لماذا يطلب السيسي “تفويضاً شعبياً” للتعامل مع أزمة غزة؟
العربي الجديد-
علمت “العربي الجديد” أن تعليمات صدرت من الأجهزة الأمنية المصرية، إلى مؤسسات صحافية ونقابية وحزبية، لحشد المواطنين اليوم بعد صلاة الجمعة، للتظاهر، “دعماً للقيادة السياسية” في موقفها من الأحداث في غزة.
ونشر صحافيون وإعلاميون مقربون من الأجهزة الأمنية في مصر، ما وصفوه بـ”تفويض” للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، صيغته كالتالي: “أفوض أنا المواطن المصري/.. الرئيس عبد الفتاح السيسي في: حماية أرض مصر من المخاطر والحرب مع إسرائيل وإنهاء مسيرة سلام استمرت عقوداً. وحماية سيناء من مخطط تحويلها لمسرح حرب وعمليات عسكرية. وحماية الفلسطينيين ببقائهم على أرضهم، فلا أرض بلا شعب. وحماية القضية الفلسطينية من الاندثار إلى الأبد حال تهجيرهم إلى مصر والأردن”.
شعب مصر صف واحد للدفاع عن مصالح وطنه
ودعا مجلس أمناء “الحوار الوطني”، الأربعاء (18 أكتوبر 2023م)، لحشد شعبي الجمعة، أمام نُصب “الجندي المجهول” في مدينة نصر بالقاهرة، مضيفاً في بيان أن “هذا الاحتشاد سيكون رسالة واضحة للجميع بأن شعب مصر يقف صفاً واحداً دفاعاً عن أمن ومصالح وطنه، وداعماً بلا حدود لكل قضايا أمته العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية”.
الإعلامي والصحافي، محمد علي خير، كتب في حسابه على “فيسبوك”: “سيدي الرئيس.. لست بحاجة إلى تفويض شعبي لحماية أمننا القومي، لأنكم رئيس منتخب، والدستور يمنحكم صلاحيات واسعة لدرء الخطر عن مصر.. أنتم القائد الأعلى للقوات المسلحة وبحكم هذا المنصب ستحمون الوطن”.
وتحت عنوان “استدعاء الشعب.. لماذا الآن؟”، اعتبرت الصحافية والكاتبة المصرية مي عزام، على “فيسبوك”، أن “الحفاظ على الأمن القومي المصري، من مهام المؤسسة العسكرية المصرية والنظام السياسي الحاكم، والرئيس السيسي أحد أفراد هذه المؤسسة، ومرشحها الرئاسي، ومن ثم فإن الحديث عن تفويض الرئيس لحماية الأمن القومي المصري، يعتبر موقفاً يثير الدهشة”
وتابعت: “بالإضافة لكل هذا، لماذا يتم استدعاء الشعب اليوم، وهو ما لم يحدث حين تم التنازل عن تيران وصنافير (للسعودية)، وعند التوقيع على اتفاق المبادئ مع إثيوبيا (سدّ النهضة) وكذلك عند اتخاذ سياسات كان لها تأثير سلبي على الحياة اليومية للمصريين”.
تفويض لمواجهة الضغوط الأميركية
وفي السياق قال المساعد السابق لوزير الخارجية المصري، السفير رخا أحمد حسن، في حديث لـ”العربي الجديد” إن “الهدف من طلب التفويض، مواجهة الضغوط الأميركية المكثفة على مصر، لكي تقبل تهجير الفلسطينيين من غزة إلى سيناء، وتوفير إقامة لهم”.
ورأى حسن أن خروج الشعب المصري ومؤسسات الدولة يأتي “للإعراب عن تأييدهم لموقف الرئيس(الرافض تماما لمسألة التهجير القسري للفلسطينيين في غزة إلى مصر) واتخاذ كل ما تتطلبه أية تطورات في المرحلة القادمة من قرارات على ضوء التصعيد الإسرائيلي المستمر والمستفز والذي يهدد بتوسيع الصراع، واحتمالات دخول أطراف أخرى ومنها حزب الله في لبنان، وما قد يترتب على ذلك كله من تداعيات”.
السيسي لا يحتاج إلى تفويض
من جهته قال الباحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة “إسطنبول أيدن”، عمار فايد، في حديث لـ”العربي الجديد”، إن “السيسي لا يحتاج إلى تفويض، هو يحتاج إلى تعزيز موقفه، ومن الواضح أن موقف مصر، مستقر على رفض مسألة التهجير لأسباب أمنية بالأساس”.
وأوضح أنه يوجد “هناك سبب أمني رئيسي عبّر عنه السيسي، وهو نقل جزء من الصراع والمواجهة بين الفلسطينيين وإسرائيل إلى سيناء، لتي ستصبح قاعدة عمليات لحماس انطلاقاً، الموجودة في جذور المجتمع الغزاوي، فإذا حصل تهجير لمئات الأفراد، فحماس ستكون جزءاً منهم، سواء كانوا سياسيين أو عسكريين”.
واعتبر فايد أن ذلك “يضع مصر في مواجهة مع حماس أو مواجهة غير مباشرة مع إسرائيل، باعتبار أنها ستكون مسرح عمليات، وإسرائيل ستستهدف حماس في سيناء”. وتابع فايد أن “السيسي يحتاج إلى أن يظهر موقفاً شعبياً له علاقة باستقرار البلد نفسه، متعلقا بالخشية من اضطرابات داخلية”
بدوره ذكر مؤسس “الحركة المدنية الديمقراطية في مصر”، يحيى حسن عبد الهادي، على “فيسبوك” تحت عنوان “استَقْوِ بشعبك.. ولا تَنْسَ خطوطه الحمراء”، أن “الحكمة والوطنية تُلزِماننا أيضاً بتذكير متخذ القرار بالخطوط الحمراء التي لا يجوز له ولا لغيره أن يتجاوزها مهما اشتدت الضغوط عليه: لا تُقايض أرضاً بأرضٍ.. ولا تُقايض أرضاً بمالٍ ولو منحوك الذهب.. كانت عقيدتنا غير المكتوبة في الجيش يا أخي، وأظنها لم تَزَل: (إن حفنة من تراب الوطن تساوي روحك).. هي أشياء لا تُشترى”.
وكان نقيب المهن التمثيلية الدكتور أشرف زكي، والمعروف بصلاته الوثيقة بالأجهزة الأمنية، قد قال في بيان أول من أمس: “نعلن تأييدنا واستجابتنا لدعوة الرئيس للاصطفاف والاحتشاد لدعم ومساندة الأشقاء في فلسطين، وتوجيه رسالة واضحة للعالم لا تحتمل اللبس أو التأويل من كافة أطياف الشعب المصري بالرفض التام للممارسات الإسرائيلية وأن الأمن القومي المصري والأراضي المصرية هي خط أحمر لا تهاون أو تفريط فيه. ونؤكد على جاهزيتنا التامة لحشد الملايين من شباب مصر الذين هم دائماً وأبداً في الصفوف الأولى لدعم الوطن، والقضايا الوطنية”.