العربي الجديد-
تواصل ليبيا تنفيذ برنامج ترحيل وإعادة المهاجرين السريين إلى بلدانهم لوقف تحوّل هذا البلد إلى طريق رئيسية للوصول إلى أوروبا. ومع بدء تطبيق الأمم المتحدة برنامج العودة الطوعية للمهاجرين عام 2018، أعلنت المنظمة الدولية للهجرة عودة 16 ألف مهاجر إلى بلدانهم في العام نفسه، وبعدها أكثر من 5 آلاف عام 2019. والعام الماضي جرى ترحيل 1069 مهاجراً، بحسب تصريحات أدلى بها وزير الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية بطرابلس، عماد الطرابلسي، الذي أمل في مضاعفة هذا العدد هذا العام. والأسبوع الجاري أعلن جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية في بنغازي، ترحيل نحو 30 مهاجراً من جنسيات أفريقية إلى بلدانهم، و26 من الجنسية المصرية، وحدد إجمالي المرحلين في إبريل الماضي بـ464 من مختلف الجنسيات. من جهتها، أفادت المنظمة الدولية للهجرة بأن 80 ألف مهاجر سرّي جرى إعادتهم طوعاً من ليبيا إلى دولهم الأصلية منذ عام 2015، ضمن برنامج العودة الطوعية. وأشارت الى أنها قدمت مساعدات لمهاجرين من 49 جنسية أفريقية وآسيوية.
وتصف المنظمة الأممية برنامج العودة الطوعية بأنه “الطريقة الكريمة لعودة المهاجرين إلى ديارهم، وإعادة بناء حياتهم”، في وقت تحاول ليبيا الإفادة من البرنامج لتخفيف أعباء المهاجرين الذين يزداد عددهم.
وأوضحت المنظمة الأممية أن 2733 من المهاجرين الذين أعيدوا ضمن برنامج العودة الطوعية وقعوا ضحايا لتجار البشر، ومن بينهم 843 طفلاً غير مصحوبين من أهلهم. وأشارت إلى أن أكثر من 5 آلاف احتاجوا إلى خدمات طبية عاجلة، مؤكدة أن المرحلين يتلقون دعماً أولياً لدى وصولهم إلى بلدانهم. وطالبت المنظمة المجتمع الدولي بتقديم مساعدات الدعم الشامل لإعادة دمج المهاجرين العائدين، وهي تشمل الاحتياجات الفردية، والمجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والنفسية.
لكن أستاذ علم الجغرافيا البشرية، المهتم بقضية المهاجرين حمزة الصديق، يقول لـ”العربي الجديد” إن “أعداد المهاجرين المرحلين من ليبيا التي أعلن عنها منذ عام 2018 لا تمثل إلا نسبة بسيطة من إجمالي عدد المهاجرين الموجودين في ليبيا. وينقل عن تقارير دولية أن عدد المهاجرين الموجودين في ليبيا حالياً يتجاوز 700 ألف، بخلاف آخرين خارجين عن السيطرة، ويجري تهريبهم عبر الصحراء إلى نقاط تهريب أخرى تقع على الساحل الشمالي للبحر، تمهيداً للتوجه إلى أوروبا”.
ويلفت إلى أن “التقارير الدولية تؤكد حصول نشاط التهريب عبر السواحل الشرقية لليبيا، وهذا نشاط مقصود لدوافع سياسية تقف وراءه السلطات في شرق ليبيا، لممارسة ضغوط على أوروبا من أجل التعامل معها، وفرض شرعيتها خارج البلاد”.
وأخيراً عقدت حكومة مجلس النواب المؤتمر الأفريقي- الأوروبي حول الهجرة، بمشاركة “رئيس الحكومة” أسامة حماد (المعينة من مجلس النواب، وغير المعترف بها دولياً) وعدد من أعضاء مجلس النواب، ورئيس البرلمان الأفريقي فورتشن شاورمبيرا، وممثلي وفود أفريقية وأوروبية. وشدد حماد، في كلمته خلال المؤتمر، على أن ليبيا بلد لعبور المهاجرين، وليست مقصداً لهم، وأكد ضرورة إرساء التنمية في الدول الأفريقية المصدرة للمهاجرين. ودعا ضمن توصيات المؤتمر إلى إنشاء “صندوق تنمية أفريقيا” لمعالجة مشكلات الهجرة السرّية.
ورغم أن المؤتمر عقِد في ظل الانقسامات المحلية الليبية، ومحاولات الاستثمار السياسي، يرى الصديق أنه “خطوة مهمة على طريق تعزيز فكرة أن ليبيا بلد ممر، وأن الأوروبيين يجب أن ينتهجوا سياسات وقف الهجرة من مصدرها، والتوقف عن التفكير في توطينهم في ليبيا”. ويؤكد الصديق أن “التقارير الدولية التي رصدت انخفاض عدد المهاجرين المارين عبر ليبيا، وانتقالهم عبر تونس تحديداً تدل على وحدة القرار الليبي في شأن حل أزمة الهجرة، وانتقال خطر هذا الملف إلى دول أخرى مثل تونس ومصر. وسيشكل ذلك عامل ضغط جديد للتوجه نحو إنشاء صناديق ومشاريع للتنمية في الدول الأفريقية من أجل الحدّ من ظاهرة الهجرة”.
ويشير الصديق إلى أن “الهجرة تزيد عصابات التهريب والانفلات الأمني، واحتمال ارتباطها بخطر الإرهاب. ومن بين الخطط التي فكرت دول عدة متضررة من أزمة المهاجرين بتنفيذها نقل معركة الهجرة من البحر المتوسط إلى الحدود الجنوبية لليبيا، من أجل تقليل مخاطر مرور المهاجرين إلى الشمال، لكن تغيّر مسارات المهاجرين عبر الشواطئ الشرقية لليبيا وتونس جعل هذه الدول تعيد التفكير في خططها”. وما يدعم حديث الصديق إعلان إيطاليا، على هامش تنظيمها قمة عن الهجرة في روما في فبراير الماضي، مبادرة للتعاون مع دول أفريقية عدة في مجالات الطاقة والبنية التحتية لتحسين ظروف هذه الدول، باعتباره من عوامل وقف تدفقات الهجرة غير الشرعية منها.
إقرأ أيضا:
إيطاليا: نعمل على تعزيز العودة الطوعية للمهاجرين غير الشرعيين من ليبيا وتونس إلى بلدان المنشأ