العربي الجديد-
كشفت مصادر مصرية خاصة، لـ”العربي الجديد”، أن وساطة مصرية نجحت مؤخراً في التوصل إلى تفاهمات بين رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبدالحميد الدبيبة، واللواء المتقاعد خليفة حفتر، مؤكدة أن أولى مراحل الاتفاق ستكون عبر لقاء بين الدبيبة وحفتر، في مدينة بنغازي شرق ليبيا، خلال الأيام القليلة المقبلة.
وأضافت المصادر أن الاتفاق الذي تم بوساطة مصرية، خلال الأيام الماضية، يقضي بضخّ الدبيبة مليار دينار ليبي (الدولار الأميركي يساوي 4.5 دنانير) بشكل عاجل في خزينة الرجمة (المقر العسكري لحفتر شرق بنغازي)، لتمكين حفتر من تسديد متأخرات خاصة بالمليشيات، والمرتزقة المتحالفين معه، مقابل تمرير الميزانية الجديدة من مجلس النواب، وتمكين الحكومة من بسط سيطرتها على مناطق الشرق للتمهيد لتنفيذ الاستحقاق الانتخابي المقرر أن يجرى في 24 ديسمبر المقبل.
وأكدت المصادر أنّ الوساطة المصرية بين الجانبين تعطلت، خلال الفترة الماضية، بسبب خلافات، بعدما كان مقرراً أن يحضر كل من الدبيبة وحفتر حفل تدشين قاعدة بحرية بمنطقة جرجوب على الساحل الشمالي الغربي لمصر. وأوضحت أن مباحثات الوساطة المصرية شهدت تجاذبات كثيرة بشأن حجم المديونيات التي طالب حفتر الدبيبة بتحمّلها مقابل تمرير الميزانية الجديدة، وتمكين الحكومة من مناطق شرق ليبيا، مؤكدة أن حفتر طالب حكومة الدبيبة بتحمل مبلغ يقارب الـ6 مليارات دينار، وهو ما أكد الدبيبة صعوبة تحقيقه.
وأشارت المصادر إلى أن المباحثات انتهت إلى الاتفاق على ضخ حكومة الوحدة مبلغ مليار دينار بشكل عاجل، على أن تتبع ذلك بضخ ملياري دينار على دفعتين، لدفع الرواتب المتأخرة للمنتسبين إلى قواته، والمرتزقة المقاتلين في صفوف المليشيات. وأشارت المصادر إلى أنه من المقرر أن يتبع اللقاء المرتقب بين حفتر والدبيبة في بنغازي اجتماع وزاري موسع في المدينة، وذلك تأكيداً على سريان الاتفاق ودخوله حيز التنفيذ. وأوضحت أن الضغوط الداخلية التي يواجهها الدبيبة داخل معسكر غرب ليبيا، والمتمثلة في التجاذب بين المجموعات المسلحة المكونة لقوات شرق ليبيا، بخلاف ضغوط دولية أخرى، ساهمت في تجاوب رئيس حكومة الوحدة مع مطالب حفتر.
وبحسب المصادر فإن الدبيبة يواجه ظروفا صعبة سياسيا، سواء على المستوى الداخلي في معسكره، أو على مستوى الحلفاء واللاعبين الدوليين، إذ إنه مطالب بالتوصل إلى معادلة تؤدي إلى حصول جميع الأطراف على مكاسب، في وقت لم يحسم الدبيبة نفسه مسألة الترشح للانتخابات الرئاسية من عدمها خلال الانتخابات في ديسمبر المقبل.
يأتي هذا في الوقت الذي قال فيه السفير والمبعوث الأميركي الخاص إلى ليبيا ريتشارد نورلاند، أخيراً، إن الولايات المتحدة تتشاطر الأفكار ذاتها مع الشعب الليبي بشأن التدخل الأجنبي، داعياً إلى تخفيف حدة تصاعده في أسرع وقت. وكان الدبيبة قد أقرّ، أخيراً، بصعوبة توحيد المؤسسة العسكرية، رغم التواصل مع حفتر، معتبراً، في تصريح صحافي، أن الأمور ليست سهلة. وقال: “بالطبع هناك تواصل مع حفتر، فهو شخص عسكري صعب، لكننا نتواصل معه والأمور ليست سهلة”. وتعهّد بإجراء الانتخابات النيابية والرئاسية في موعدها المقرر في 24 ديسمبر، لكنه حذّر من “تمسك بعض القائمين على المجلس التشريعي بالسلطة”. وأشار إلى أنه لم يقرر بعد ما إذا كان سيرشح نفسه لمنصب الرئاسة من عدمه، مرحّباً بأي اتفاق لإخراج المرتزقة والمقاتلين الأجانب من ليبيا.
يذكر أن مجلس الأمن حثّ عقب جلسة حول ليبيا، أخيراً، جميع الدول الأعضاء في المجلس والأطراف الليبية والجهات الفاعلة ذات الصلة على احترام ودعم تنفيذ وقف إطلاق النار وإخراج المرتزقة من البلاد.
وقال مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى ليبيا يان كوبيتش، خلال الجلسة، إن القوات التابعة لحفتر في الشرق لم تسمح لحكومة الوحدة الوطنية بالسيطرة على المنطقة. ومنذ أشهر، شهدت ليبيا انفراجة سياسية، حيث تسلمت سلطة انتقالية، تضمّ حكومة وحدة ومجلساً رئاسياً، مهامها لقيادة البلاد إلى الانتخابات، لكن حفتر ما يزال يتصرف بمعزل عن الحكومة الشرعية، ويسيطر على مناطق ليبية، ويقود مليشيا مسلحة، ويطلق على نفسه لقب “القائد الأعلى للقوات المسلحة”، منازعاً المجلس الرئاسي في صلاحياته.