الناس-
شن مثقفون ليبيون هجوما لاذعا على الحكومة والمجالس والواجهات السياسية لدولتهم، إزاء تجاهلهم لإصدار أي تأبين لفقيد الوطن المناضل المثقف “علي مصطفى المصراتي”.
وفي الوقت الذي تقبع فيه وزير الثقافة في الحبس الاحتياطي على ذمة قضايا فساد، ولم ينتظر أحد من الوزارة إصدار تأبين -كما يبدو- فإن الغضب انصب على حكومة الوحدة الوطنية رغم أن رئيسها حضر الجنازة، كما انصب على كل الواجهات السياسية، التي لم تكلف نفسها إصدار بيان نعي للفقيد، واستدرك بعض المثقفين بأنه لو كان في دولة مجاورة لأعلن الحداد الوطني في البلاد لإنسان ناضل من أجل استقلال البلاد، وناضل من أجل نقش الهوية الوطنية قبل أن يعي الآخرون، ورجل رحل وهو يقول: “لم يعد أحد يعرفني في طرابلس،، لكني عرفت السبب”.
الناس رصدت بعض الانتقادات التي تصلح للنشر في هذا الاستطلاع على مواقع التواصل الاجتماعي:
يقول الأكاديمي والصحفي الدكتور محمد مليطان: “ترقبت نعيا رسميا من مؤسسات الدولة الحالية (البرلمان، ومجلس الدولة والحكومة) ولكنهم جميعا لم يكلفوا أنفسهم كلمة واحدة” ويتابع الدكتور بحرقة “اعلموا جميعا أنكم جميعا لا تساوون شسع نعل الشيخ علي مصطفى المصراتي“..
تفاعل مع المنشور الروائي والقاص الليبي عبدالله الغزال قائلا: “أنا فرحت بذلك لئلا يسجل موقف طيب من كمشة حثالات“.
الدكتور محمد بن طاهر علق هو الآخر: “في سبات يعمهون، مؤلم رحيل رجل بحجم السيد علي المصراتي في صمت سلطات الدولة المنهكة“.
الشاعر أحمد وفاء عبر عن الموقف بالقول: “هم أصغر وأقل حتى من أن يقرأوا نعيا في حق الأديب الكبير، والشيخ العارف علي مصطفى المصراتي“.
الأكاديمي الدكتور محمود املودة يقول: “مافيش فايدة، زمان قالوا الطاغية يحارب النجومية ولا يحتفل إلا به. والآن بعد أكثر من عشر سنوات من الثورة كيف نفسر هذا الإهمال، ودعنا من مؤسسات الدولة، لماذا كانت جنازته بهذا العدد القليل أمام ما قدمته هذه القامة الوطنية؟”.
الناشط في العمل المدني محمد محمد مليطان علق باقتضاب: “وكأنك تطلب من راهب يهودي يصلي بالمسلمين” وتابع شاتما: “جهلاء!!“.
نشير في هذا المقام إلى أن الجنازة كانت متواضعة وأنه لم يقف لتلقي العزاء في الفقيد، سوى شخصين، رجل بحجم الوطن لا يقف في طابور جنازته سوى شخصين اثنين،، وعلى هذه النقطة تحديد يعلق ثاني الاثنين في الدكتور عبدالله مليطان الذي كان أعلن الحداد على صفحته قائلا: “تألمت جدا لوفاة المصراتي.. بعد جنازته نسيت ألم فراقه وتألمت أكثر لما شاهدته.. وأدركت أنني كنت أعيش وهما كبيراً“.
الصحفي عبدالعزيز الوصلي توقع ما حدث وربما ما سيحدث: “خبر وفاة المصراتي بكل جلاله سيلتقطه صحفي مبتدئ، في ختام اجتماع تحرير مبتذل، ربما يديره (أجنبي) عابر لا يعرف عن ليبيا سوى ذهبها الأسود، خبر لن يستغرق عرضه أكثر من دقيقتين في آخر نشرة الموت والدمار في بطاقة مقتضبة مقتبس كل مافيها عن ويكيبيديا“.
الكاتب ورئيس اتحاد الكتاب بمصراتة يوسف الغزال كتب تأبينا للمرحوم، صدّره بقصة حدثت معه تلخص مشهدا حزينا يقول: “يوم 15 يناير 2010، بمقبرة شهداء الهاني، أثناء دفن جثمان صديقي المرحوم الاستاذ خليفة التليسي، وجدت الأستاذ علي المصراتي يتجول بين القبور، ويقرأ ما كتب عليها من سطور، فرحت به كثيراَ، منذ مدة لم أره، وبعد أن سألته عن حاله وآخر أخباره، قال لي لم يعد يعرفني أحد في طرابلس. اليوم عرفت السر، أصدقائي ومعارفي كلهم هنا….. ضحكت للدعابة، هكذا هى قفشات الاديب الكبير لها معنى وفيها متعة..
ثم فكرت، وتألمت أن يأتي حيناً من الدهر يكون العلامة على مصطفى المصراتي غير معروف في طرابلس، أن تتجاهل السرايا أو ميدان الشهداء والدولة الليبية ابنها البار وخطيبها البارع.
وعلق الدبلوماسي بشير الأجطل: “يقال، يموت الأديب في الشرق حيا ويحيا ميتا، إلا في بلادنا، فلا قيمة لا للعلم ولا الأدب، ولا للعلماء“.
الأستاذ الدكتور أحمد رشراش الكاتب والناقد يعلق بألم: “في هذا البلد الكئيب لا فرق بين المصراتي -رحمه الله- وعابر السبيل ..
فهل يعي المسؤول الليبي عن أي قامة يتحدث المثقفون؟ وأي غضب يغضبون؟ حين لا يجدر رجل الوطن والأدب والتاريخ من ينعاه رسميا (مجرد نعي) ومن يتلقى العزاء في فقده.
يقال أن الأديب المصري “أنيس منصور” قال في زيارته لليبيا: “زرت طرابلس فلم أجد فيها إلا السرايا وعلي مصطفى المصراتي“.
وعلق أحد المثقفين واثقا: “لو كان علي مصطفى المصراتي في دولة تقدر قيمة الرجال لأعلن الحداد الرسمي ثلاثة أيام، ولأرهقت الحكومة في تلقي التعازي من الدول الصديقة“.. رحم الله فقيد الوطن..