الرئيسيةفي الذاكرة

ليبيا: على مفترق الإمبراطوريات… 400 عام من الصراع على بوابة الصحراء

 

كانت ليبيا على مدار أربعة قرون مسرحاً لصراعٍ مرير ونقطة محورية في لعبة الأمم الكبرى.

* كتب/ محمد المهدي زعبية،

يكشف كتاب “تاريخ ليبيا من منتصف القرن السادس عشر حتى مطلع القرن العشرين” للمؤرخ الروسي نيكولاي بروشين، عن قصة ملحمية تمتد من عام 1551 حتى الغزو الإيطالي عام 1911. عام 1551 هو العام الذي فتح فيه العثمانيون طرابلس وطردوا فرسان مالطا، لتتحول “إيالة طرابلس الغرب” إلى قاعدة متقدمة للخلافة العثمانية في المتوسط.

خلال هذه الفترة، كانت السفن الليبية تثير الرعب في قلوب القوى البحرية الأوروبية، وتلعب دوراً حاسماً في استراتيجية العثمانيين لصد التوسع الإسباني والبنادقة في شمال أفريقيا.

في عام 1711، اسس الضابط العثماني أحمد القرمانلي سلالة حاكمة محلية منحت ليبيا طعماً من الاستقلال دام 124 عاماً.

عملت الأسرة القرمانلية على بناء دولة مركزية، ومدّت نفوذها إلى فزان وبرقة، ودخلت في علاقات معقدة مع القوى الأوروبية. وقد بلغت هذه العلاقات ذروتها في “حرب طرابلس” الشهيرة (1801-1805) ضد الولايات المتحدة الأمريكية، التي رفضت دفع الإتاوات للسفن الليبية. خلال هذه الفترة، أصبحت ليبيا ساحة تنافس بريطاني-فرنسي، وبوابة رئيسية للتجارة الصحراوية التي ربطت المتوسط بأعماق أفريقيا.

ومع عودة إشراف الخلافة العثمانية المباشرة عام 1835، والتي هدفت إلى قطع الطريق على الأطماع الأوروبية، دخلت ليبيا مرحلة جديدة. وفي خضم هذا التغيير، بزغ نجم قوة محلية جديدة ستلعب دوراً محورياً في تاريخ البلاد: الحركة السنوسية. انطلقت هذه الحركة الدينية من برقة، ونجحت في تنظيم القبائل، ونشر التعليم، وتأسيس شبكة من الزوايا التي لم تكن مجرد مراكز دينية، بل شكلت نواة مقاومة سياسية وعسكرية ضد التوغل الفرنسي جنوباً والبريطاني شرقاً.

عندما أطل القرن العشرون، وبعد عقود من التدخل الاقتصادي الأوروبي، بحجج مثل “مكافحة تجارة الرقيق”، ضعفت السلطه العثمانية في ليبيا وفتح الباب أمام الأطماع الإيطالية. وفي عام 1911، بدأت ايطاليا عدوانها الاستعماري على ليبيا لكن المقاومة التي واجهتها لم تكن وليدة اللحظة، بل كانت نتيجة طبيعية لأربعة قرون من الصراع، وتراكم لخبرات المقاومة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى