العربي الجديد-
أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس آخر بيانات إنتاج عدد من حقول النفط والغاز البحرية الليبية، بعد أيام من تصريحات الرئيس التونسي قيس سعيّد حول ملكية حقل البوري النفطي الليبي والجرف القاري بمنطقة الساحل الرابطة بين ليبيا وتونس.
وفيما عدّد بيان مؤسسة النفط الليبية، عدداً من حقول النفط والغاز الليبية البحرية، وهي حقلا الجرف البحري وبحر السلام البحري، لفت في بيانه إلى أن “أهمها حقل البوري”، في رد غير مباشر على تصريحات سعيّد.
وفي وقت أوضح فيه بيان المؤسسة أن مجمل إنتاج الحقول البحرية الليبية بلغ مليار قدم مكعب من الغاز، و42.5 ألف برميل نفط، أكد أن حقل البوري يتصدر تلك الحقول.
وفي توضيح أكثر أشار البيان إلى أن حقل البوري هو الأكبر بين حقول البلاد في البحر المتوسط، إذ ينتج نحو 23.5 ألف برميل نفط يومياً، مشيراً إلى أن إنتاج حقل الجرف البحري بلغ 19 ألف برميل يومياً، وإنتاج حقل السلام البحري بلغ ملياراً و40 ألف قدم من الغاز يومياً.
وأثارت تصريحات للرئيس التونسي، منتصف مارس الكثير من السخط في ليبيا، إذ أشار فيها إلى أحقية بلاده في الاستفادة من منتجات حقل البوري النفطي، الذي كان محل نزاع بين تونس وليبيا، وفصلت فيه محكمة العدل الدولية لصالح ليبيا منذ ثمانينيات القرن الماضي. واعتبر سعيد أن الحقل يمكن أن يلبي احتياجات تونس من المحروقات في خضم أزمة طاقة تعانيها بلاده، من المرجح أن تصل ذروتها الصيف المقبل.
وفي ثنايا البيان، ذكرت مؤسسة النفط الليبية، على غير عادتها في البيانات السابقة، ملكية هذه الحقول وسنوات اكتشافها وبدء العمل فيها، مبينة أن حقل البوري الذي يقع على مسافة 120 كم شمال الساحل الليبي في البحر المتوسط، تديره شركة مليته للنفط والغاز منذ أن بدأ إنتاجه عام 1988، فيما اكتُشف عام 1967.
أما حقل الجرف البحري، الذي يقع على بعد 130 كم شمال غرب مدينة طرابلس، فتديره شركة المبروك للعمليات النفطية منذ بدأ إنتاجه عام 2003، فيما اكتُشف عام 1967، ويتبع حقل بحر السلام، الذي يقع على بعد 110 كم من الساحل الليبي، تديره شركة مليته للنفط والغاز أيضاً، منذ بدء إنتاجه عام 2005.
وفيما لم يصدر أي رد فعل رسمي من حكومة الوحدة الوطنية إزاء تصريحات سعيّد، علّق وزير النفط والغاز بحكومة الوحدة الوطنية، محمد عون، على تصريحات سعيّد بأن “قضية حقل البوري مع دولة تونس فصل فيها القضاء الدولي منذ ثمانينيات القرن الماضي لصالح ليبيا”، مشيراً إلى استحداث شركة ليبية تونسية عام 1988 لتطوير الآبار المشتركة بين البلدين في منطقة برحية.
ومن جانبه، أفاد رئيس لجنة الطاقة بمجلس النواب عيسى العريبي، بأن لجنة الطاقة بمجلس النواب تقوم بدراسة تصريحات سعيّد لـ”الرد بشكل رسمي”، طبقاً لتصريحات لوكالة الأنباء الليبية، مشدداً على عدم “القبول أو السماح بالمساس بثروات ليبيا التي هي ملك للشعب الليبي تحت أي ظروف أو أي مبررات”.
وفي تطور جديد لتداعيات التصريحات، عقدت الهيئة الوطنية لمشايخ وأعيان ليبية فرع المنطقة الغربية، اجتماعاً الخميس الماضي، لمناقشة كلام سعيّد.
وصدر عن اجتماع الهيئة بيان شددت فيه الهيئة على رفض تصريحات سعيّد، وتمسك الأعيان بحق ليبيا “القانوني الذي عزّزته أحكام محكمة العدل الدولية بخصوص خطّ التقسيم لمنطقة الجرف القارّي”.
ونقل الناطق الرسمي باسم الهيئة، خيري دياب، في تصريحات صحافية استغراب أعيان الهيئة “إثارة موضوع النزاع من طرف الأشقاء بتونس وفي هذا التوقيت بالذات وبعد مرور قرابة 50 عاماً على فضّ هذا النزاع وبشكل مرض للبلدين”.
ودعا دياب الرئيس التونسي إلى “مراجعة ملفّ الجرف القارّي وحكم المحكمة الدولية، وقبول ومصادقة الجمهورية التونسية على تلك الأحكام الصّادرة بالخصوص، بدل الزّج باسم ليبيا في ملفات اقتصادية داخلية لأسباب يعرف القاصي والداني مراميها وأهدافها، وأنه لا أساس قانونياً لها”.
وأضاف دياب أنه “كان الأولى بالرئيس، قيس سعيّد، أن يكون أكثر حرصاً على ديمومة العلاقات الأخوية بين الشعبيْن الشقيقيْن وأن يسعى إلى تطويرها ترجمة لمعاني الأخوة القائمة بين البلديْن”.
وشدد دياب على أن “حقل البوري البحري الليبي يقع بعيداً جدّاً عن خط التقسيم ومنطقة الجرف التي كان القضاء والتحكيم الدولي فاصلاً فيها، وتمّ قبول الحكم من الشقيقة تونس”.
وأولت حكومة الوحدة الوطنية اهتماماً لقطاع النفط والغاز البحري، فعلى الرغم من الجدل الذي أثارته الاتفاقات الموقعة بين الجانب الليبي والتركي بشأن الاستثمار في مواقع الغاز البحرية، في ظل تنازل كبير حول تقاسم المناطق الاقتصادية البحرية بين دول شرق المتوسط، فإن مؤسسة النفطة الليبية وقّعت، في يناير الماضي، بحضور رئيس الحكومة، عبد الحميد الدبيبة، ونظيرته الإيطالية، جورجيا ميلوني، مع شركة إيني الإيطالية اتفاقية بقيمة ثمانية مليارات دولار لتطوير حقول غاز تقترب احتياطاتها من ستة تريليونات قدم مكعب، لفترة زمنية تناهز 25 عاماً.