العربي الجديد-
كشفت مصادر دبلوماسية مصرية عن تطورات العلاقات المصرية التركية، مشيرة في أحاديث خاصة مع “العربي الجديد”، إلى أن الأسبوع الماضي شهد اجتماعاً على مستوى أمني استخباري بين الطرفين، بحث عدداً من الملفات العالقة، التي لا تزال تعطل تطبيع العلاقات بشكل كامل بين البلدين. وأوضحت المصادر أن الاجتماع الذي شهد تمثيلاً رفيع المستوى من الجانبين، انصبّ على بحث الأوضاع في ليبيا، في ظل الضغط الدولي، لإجراء الاستحقاقات الانتخابية المقررة في 24 ديسمبر المقبل، وتهيئة الوضع هناك، بما يسمح بتنفيذ تلك الاستحقاقات في تاريخها المحدد بشكل آمن. وأشارت المصادر إلى أن الاجتماع تطرق كذلك لملفات أمنية مشتركة بين البلدين، لافتة إلى أن الجانب المصري طالب نظيره التركي بإيضاحات بشأن أنشطة بعض الشركات والأنشطة الاقتصادية في تركيا، التي يملكها مصريون محسوبون على جماعة “الإخوان المسلمين” تلاحقهم اتهامات “بتولي نقل أموال لأعضاء جماعة الإخوان في مصر”.
وذكرت أن تلك الخطوة تأتي في إطار مزيد من الضغوط التي تفرضها السلطات المصرية على الجماعة داخل مصر، لافتة إلى أن تلك الأموال، المرجّح تحويلها عبر شركات وأنشطة اقتصادية، مخصصة للإنفاق على أسر أعضاء الجماعة والسجناء وذويهم.
وفيما يخصّ الأوضاع في ليبيا، قالت المصادر إن مصر أبدت تمسكها بمطالبها المتعلقة بالوجود العسكري التركي في غرب ليبيا، و”المقاتلين السوريين الذين يعملون تحت الإدارة التركية هناك”. ونوّهت إلى أن الجانب التركي أبدى تمسكاً بما سماهم “المدربين العسكريين الموجودين تحت مظلة اتفاقية التدريب العسكري الموقعة مع حكومة الوفاق السابقة”.
وبحسب المصادر، فإن “اللقاء لم يحرز اختراقاً كبيراً من جانب مصر فيما يخص الملف الليبي”. وأفادت أن أبرز ما خرج به اللقاء هو تعديل المطلب المصري من إلغاء الاتفاقية الأمنية الخاصة بالتدريب الموقعة بين حكومة الوفاق الليبية السابقة، إلى التجميد، لحين اختيار سلطة منتخبة في ليبيا، يكون من حقها إعادة النظر في تلك الاتفاقيات سواء بالموافقة أو الإلغاء، حتى لا تكون تلك السلطة الجديدة مرهونة بالضغوط العسكرية التركية وقتها.
وأفادت المصادر بأن الجانب التركي أبدى تفهّماً للمخاوف المصرية بشأن انتشار القوات الأجنبية في ليبيا، مؤكدة في الوقت نفسه أن العناصر التركية ليست ضمن قوات كبيرة بل بمثابة خبراء، وان وجودهم مرهون بمهمة محددة تنتهي بانتهائها، وهي المساهمة في تدريب العناصر الليبية والمساهمة في بناء الجيش الليبي الموحد. وكشفت أن الجانب التركي أبدى مرونة في إخضاع عمل مدربيه في ليبيا لإشراف أممي أو أميركي، إذا كان ذلك سيساهم في تهدئة المخاوف المصرية. وهو الأمر الذي طلب الجانب المصري دراسته والرد عليه لاحقاً في اجتماع آخر يتم تحديده بالتنسيق بين الجانبين.
يأتي ذلك في الوقت الذي قال فيه وزير الخارجية المصري سامح شكري، مساء أول من أمس الجمعة، إن “هناك قدراً من التقدم” في العلاقات مع تركيا “نأمل البناء عليه”.
وأوضح في تصريحات إعلامية، أن الجولة الاستكشافية الثانية مع تركيا تناولت العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية، مشيراً إلى وجود “تقييم” لأمور ثنائية وإقليمية. وقال إن “الأمر لم يصل بعد للخطوة المقبلة، بل هناك قدر من التقدم نأمل أن يتم البناء عليه”، لافتاً إلى أن “الاتصالات لا تزال تسير على نفس الوتيرة لما تم في الجولتين الأولى (مايو الماضي) والثانية (سبتمبر الماضي)”.
وتابع الوزير المصري “نقيّم إلى أي مدى هناك مراعاة للقواعد التي تحكم العلاقات الثنائية، والتزام كل طرف بعدم التدخل في الشؤون الداخلية لدى الطرف الآخر، ومبدأ الاحترام والاعتراف بسيادة الدولة، وفي إطار المراجعة للسياسات المنتهجة على المستوى الإقليمي”.
واستطرد شكري: “سنفتح الباب لمزيد من التقدم في علاقتنا مع تركيا، عندما نكون راضين عن الحلول المطروحة للمسائل العالقة بيننا”، من دون الإدلاء بمزيد من التفاصيل.
وفي 8 سبتمبر الماضي، أعلنت وزارة الخارجية التركية، أن الجولة الثانية من المشاورات الاستكشافية مع مصر أكدت رغبة البلدين في إحراز تقدم في قضايا محل نقاش، وتطبيع العلاقات. ووفق بيان مشترك لمصر وتركيا عقب الجولة الثانية، فقد “اتفق الطرفان على مواصلة تلك المشاورات والتأكيد على رغبتهما في تحقيق تقدم بالموضوعات محل النقاش، والحاجة لاتخاذ خطوات إضافية لتيسير تطبيع العلاقات بين الجانبين”. وفي 5 و6 مايو الماضي، عقدت الجولة الأولى من المحادثات الاستكشافية بين البلدين في القاهرة، بناء على دعوة من الجانب المصري، وفي ختامها صدر بيان مشترك وصف المحادثات بـ”الصريحة والمعمقة”.