عربي 21-
وصل مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، ويليامز بيرنز، إلى العاصمة طرابلس في زيارة مفاجئة، ونادرة، التقى خلالها رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، وحفتر.
وقالت حكومة الوحدة في بيان الخميس (12 يناير 2023م)، إن “الدبيبة استقبل بيرنز بديوان مجلس الوزراء في طرابلس، رفقة القائم بالأعمال بالسفارة الأمريكية والوفد المرافق له”.
ووفق البيان، حضر اللقاء وزيرة الخارجية والتعاون الدولي نجلاء المنقوش، ورئيس جهاز المخابرات حسين العائب، ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء عادل جمعة.
ونقل البيان عن بيرنز تأكيده خلال اللقاء “ضرورة تطوير التعاون الاقتصادي والأمني بين البلدين”، مشيدا بـ “حالة الاستقرار والنمو الذي تشهده ليبيا خلال الفترة الأخيرة”.
وفي لقاء آخر، اجتمع المسؤول الأمريكي مع حفتر، في مكتبه بالرجمة (بضواحي بنغازي شرق البلاد).
وتأتي الزيارة في ظل حالة من التوتر تصاعدت مؤخرا بين الأطراف التي تمسك بالسلطة في البلاد، وسط اتهامات متبادلة برغبة كل منها بالبقاء في المشهد السياسي والاستمرار في السلطة الانتقالية الحالية، على حساب تجديد هذه السلطات ونقلها لتصبح دائمة عبر الانتخابات.
وتطرح هذه الزيارة أسئلة حول الهدف منها في هذا التوقيت، وعلاقتها بأطراف الصراع، وإمكانية اعتبارها ضوءا أخضر للتمديد في السلطة لطرف بعينه دون آخر.
“غير حقيقي“
ورغم أن الزيارة اعتبرها البعض دعما لاستمرار الحكومة في طرابلس، إلا أن المحلل السياسي أشرف الشح، يرى غير ذلك حيث قال، إن هناك من يحاول توظيف الزيارة بأنها دعم لطرف، أو تمديد لبقاء طرف على حساب آخر، وهذا غير حقيقي، مشيرا إلى أن المواقف الأمريكية الأخيرة تدعم تجديد السلطة في ليبيا وإنهاء حالة الجمود السياسي، ومحاولة التمترس من قبل كافة الأطراف للبقاء على الوضع الحالي إلى أمد طويل.
وشدد الشح في حديث متلفز تابعته “عربي21” على أن هذه الزيارة تشير إلى نشاط دبلوماسي قادم والذي سيبدأ في فبراير من خلال اجتماعات في الولايات المتحدة بين ممثلي عدة دول على علاقة بالأزمة الليبية، وذلك قبل إحاطة المبعوث الأممي عبد الله باتيلي أمام مجلس الأمن في 16 من الشهر القادم.
“تعليمات أمريكية”
بدوره، يعتقد المحلل السياسي، عبد الله الكبير أن بيرنز يعكس انخراطا أمريكيا أكبر وأكثر فعالية في الملف الليبي، فهو أرفع مسؤول أمريكي يزور ليبيا منذ عام 2012.
وشدد الكبير في حديث خاص لـ”عربي21″ على أن بيرنز التقى عبد الحميد الدبيبة رئيس الحكومة والقائد العسكري في الشرق خليفة حفتر، ولم يستغرق أي من اللقاءين سوى نحو نصف ساعة. ما يعني أن هناك تعليمات أمريكية بشأن المرحلة المقبلة في ليبيا في إطار الاستراتيجية الأمريكية.
ومتحدثا عن هذه التعليمات قال المحلل السياسي: “هذه التعليمات تتلخص في عدم قبول أي توجه لعرقلة الحل السياسي أو محاولة اللعب بورقة النفط والتهديد بإغلاقه. بالإضافة إلى الاستعداد لتحجيم الوجود الروسي في ليبيا عبر شركة فاغنر”.
“تسليم 15 مطلوبا”
رئيس الائتلاف “الليبي- الأمريكي” فيصل الفيتوري، قال في تصريح على حسابه بالفيسبوك، إن لقاء بيرنز مع الدبيبة ورئيس مخابراته استغرق 20 دقيقة فقط وناقش معهم بندا واحدا لا غير وهو آلية تنفيذ تسليم 15 مطلوبا لدى العدالة الأمريكية.
وشدد على أن اللقاء الأهم كان مع حفتر ويتعلق بإقناعه بالتخلص من الروس وقوات فاغنر، ذاكرا في الوقت نفسه أن الزيارة موجهة للصين وروسيا من جهة، وتطمين لأوروبا من جهة أخرى.
وأوضح أن التقارب المحتمل بين الدبيبة وحفتر قد يؤدي إلى تكرار سيناريو التقارب التركي السوري بوساطة روسية، وهذا سيعزز من النفوذ الروسي في ليبيا وهذا مرفوض أمريكيا.
وتشهد ليبيا أزمة سياسية تتمثل في تصارع حكومتين على السلطة الأولى يرأسها فتحي باشاغا التي كلفها البرلمان، والثانية يقودها الدبيبة الذي يرفض تسليم السلطة إلا لحكومة تكلف من قبل برلمان جديد منتخب.
ولحل الأزمة أطلقت الأمم المتحدة مبادرة تقضي بتشكيل لجنة من مجلسي النواب والدولة للتوافق على قاعدة دستورية تقود البلاد لتلك الانتخابات لكن ذلك يسير بشكل متعثر.