتواجد هي قوات روسية تابعة للجيش الروسي وليست قوات مرتزقة أو شركة خاصة كما كانت في السابق (فاغنر)، وهذه الهواجس أصبحت تؤرق الإدارة الأمريكية وربما يزداد النفوذ الروسي بإنشاء قاعدة عسكرية روسية على الأراضي الليبية وقد نشهد ذلك قريبا”، حسب تقديراته.
“جمع الأوراق ومواجهته قريبا“
في حين رأى المحلل السياسي الليبي المقيم في أمريكا والمستشار السابق لحفتر، محمد بويصير أن “ويليامز متواجدة بقوة على الساحة الأمريكية كونها خبيرة في ملف ليبيا، لذا تصريحاتها ليست فردية أو موقفا شخصيا، أما بخصوص حفتر فهو طبقا للمعطيات هنا في أمريكا فهو مكروه بشكل عام من الإدارة الأمريكية، كونها تعلم من البداية أن دوافعه الإثراء الشخصي بنموذج “الطاغية اللص”.
وأضاف في تصريح لـ”عربي21″: “واشنطن تعلم جيدا أن حفتر وأبناءه لا يعيرون القانون أي وزن طالما هناك مال يأتي، سواء من خلال الجريمة أو تهريب البشر أو الخردة أو حتى المخدرات، وبتحالفه مع الروس أعتقد أن جرعات الهجوم الأمريكي ستزيد ضده”، وفق قوله.
وتابع مستدركا: “لكن لا أتصور اتخاذ أي إجراءات دراماتيكية معه الآن، فطريقة الأمريكان أن تجمع الأوراق في الملف الذي يفتح في لحظة مناسبة كما حدث مع صدام والقذافي”، كما رأى.
“معضلة عسكرية مستمرة“
الكاتب والمحلل السياسي الليبي المقيم في كندا، خالد الغول قال من جانبه إن “مثل هذه التصريحات يصعب تفسيرها كمواقف أو رد فعل، كونها مقالات مدفوعة الأجر، وأمرا يخص ليبيا وصراعاتها الداخلية، كما أن المقال تحدث عن حفتر وغيره من الميليشيات في الغرب الليبي، وما قالته ويليامز ليس بجديد على الليبيين لكنه يفيد الغربيين”.
وأوضح أن “كلامها لامس المعضلة العسكرية في ليبيا والتي هدفها الوصول للدولة والاستحواذ عليها، وتخصيص الحديث عن عائلة حفتر كون المشروع واضحا وتجهيز حفتر لأبنائه كخلفاء له واضح، كونه يعتمد عليهم، في مقابل ذلك يتحكمون في رقاب من بقربهم في المنطقة الشرقية ويكسبون المال”، حسب تعبيره.
وأضاف: “هذه التصرفات هي اتباع نفس أسلوب المؤسسة العسكرية في مصر، من امتلاك السلطة والثروة عبر شركات ومؤسسات اقتصادية، أي يكون هدف الجيش الاستيلاء على السلطة بهدف جمع الثروة، وما يحدث يصب في مصلحة النظام المصري حاليا، خاصة أن أبناء حفتر مستعدون لفعل أي شيء لأجل البقاء”.
وختم تصريحه لـ”عربي21″ بقوله: “لا أعلم إن كان هناك توجه من قبل واشنطن ضد حفتر الآن أم لا، لكن إنشاء قاعدة روسية في ليبيا هو أمر بعيد المنال، وليس من السهل أن يقدم عليها أي حاكم”، حسب رأيه.