
الناس-
في ثلاث جنازات مهيبة شيعت جثامين رئيس الأركان العامة بالجيش الليبي ورفاقه الذين قضوا في تحطم طائرة أثناء عودتهم من مهمة رسمية في تركيا، حيث احتضن ثرى قصر بن غشير ومصراتة وغريان خمسة من رجال الوطن.
نعي وحداد رسمي
ففي خبر صادم تلقى الليبيون ليل الثلاثاء (23 ديسمبر 2025) نعيا من الحكومة أعلنت فيه عن مقتل رئيس الأركان ومرافقيه في تحطم طائرتهم العائدة من مهمة عمل رسمية، وأعلنت الحداد الوطني في عموم البلاد لمدة ثلاثة أيام، تنكس فيها الأعلام في كافة المؤسسات وتعلق المظاهرة الاحتفالية الرسمية.
وفي نفس البيان “وجهت الحكومة وزارة الدفاع بإيفاد وفد رسمي إلى أنقرة للوقوف على ملابسات الحادثة، ومتابعة الإجراءات ذات الصلة، والتنسيق المباشر مع الجهات التركية المختصة بما يضمن استكمال التحقيقات واتخاذ ما يلزم وفق الأطر المعتمدة”.
لقطة لتحطم الطائرة
ونقل فيديو نشر في تلك الليبي صورة أولية عن حادثة التحطم، نشرتها وكالة نوفا الإيطالية، وكانت الساعة تشير إلى الساعة (20:44).
وأظهر الفيديو ما يبدو أنه انفجار هائل خلف مبان مضاءة، بدا فيها أن الثلج يغطي المكان. غير أن جسم الطائرة أو حطامها لم يظهر في الصورة.
وأذاعت وكالة الأناضول التركية أن الطائرة من طراز (داساولت فالكون 50) أقلعت عند الساعة الثامنة وعشر دقائق بتوقيت تركيا من مطار “أسنبوغا”. ثم أرسلت بلاغا من أجل الهبوط الاضطراري قرب منطقة هايمانا. قبل أن ينقطع الاتصال بها.
لجان للتحقيق
وفي تقرير خبري ذكرت الوكالة صباح الأربعاء (24 ديسمبر 2025م) أن إدارة الكوارث والطوارئ التركية (آفاد) أنشأت مركز تنسيق متنقل في منطقة الحطام.
وأضافت بأن أعمال البحث استمرت طيلة الليل وحتى مطلع فجر الأربعاء للبحث عن موقع حطام الطائرة رغم الأمطار الغزيرة والضباب الكثيف. وأعلن وزير الداخلية التركية “علي يرلي قايا” عن الوصول إلى حطام الطائرة على بعد 02 كيلومتر من قرية “كسيك كاواك” قرب أنقرة.
وأرسلت السلطات التركية سيارات إسعاف مجنزرة إلى المنطقة نظراً لظروف الطرق الموحلة.

كما أظهرت مقاطع فيديو نشرتها منصة حكومتنا التابعة لحكومة الوحدة الوطنية السفير الليبي بتركيا “مصطفى القليب” يتابع من عين المكان.
وفي الوقت الذي كلفت فيه النيابة العامة بالعاصمة أنقرة أربعة مدعين عامين لكشف ملابسات الحادثة، أوفدت الحكومة الليبية لجنة للتنسيق مع الجانب التركي للتحقيق في الحادثة، وقد غادرت فجر الأربعاء العاصمة طرابلس، للتواصل مع الجهات الأمنية والقضائية التركية لاستكمال الإجراءات الفنية والقانونية، ومع السفارة الليبية هناك لتسهيل نقل الجثامين إلى ليبيا.
يوم الأربعاء وصل إلى العاصمة التركية الوفد الليبي من بينهم مسؤولين وأفراد من عائلات الضحايا، لمطابقة الحمض النووي. وعقب وصولهم توجه وزير الدفاع التركي “يشار غولر” إليهم لتقديم التعازي.
تفاصيل عن الحادث
يوم الأربعاء أيضا أعلن وزير النقل والبنية التحتية التركي عبدالقادر أورال أوغلو عن العثور على الصندوقين الأسودين للطائرة المنكوبة، وأضاف أن نتائج التحقيقات ستجرى في بلد محايد وستُعلن بكل شفافية.
وأوضح الوزير أنه نظرا لتعذر تحديد موقع الطائرة في اللحظات الأولى للحادث، علّقت السلطات التركية حركة الطيران في مطار أسنبوغا بأنقرة بشكل مؤقت، تحسبا لاحتمال قيام الطائرة بهبوط اضطراري، تزامنا مع اتخاذ جميع التدابير اللازمة والقصوى في المطار.
وأشار إلى أنه في ظل احتمال تعرض الطائرة لحادث تحطم، باشرت الجهات المختصة فورا عمليات البحث والإنقاذ جوا وبرا.
أورال أوغلو أفاد أيضا أن التحريات الأولية في موقع الحطام أسفرت عن العثور على الصندوقين الأسودين للطائرة (جهاز تسجيل صوت قمرة القيادة وجهاز تسجيل بيانات الرحلة).
وأضاف أنه جرى البدء بإعداد التقرير الأولي حول الحادث، مبينا أنه وبعد إجراء الفحص الأولي للصندوقين الأسودين سيتم فحصهما في دولة محايدة لتحديد أسباب سقوط الطائرة.
ومضى قائلا: “عقب استكمال التحقيقات ستجري مشاركة تفاصيل الحادث بكل شفافية مع العالم أجمع”.
تصريحات حذرة
وعقب تداول قصة التحطم والتلميح لوجود عمل مدبر، دعا رئيس دائرة الاتصال في رئاسة الجمهورية التركية “برهان الدين دوران” إلى عدم الالتفات إلى المعلومات غير الموثوقة في حادثة تحطم الطائرة الليبية.
وقدم دوران الذي يشغل وظيفة المسؤول الرسمي عن التواصل الإعلامي والبيان الحكومية رواية مفصلة عن حادثة تحطم الطائرة، داعيا وسائل الإعلام والجمهور للاعتماد فقط على البيانات الصادرة عن الجهات الرسمية، وعدم الالتفات إلى المعلومات غير الموثقة، أو التكهنات، أو نظريات المؤامرة المتداولة على وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك منعًا لترويج المعلومات المضللة”.
ألمانيا تعتذر عن المهمة!
وأعلنت وزارة الداخلية الليبية أنها اتفقت مع الجانب التركي على إرسال الصندوق الأسود وصندوق الاتصالات الخاص بطائرة رئيس الأركان العامة محمد الحداد إلى ألمانيا لضمان التحليل الدقيق.
وأوضحت الوزارة أن اللجنة المشكلة بتعليمات وزير الداخلية اجتمعت مع قائد قوات الجندرمة التركية، وناقشت معه عددا من الإجراءات المتخذة حول الواقعة.
كما أكّد النائب العام التركي استعداده لاطلاع السلطات الليبية على كافة المستندات وتسجيلات الكاميرات المتعلقة بالحادث، إلى جانب توجيه مذكرة رسمية النائب العام الليبي تتضمن الإجراءات المتخذة والموافقات المتعلقة بالتحقيقات المشتركة.
وأضافت الوزارة أنه تم تزويد السلطات التركية بنتائج تحليل الحمض النووي “DNA ” التي أجريت من قبل جهاز المباحث الجنائية في طرابلس لبعض أسر الشهداء، لضمان استكمال الإجراءات القانونية ومقارنتها بهوية الضحايا بدقة.

التطورات التي حصلت بعد ذلك أن ألمانيا اعتذرت عن المهمة مبررة بعدم توفر الإمكانيات الفنية لديها، فتحولت الوجهة إلى بريطانيا. ولم يحسم الأمر حتى الآن إن كانت ستتولى المهمة أم لا.
مراسم للدفن
يوم السبت (27 ديسمبر) أقامت تركيا مراسم وداع رسمية لليبيين الخمسة، قبل أن تتوجه بهم الطائرة الرئاسية الليبية إلى العاصمة طرابلس، وفي مطار طرابلس العالمي، كان هناك استقبال رسمي ومراسم تأبين أعلن فيها عن ترقية الضباط إلى الرتبة الأعلى، والمدنيين إلى الدرجة الوظيفية الأعلى.
وعقب المراسم نقل الشهداء كل إلى منطقته للدفن، حيث دفن “غريبيل” ظهرا بقصر بن غشير، ثم يوم الأحد دفن “الحداد”، و”العصاوي” و”محجوب” بمصراتة، ثم “القطيوي” ظهرا بغريان.
وقد أعلنت بلديتا مصراتة وغريان عن عطلة رسمية في كل منهما يوم الجنازة.



