* كتب/ مهند العربي،
الكتاب: “الثورات العربية وأفريقيا”
الكاتب: حلمي شعراوي
الناشر: الهيئة المصرية العامة للكتاب 2016
تفاعل الأفارقة منذ وقت مبكر سلبا وإيجابا مع مختلف الثورات التي عرفتها المنطقة العربية، وتصدرت الأحداث التي عرفتها مصر بحجمها وموقعها الاستراتيجي صدارة الأحداث في القارة الأفريقية، بالنظر إلى ما عرفته من ثورات أسهمت في تحديد واقع ومستقبل القارة.
وقد تصدى الكاتب المصري حلمي شعراوي لهذا الملف في كتابه “الثورات العربية وأفريقيا”، من خلال قراءة تاريخية وسياسية لأهم الثورات التي عرفتها المنطقة العربية، وتداعياتها الإقليمية وخصوصا منها الأفريقية.
الإعلامي المصري مهند العربي يعيد قراءة كتاب “الثورات العربية وأفريقيا”، الذي سبق أن قدمت له الباحثة المصرية رباب يحيى في “عربي21″، مركزا على أبرز معالم التأثير والتأثر بين الثورات العربية وإفريقيا..
علاقات تاريخية وثيقة
لا تزال ثورات الربيع تمثل حالة من النقاش والجدل حولها، منذ قيامها في عام 2011 حتى الآن، وتزايد هذا الأمر مع استمرار هذه الموجة بالعالم العربي بشقيه الإفريقي، الجزائر والسودان نموذجا، والآسيوي لبنان والعراق نموذجا، ومن هنا تأتي أهمية هذا الكتاب الذي نحن بصدده فرغم أنه يركز على الربيع العربي الإفريقي وعلاقته بباقي القارة، إلا أنه في نهاية الأمر يعكس اهتماما متزايدا بهذه الثورات .
ففي كتابه “الثورات العربية وأفريقيا” يحاول د. حلمي شعراوي الخبير بالشأن الأفريقي أن يربط بين الثورات العربية وأفريقيا عبر قرابة سبعين عاما، بداية من ثورة يوليو عام 1952 بقيادة جمال عبد الناصر ورفاقه مرورا بالثورة السودانية عام 1964 وكذلك الثورة الثانية عام 1985 وكذلك الثورة الجزائرية ثم ثورات الربيع العربي الأخيرة، مؤكدا على دور هذه الثورات وتأثيرها على أفريقيا أو ما يسمى بجنوب الصحراء، وهو ما يحاول أن يقربه الكاتب أكثر بقوله “تأثير ثورات الشمال الإفريقي على جنوبه” لافتا إلى العلاقة الوثيقة بين طرفي القارة تأثيرا وتأثرا .
ويتكون الكتاب من مقدمة وثلاثة أقسام، ضم القسم الأول ثمانية فصول، والقسم الثاني ضم خمس فصول والقسم الثالث والأخير وضم ثلاثة فصول .
في المقدمة ينطلق الكاتب من أن مفهوم الثورة أو الانتفاضة الذي يتردد هنا في الكتاب حسب قوله، إنما يصدر عن تقدير علمي لمعنى تراكم الاحتجاجات الاجتماعية النوعية في أنحاء البلاد، مما يصل بجماهير أمة إلى حالة الانتفاض طلبا للتغيير وأن الانتفاضة هي التعبير الأول عن التطلع للتغيير الثوري في عملية تحول اجتماعي جذري إذا قادتها قوى الثورة الفعلية.. بحسب الكاتب.
ولأن الكاتب كان قريبا من هذه التطورات، خاصة في جانبها الإفريقي من خلال عمله بالشأن الإفريقي منذ مطلع الستينيات من القرن الماضي، فإنه يحرص على أن تعكس اختياراته في مادة هذا الكتاب، رؤية ما جرى من تلك الزاوية الإفريقية.
يوليو ودعم حركات التحرر بإفريقيا
القسم الأول وحمل عنوان “التأسيس” ضم ثمانية فصول، جاء الفصل الأول تحت عنوان “ثورة يوليو، وحركة التحرر الوطني العالمية”.. يتناول هذا الفصل أحداث ثورة يوليو باعتبارها حركة تحرر فرضت نفسها في لحظة حاسمة من تاريخ العالم، ولا سيما في الدوائر التي تحركت فيها الثورة، وهي العربية والإفريقية والإسلامية، ولكن الكاتب يركز هنا على الدائرة الإفريقية باعتبارها موضوع الكتاب وتحت عنوان “ممارسات التحرر الوطني” وخاصة في إفريقيا مؤكدا وقوف ثورة يوليو وراء حركات التحرر في إفريقيا بقوله “وهو المبدأ الذي دفع ثورة يوليو للوقوف بقوة وراء حق الشعب الكيني والزيمبابوي في أسبقية ملحوظة حتى عن دعمها لثورة الجزائر” للتدليل على دعم ثورة يوليو لمحيطها الإفريقي .
ويشير الكاتب هنا إلى قيام منظمة الوحدة الإفريقية ودور ثورة يوليو في ذلك، واتخاذ القاهرة منفذا لأكثر من عشرين حركة تحرر وطنية إفريقية، تخاطب العالم من القاهرة عبر أكثر من خمسة وعشرين محطة إذاعة موجهة لإفريقيا .
في الفصل الثاني من هذا القسم والذي جاء تحت عنوان “ذكريات مصرية” عن تحرير إفريقيا تجربة شخصية وهنا يقول الكاتب في صفحة 35: “على القارئ أن يتخيل تفاعلات ذلك في نفس شاب التحق بالجامعة وكانت تدفعه قوة ضخ إعلامية هائلة من قبل نظام الضباط الأحرار، كل ذلك دفع الشاب إلى مبني “الرابطة الإفريقية”، حيث شباب البعوث الإسلامية والجامعات من أنحاء القارة ممن اندفعوا مع القوى الشعبية لحماية قناة السويس من العدوان الثلاثي”.
ويؤكد الكاتب على اهتمام عبد الناصر بإفريقيا من خلال دعم حركات التحرر والاستقلال في كينيا وأوغندا والكونغو وأريتريا إلى جانب الصومال، لتأمين حوض النيل بأشكال مختلفة، وتم ذلك بعدة أوجه ولكافة المجالات وامتد هذا إلى باقي الدول الأفريقية غرب القارة في إطار مقاومة الاستعمار وتحرير هذه الدول .
ويعود الكاتب إلى ذكرياته ودوره في هذا الإطار، حيث معرفته بالشباب الإفريقي ضمن الوفود الإفريقية، حيث كان يريد معرفة الكثير عن البلاد الإفريقية والمشاركة في المجلة التي صدرت باسم “نهضة إفريقيا”، حيث كانت الأحداث بجامعة القاهرة في هذه الفترة غنية بالمواقف المؤثرة في حياته وحياة مصر، حيث شهد وسط مجموعة الشباب الإفريقي فرحة انتصار مصر على العدوان الثلاثي .
حركات التحرر الإفريقي بالقاهرة
أما في الفصل الثالث من هذا القسم فيتناول حضور حركة تحرير الجنوب الإفريقي في القاهرة، وهنا يشير إلى حضور هذه الحركات التحررية إلى الشمال الإفريقي، متمثلا في القاهرة وتحديدا بحي الزمالك، حيث اتجاه جمال عبد الناصر إلى مبدأ القبول بتمثيل كافة حركات التحرير الراغبة في تمثيلها بالقاهرة، وسمح بفتح مكتب دائم لكل منها بمبنى الرابطة يرعاه ممثل كل حركة ويكون نافذة هذه الحركة على العالم وصوت شعبها، مشيرا في هذا الصدد إلى مقابلة ناصر لممثلي إفريقيا وبداية افتتاح مكاتب أوغندا وكينيا وجنوب إفريقيا والكاميرون، لافتا إلى علاقة هذه الحركات بالمجتمع المصري وعمق هذه العلاقة رغم عامل اللغة.
ويشير الكاتب هنا إلى دور هذه الحركات بالقاهرة في اتساع دائرة نشاط التحرر الوطني من فضاءات الأممية الشيوعية ومراكزها في أوروبا الشرقية أو قوى الديمقراطية الغربية و إلى دوائر فعالة في العالم الثالث وخاصة في العواصم الإفريقية، وتمثل ذلك في نشاط مجموعة الدار البيضاء يناير 1960 من خلال مجموعة الست والتي شملت مصر.. الجزائر.. المغرب.. غانا.. غينيا.. مالي.
ناصر ونكروما
وفي الفصل التالي يوثق الكاتب هذا التلاحم الإفريقي شمالا وجنوبا، حيث التلاقي بين جمال عبد الناصر وكوامي نكروما الزعيم الغاني بقوله: “ولا أجد صعوبة هنا أن أقر أن نكروما وعبد الناصر معا، معبران عن شعبيهما، فهما قد التقيا وتنافسا ورحلا في وقت واحد تقريبا، ففي الخمسينيات من القرن الماضي أنجز نكروما مع شعبه استقلال غانا 1957، وكان عبد الناصر قد استكمل مع جماهيره إخراج البريطانيين وحرر قناة السويس من الفرنسيين والإنجليز والإسرائيليين عقب تأميم القناة وواجه نكروما انقلاب النكبة 1966 كما واجه عبد الناصر هزيمة 1967 ثم رحل عبد الناصر عام 1970 ورحل نكروما عام 1972.
ويستمر الكاتب هنا في تناول علاقة الجنوب الإفريقي بالشمال الإفريقي من خلال المقارنة بين عبد الناصر من جهة ونكروما من جهة أخرى، مؤكدا من خلالها حجم التناغم والتوافق وليس الصراع، ولكن كل منهما كان يكمل الآخر وهو ربما تكامل الشمال والجنوب الإفريقي من أجل تحرر القارة وهو ما كان يشغلهما، وهنا يؤكد الكاتب الأمر بقوله “إن الواقع اليومي يحيل الزعيمين إلى مواقف مشتركة دون تخطيط مسبق تقريبا، وحتى مشروعاتهما كانت متشابهة منطلقة من منطلق اشتراكي، حيث بناء السدود واعتماد تجربة الحزب الواحد كآلية للعمل السياسي” .
ثورة الجزائر وأشواق ثورة أكتوبر بالسودان
ثم يتطرق الكاتب إلى الثورة الجزائرية وعلاقتها بمحيطها الإفريقي واصفا الكفاح المسلح الجزائري بأنه رمزا قويا في العملية الثورية في العالم، لقربه من قلب العالم الجغرافي والاستراتيجي وهو ما انعكس علي دورها في حركة التحرير بإفريقيا وحملها مشعل التحرر بعد هزيمة يونيو، وكذلك حركة العمل العربي والإفريقي وأشكاله التضامنية التي دفعها الزعيم الجزائري هواري بومدين بعد حرب أكتوبر .
وتحت عنوان أشواق ثورة أكتوبر في السودان يتحدث الكاتب عن الثورات السودانية وعلاقتها بإفريقيا والأثر الذي تركته في المشهد الإفريقي من خلال ثورتي 1964 و1985، فبعد اكتوبر 164 بدأ الزحف الثوري السوداني في عواصم أوغندا وأثيوبيا وأريتريا والكونغو، بحسب الكاتب الذي يعد تجارب السودان الثورية ملهمة بكل المقاييس لإفريقيا.
وهنا يقول الكاتب “المشهد الثوري السوداني يكمل معاني كثيرة علي المستوى العربي والإفريقي، بل والعالمي، حيث مشهد الرغبة في عالم استقلالي جديد، لا تنجزه وتيرة التغير القائمة، ولا عناصر الحكم فيها والتي بلغت في توافقها مع الطموح الشعبي حد قيام بعض العسكر بدور القيادة لعملية التغيير المباغتة. وجاءت تحركات أكتوبر المجيدة لتثير في الأذهان تساؤلات عما إذا كانت ثورة أم انتفاضة ومهما كان الحزن على ثورة أكتوبر، فإن الزخم الذي أجرته في الشعب السوداني منذ ذلك التاريخ وحتى تكرارها النسبي في إبريل 1985 لا بد أن يوحي بمعنى الثورة في أكتوبر بأكثر مما جعلها مجرد انتفاضة”، بحسب الكاتب.
تداعيات الانتفاضات العربية.. مصر نموذجا
وفي القسم الثاني من الكتاب والذي جاء تحت عنوان “الانتفاضات الشعبية العربية وتداعياتها” ويتخذ الكاتب من حالة مصر نموذجا ومتناولا جذور هذه الانتفاضات قبل ثورة يناير، والتي شهدت مشاركة اكثر من مليوني مواطن على مدى العقد الذي تناوله من خلال حوالى 2700 شكل احتجاجي ومطلبي بين القوى العاملة و1350 نشاط احتجاجي ومطلبي بين المهنيين وتفجر الموقف بين الفلاحين في 18 قرية، فضلا عن مئات الوقفات الشعبية أمام مجلس الشعب والمقرات الحكومية، بالإضافة إلى تظاهرات حركة كفاية في ميادين القاهرة منذ 2004.
ويتناول الكاتب هنا تاريخ الحركة الاحتجاجية المصرية الاجتماعية والتي عرفت تنوعا في التحركات الشعبية منذ وقت مبكر جعل الحديث عنها يبدو تقليديا في لحظة تالية، مثل حركة المرأة العفوية خلال ثورة 1919 كما عرفت رسوخ أقدام حركة الطلاب 1946 في الحياة السياسية في مصر وتحول فئات عسكرية وطنية إلى قوى اجتماعية ضمن حركة التغيير، وهذا يؤكد بالفعل أن التاريخ الاجتماعي في مصر هو عنصر فاعل في حركة المجتمع الحديثة .
وتعد الفترة من 2005 ـ 2010 أطول وأكبر حركة احتجاجية شهدتها مصر في تاريخها الحديث، حيث شارك فيها أكثر من مليوني مواطن من خلال الإضرابات والاعتصامات العمالية والفلاحية وإضرابات الأطباء والصيادلة والمعلمين والعديد من الفئات الاجتماعية، وفي هذا السياق ينظر لحركة “كفاية” على أنها تمثل بالفعل تحولا نوعيا في حركة المجتمع المدنية والشعبية، وانخراطه في عملية التغيير السياسي الشامل، وأن هذه الحركة ساهمت بشكل ملموس في تطوير الحركة الاحتجاجية في مصر وما حققته من نتائج ثم البناء عليه حتى إنجاز الانتفاضة.
ثم يتطرق الكاتب في القسم الثاني من كتابه إلى عدة نقاط متعلقة بالانتفاضات العربية بالشمال الإفريقي، سواء من حيث جذور وديناميات الثورات الشعبية في الشمال الإفريقي 2011 وناقش من خلال هذه العنوان عدة نقاط مثل.. الاستثناء العربي والتشاؤم الإفريقي والتحدي والاستجابة ونوع الديناميات في ثورة الشمال وكذلك فضاءات هذه الثورات بالإضافة إلى تساؤلات المستقبل القريب بشأن هذه الثورات.
دور الشباب البارز
وفي هذا السياق يشير لدور الشباب في هذه الثورات كلاعبين أساسيين كما هو الحال في مصر، حيث كانت الانتفاضة في البداية ضد وزير الداخلية، فإذ بالدفء الجماهيري بحسب تعبير الكاتب سواء في مصر أو تونس يحولها إلى انتفاضة كبرى أيضا، حيث يفرض التواصل الاجتماعي واقعا جديدا وتعريفا جديدا للشباب المصري، تشير إلى تعلمه ذاتيا من مصادر الحداثة وخبرة التعامل مع العنف .
ثم يتناول الكاتب في بقية هذا القسم عدة عنوانين من قبيل الثورة الشعبية في مواجهة الاستبداد وناقش من خلاله بعض الأفكار من قبيل مدى تفكيك أو تواصل آليات النظم التسلطية التي واجهتها هذه الانتفاضات وطبيعة القوى الجديدة وإجراءات الحكم الجديد عقب الثورة ومنهج التفاعل مع العالم الخارجي .
ويفرد الكاتب فصلا خاصا بعلاقات هذه الثورات بإفريقيا من خلال قراءة في الثورة المصرية، ومن خلال هذا العنوان يحاول الكاتب أن يرصد مقاطع يربط فيها بين الأحداث العربية بتطورات أفريقيا القريبة منها، مستشهدا بكتابات أفريقية في هذا الصدد ليتخذ هذا الترابط مكانه الخاص بين أحداث العالم، حيث الدهشة في القارة الإفريقية مما يحدث في الشمال الإفريقي وهو ما انعكس في كتابات إفريقية سواء في نيجيريا أو كينيا ومالاوي وجيبوتي وكذلك السنغال وتأثرها الكبير بما جرى واتخاذها لكلمة كفاية شعارا لها كما هو الحال في مصر .
مآخذ ثورات الربيع العربي
وهنا يسوق الكاتب مآخذ عربية وإفريقية وعلى ثورات الربيع العربي بقوله “اشتكت أطراف إفريقية وعربية وفلسطينية تحديدا من ضعف الرؤى الخارجية لهذه الثورات، متسائلة عن معنى إفريقيا والقضية الفلسطينية في خطابها في بداية هذه الثورات”، ولكن الكاتب أنصف هذه الثورات في ذات الوقت عندما أشار إلى مطالب هذه الثورات باستعادة دورها، خاصة مصر حيث المطالبة بالتحرر من التبعية في حكم مبارك ويربط ذلك بمطلب الكرامة والحرية من خلال تأمين الحدود ورفض بيع الغاز مع إسرائيل، وبالنسبة لإفريقيا كان هناك الدبلوماسية الشعبية مع دول حوض النيل، وكذلك انتشار وشيوع مقولة استعادة صورة مصر في إفريقيا ودورها التاريخي .
ولكن الكاتب وضع فصلا تحت عنوان “محاججة حركات الإسلام السياسي.. في علاقتها بالغرب والثورة المضادة”، وما يؤخذ على الكاتب هنا هو أن هذا الفصل الذي يبتعد عن الكتاب وموضوعه بدأ مقحما عليه، وهو علاقة الربيع العربي بإفريقيا وكأنه محاولة الهجوم على فترة حكم الإخوان بحكم خلفية المؤلف السياسية، وحتى عندما تناول علاقة حكم الإخوان بالخارج هاجمهم كثيرا رغم جولات الرئيس الراحل محمد مرسي خارج البلاد لعدة دول، إلا أنه اتهمهم بالانغلاق الموروث من نظام مبارك سواء عربيا أو إفريقيا متطرقا هنا إلى فلسفتهم الاقتصادية واتهامهم بتبني اقتصاد السوق لصالح رموزهم الاقتصادية مبررا خروج المتظاهرين ضدهم لهذه الاسباب .
تطورات الشمال الإفريقي وموقف إفريقيا من 30 يونيو
وفي القسم الثالث والأخير من الكتاب والذي كان عنوانه “مواقف من تطورات الشمال الإفريقي” ويتناول فيه الثورة الليبية من أكثر من محور، سواء ما دار حولها من جدل بشان تدخل حلف الأطلنطي للإطاحة بحكم القذافي أو الموقف العربي من خلال جامعة الدول العربية، وكذلك الموقف الإفريقي الذي انتابته بعض المخاوف من التغيير بعدما رأى ما جرى بليبيا من عسكرة الثورة على عكس ما جرى بمصر وتونس، وانعكس هذا الأمر على الموقف الإفريقي في شكل حرب باردة سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي متناولا موقف الاتحاد الإفريقي منها والتردد أنها بسبب تدخل حلف الأطلنطي على الخط، مشيرا إلى وضع إفريقيا بعد القذافي حيث علاقة القذافي بإفريقيا وطموحه بإنشاء ولايات إفريقية على غرار الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما جعل بعض الدول ينتابها الخوف مما جرى في ليبيا.
ثم تطرق الكاتب إلى الجدل الإفريقي حول ثورات الشمال الإفريقي وأبعادها، حيث التخوف وعدم وضوح الرؤية مبكرا إفريقيا حول أبعاد هذه الثورات وتمددها إفريقيا وظهور بعض المواقف خاصة بعد أحداث ليبيا، واعتبر الكاتب النقاش الإفريقي في أحد الندوات حول هذه الثورات بأحد الدول الإفريقية اهتماما بها رغم المخاوف منها، لأن هذا يدل على مدى الاهتمام الإفريقي بما يجري بالثورات العربية بالشمال، وتناول هذا الأمر من خلال عدة عنوانين فرعية مثل.. تساؤلات المثقفين، جدل النماذج العربية، هجرة الثورة.. الثورة الإفريقية بين شمال وجنوب أثيوبيا قلب الشرق الأوسط.
وفي نهاية هذا القسم يتناول الكاتب الموقف الإفريقي من أحداث 30 يونيو بمصر والتردد تارة والرفض لها تارة أخرى خاصة من جانب الاتحاد الإفريقي الذي اعتبرها انقلابا ولم يتغير هذا الموقف إلا بعد عدة أشهر، وهو ما انعكس فكريا على كتاب أفارقة ورؤيتهم لهذا الأمر باعتباره تعديا على الديمقراطية خاصة جنوب إفريقيا، وتطرق إلى موقف الاتحاد الإفريقي من هذه الأحداث مفردا عنوانا خاصا به “انحياز الاتحاد الإفريقي” ويقصد به هنا انحيازه لصالح الرئيس مرسي إلى أن تغير موقفه لاحقا.
_______________________________________
*نشر الموضوع على موقع عربي 21 الخميس (02 يونيو 2022م)