ليبيا وصفقة القرن.. الصدفة ونظرية المؤامرة
* كتب/ عبدالوهاب الحداد
الإمارات ومصر والسعودية والأردن، هي الدول العربية الوحيدة التي جاء ذكرها حصريا في وثيقة صفقة القرن الأمريكية الإسرائيلية.
وللمصادفة فهي ذات الدول الداعمة لخليفة حفتر عسكريا في ليبيا، على الأقل وفق تقارير خبراء الأمم المتحدة التابعين لمجلس الأمن، كما لا يخفى على أحد دعم هذه الدول لحفتر سياسيا وماليا كذلك.
فهل يمكن أن يكون هذا الدعم الرباعي “العربي” لحفتر جزء من دورهم في صفقة القرن؟
هل يمكن يكون حفتر بوابة دخول ليبيا في صفقة ترامب؟
أم أن كل ذلك مجرد مصادفة قد تجرنا من حيث لا ندري تحت تأثير نظرية المؤامرة؟
يهود ليبيا في الصفقة
ليبيا كدولة لم تذكر صراحة في وثيقة الصفقة، إلا أن أحد البنود نص على أن من “طرد” من اليهود من أي دولة كانوا فيها يجب تعويضهم وتعويض “إسرائيل” على استقبالها لهم، وهنا تكون ليبيا معنية بهذا الأمر.
بالتزامن مع إعلان صفقة ترامب كثفت قنوات يديرها ليبيون داعمون لحفتر من الحديث عن يهود ليبيا، واستضافت شخصيات يهودية، تنادي بحقهم التاريخي والمستقبلي في ليبيا، وللمصادفة فإن هذه القنوات تبث من الأردن وممولة إماراتيا!
فهل من رابط منطقي هنا؟ أم هي الصدفة ونظرية المؤامرة مرة أخرى؟
10 مليون مصري في ليبيا .. ليش لا؟
يتردد في الأوساط السياسية أن صفقة ترامب تعمل على إزاحة الفلسطينيين من القدس وغزة إلى سيناء، وبالتالي إزاحة مصريين لبرقة واستغلال التعداد السكاني القليل في ليبيا مقابل المساحة الجغرافية الكبيرة، إضافة إلى ما أطلق عليه “إعادة” توزيع الثروة النفطية الليبية.
وكان حفتر قد وجه سؤالا استنكاريا على أتباعه قائلا: “لو تحصلنا على 10 مليون إضافة قادرين على أن يغيروا من وجه ليبيا كلها، ليش لا؟!”.
أما “إعادة” الثروة الليبية ما انفك سيسي مصر يذكرها في خطبه التلفزيونية، وتوج ذلك من على منصة الأمم المتحدة واصفا توزيع الثروة الليبية بالخطأ الفادح، وهو ما دعا رئيس المجلس الرئاسي إلى الرد على هذه النقطة تحديدا من على ذات المنصة الأممية، رافضا أن تعطي مصر دروسا لليبيا في كيفية توزيع ثرواتها.
فهل هي الصدفة ثانية؟ ولا وجود للمؤامرة؟
برهان ليبيا
العسكري عبد الفتاح البرهان رئيس المجلس السيادي السوداني رجل أبوظبي في السودان، ويكفي القول إنه المشرف مع “حميدتي” على القوات السودانية التي تقاتل في اليمن دعما للسعودية والإمارات، ولم لا، من يقاتل في ليبيا من المرتزقة؟
ويمكن القول إن حفتر يعد بمثابة برهان ليبيا خاصة من حيث علاقة الرجلين ببن زايد وبن سلمان والسيسي.
بعد أقل من أسبوع من إعلان ترامب لصفقته، التقى برهان برئيس وزراء الإسرائيليين في أوغندا برعاية إماراتية، لتصدر الخارجية الأمريكية بيانا تقول فيه إن الوزير بومبيو اتصل ببرهان وشكره لقيادته عملية تطبيع العلاقات مع “إسرائيل”.
ولعلنا هنا نذكر اتصالا أعلن عنه -بعد تكتم لأيام- تم بين ترامب وحفتر بوساطة إماراتية في أبريل 2019م، قيل أن الرئيس الأمريكي أبدى فيه اعترافه لحفتر بالدور الذي يلعبه لمكافحة “الإرهاب” وتأمين “الموارد النفطية” الليبية، وللمصادفة فإن توقيت المكاملة تزامن مع وجود حفتر في القاهرة!
كما يمكننا الرجوع كذلك للاتفاق المعلن الذي تم بين “حميدتي” السوداني وضابط الموساد السابق “بن ميناشي” والذي ينص في إحدى بنوده على تزويد حفتر بمرتزقة من الجنجويد للقتال معه في ليبيا، وحينها أعلن “بن ميناشي” صراحة: نعم، حفتر جزء من الصفقة!
وفي يوليو 2019م، جاء في موقع “كونسورتيوم نيوز” الأمريكي مقال رأي لـ”جورجيو كافيرو” المدير التنفيذي لمعهد “جولف ستايت أناليتيكس” أشار فيه إلى أن التعاون بين حفتر والإسرائيليين، الذي تم عبر الإمارات، بدأ سنة 2015م، وكان اهتمام “إسرائيل” بليبيا ما بعد القذافي من منظور مصالحها في “شبه جزيرة سيناء”.
ولا بأس أيضا من ذكر اللقاء الذي أجراه وزير خارجية الثني المسوق لحفتر مع صحيفة “معاريف الإسرائيلية” وقال فيه حرفيا: “إننا نأمل في علاقة طبيعية بين ليبيا وإسرائيل”.
فهل هو باب الصدفة المؤدي لمكتب نظرية المؤامرة اللعينة!
عل كل حال، وبعيدا عن الصدف ونظريات المؤامرة، فإن مجرد وجود حفتر في معسكر الرباعي العربي الداعم لصفقة القرن يجعلنا أقرب لليقين بأن حفتر صار جزءا منها، أو لنقل بأنه لا يملك إلا أن يكون كذلك، وهو الذي لم يعد يملك من أمره شيئا أمام بن زايد والسيسي.