* كتب/ محمد أبوفلغة،
من المعيب النظر للتاريخ أو الماضي بعدسة الحاضر السياسي بانقساماته واصطفافاته.
في هذا تبسيط مسيئ للتاريخ وتعقيداته. عدسة الحاضر السياسي نفسها بحاجة لتصحيح. لا تضامن بلا نقد. يقول المفكر الفلسطيني الأمريكي إدوارد سعيد إنه بالنظر لتاريخ الحركات السياسية يتبين أن تقديم التضامن أو الدعم على النقد يؤدي حتماً إلى موت النقد.
إن الدعم والولاء المطلق لطرف معين والتغاضي التام عن -بل وربما حتى العجز عن رؤية- مساوئه وأخطائه هو تعصب محض، أشبه ما يكون بالقبلية المقيتة. عدم القدرة على نقد جماعتك تعني انحيازاً كاملا أعمى يتجاوز حدود الاتفاق أو التوافق مع سياسة أو مواقف الجماعة. بالمقابل، لا نقد بلا تضامن.
نقد الجماعة الأخرى أو الطرف الآخر هو عملية سياسية بحتة لا أكثر. قد تكون هذه العملية ذات جدوى في تحقيق مكاسب سياسية، وقد تكون ضرورية في حالات الحرب وغيرها، ولكنها لا تنطوي على أي قواعد أخلاقية في حقيقتها. لا قيمة أخلاقية لنقد جماعة أنت لست جزءًا منها ولست قادرًا على تغيير موقفها أو التأثير فيها.
يختلف نقد الحليف عن نقد المخالف في أمرين أساسيين، هما الدافع والهدف. نقد الحليف ينطلق من دافع المحبة والحرص على جماعته وصورة الجماعة أمام الغير. أما نقد المخالف فدافعه العداء والكره. وبينما يهدف المتضامن في نقده إلى الإصلاح والنصح، يهدف المخالف للتعريض والفضح. القيمة الأخلاقية في الأول، بينما قد يحمل الآخر شيئا من قيمة سياسية. أنت مسؤول عن أفعالك وأفعال من يمثلونك وتدعمهم. نقدك لنفسك ولجماعتك فقط ما يستحق الاحترام. الجميع قادر على نقد الآخر، لا أسهل من هكذا نقد. أما نقد الذات فيتطلب الوقوف على أرضية أخلاقية صلبة لا تتاح للجميع.
للكاتب أيضا: