العربي الجديد-
تزداد مظاهر التغيرات المناخية المقلقة في ليبيا، ومن بينها تشققات سطح الأرض والحفر. ويدرك الأهالي أنها تنتج من هزات خفيفة لا يشعرون بها، لكنهم يطالبون السلطات بدرس الظاهرة وكشف أسبابها لتهدئة المخاوف.
في آخر مستجدات ظاهرة التشققات الأرضية في ليبيا إعلان مركز الشرطة الزراعية في منطقة بئر غنم جنوبي العاصمة طرابلس، مطلع مايو الجاري، رصد تشققات في أكثر من موقع بالمنطقة، وذلك استناداً إلى بلاغات قدمها السكان.
وحدد مسؤولو المركز موقع التشققات في المنطقة التي تقع بين بئر الغنم ووادي الحيّ جنوب غربيّ طرابلس، وأشاروا إلى أن طول أحدها تجاوز 800 متر بعمق نحو ثلاثة أمتار.
ويشبه شكل التشققات في منطقة بئر غنم الى حدّ كبير تلك التي ظهرت للمرة الأولى في أجزاء من منطقة السبيعة جنوب شرقيّ طرابلس. وتناقلت منصات التواصل الاجتماعي في شكل واسع صور وفيديوهات التشققات في المنطقتين، وسط تزايد قلق السكان من أسبابها وتداعياتها.
يقول محمد الحراري، أحد سكان بئر غنم، لـ”العربي الجديد”، إن “أهالي منطقة قطيس التي تقع بين بئر غنم ووادي الحي، رصدوا الشقوق للمرة الأولى في إبريل الماضي، واستغربوا ظهورها، رغم أنها كانت غير لافتة، ثم زاد طولها في شكل سريع، ما زاد قلقهم”.
ويُطالب الحراري بسرعة كشف أسباب الظاهرة لتهدئة روع السكان، ويشير إلى أن جهاز الشرطة الزراعية أبلغ السكان أنه أعدّ تقريراً عن الظاهرة، وأحاله على جهات الاختصاص الحكومية.
وظهرت التشققات الأرضية في مزارع حيّ أبو عائشة بمنطقة السبيعة، جنوب شرقيّ طرابلس، في يناير الماضي، وكانت في شكل فتحات وحفر صغيرة متسلسلة امتدت أمتاراً عدة، ثم زاد عمقها وطولها في فبراير الماضي، ووصلت الى طول 5 أمتار وعمق نحو مترين، ما لفت انتباه السكان إليها الذين ابلغوا السلطات المحلية في بلدية السبيعة عنها.
وخلال مارس الماضي وصل طول أحد الشقوق الأرضية الى 50 متراً، فشكلت الحكومة في طرابلس لجنة للتحقيق في الظاهرة ضمّت مسؤولين في وزارة البيئة وآخرين في إدارات محلية. وتلا ذلك إعلان وزارة البيئة بدء زيارة المنطقة للكشف على المزارع وإعداد التقارير اللازمة في شأن أوضاعها
ويبدي أهالي السبيعة تخوفهم وقلقهم من التشققات الأرضية، وإمكانية علاقتها بما شهدته البلاد من هزات أرضية، خصوصاً تلك التي شهدتها طرابلس في أكتوبر الماضي، وقبلها مدينة غريان القريبة من السبيعة وبئر غنم. لكن الأكاديمي وأستاذ علوم الجيولوجيا البيئية الصدّيق الشهوبي، يستبعد أن تسبّب الظاهرة تداعيات كبيرة، بحسب ما تزعم بعض المنصات، علماً أن الظاهرة تكررت مرات في ليبيا، آخرها في جنوب مدينة الزاوية في سبتمبر 2019 حين تناقلت صورها وسائل إعلام.
ويقرّ الشهوبي بأنّ “السلطات والجهات الأكاديمية والعلمية ليس لديها تفسير للظاهرة، لكن لا بدّ من الإشارة أيضاً إلى أن أسباب الزلازل التي يخاف الناس أن تكون التشققات مقدمة لها معلومة ومحددة، ولم يظهر أي شيء منها في ليبيا. وحتى الهزات الخفيفة التي شهدتها طرابلس وغريان وقبالة الشاطئ لا تلمّح إلى إمكانية حدوث كوارث زلازل كبيرة”.
يضيف: “لا شك في أن الظاهرة ترتبط بالتغيّر المناخي على غرار تذبذب حركة المد والجزر وتراجع الأمطار، لكن هذا التغيّر لا يشمل ليبيا فقط، بل أيضاً تونس والجزائر ومصر وجنوب أوروبا، لذا من الضروري أن تنسق السلطات مع هذه الدول لتعرف الى أين وصلت نتائج دراساتها الخاصة بظاهرة التشققات”.
وفيما يرجّح الشهوبي أن تكون الشقوق والتغيّرات الأرضية عموماً على علاقة بخلل في منظومة صفائح القشرة الأرضية، أو ناتجة من التفجيرات التي تنفذها معامل الإسمنت في المناطق الجبلية، أو على علاقة بنتائج السحب غير المدروس في خزانات الغاز والمياه الجوفية، لكنه يستدرك بأنّ كل هذه الأسباب لن تؤدي الى تداعيات خطيرة”.
ورغم طمأناته، يطالب الشهوبي بضرورة تكثيف الدراسات وإجراءات مسح ظواهر التغيّر المناخي التي أدت الى مظاهر التشققات الأرضية وطفح المياه الجوفية في المناطق، وهو ما حدث في مدينة زليتن التي تعاني منذ مطلع العام الجاري من فيضان المياه الجوفية الى سطح الأرض، ما سبّب نزوح عشرات الأسر من مساكنها.
وكانت حكومة طرابلس قد شكلت لجنه للكشف عن أسباب فيضان المياه الجوفية، كذلك أعلنت حكومة مجلس النواب في الشرق أن زليتن مدينة منكوبة، وخصصت ميزانية للتغلب على الأزمة.
وتواصل الشركة العامة للمياه والصرف الصحي حتى الآن أعمال شفط المياه من المدينة، خصوصاً من منازل المواطنين التي غمرتها المياه الجوفية، وهي ذات الآلية التي اعتمدتها بلدية المدينة لمواجهة الأزمة عند حدوثها.