اخباراقتصادالرئيسية

قبل إطلاقه خدمة تقديم الاعتمادات المستندية إلكترونيا: المركزي يدعو الحكومة للتعامل الأمني مع السوق السوداء

أكاديميون يحملون المركزي مسؤولية خروج السوق السوداء عن السيطرة

الناس-

أطلق مصرف ليبيا المركزي خدمة تسجيل الشركات الراغبة في التحصل على النقد الأجنبي ضمن منصة حجز العملة الأجنبية.

وذكر المركز على صفحته الرئيسية الأربعاء (23 يوليو 2025م) بأنه أطلق نسخة تجريبية للخدمة في إطار تطوير آلية تقديم الاعتمادات المستندية لضمان الشفافية والعدالة، على أن ينطلق العمل الرسمي للعمل بها في الأول من أغسطس. مشترطا حصول الشركة على الرمز المصرفي CBL key ورقم حساب الشركة بالمصرف IBAN.

 

المركزي عاد في اليوم التالي وأفاد في تصريحات صحفية بأن أكثر من (130) شركة ومكتب صرافة جاهزة لمنحها الموافقة النهائية، مطلع الأسبوع التالي، ليصل عدد الموافقات النهائية الممنوحة 260 مكتب وشركة. مشيرا إلى أن هذا العدد يكفي لتغطية احتياجات السوق في كل ليبيا.

ووجه الدعوة إلى مديري الشركات والمكاتب لحضور الاجتماع مع المحافظ في الثالث من أغسطس لمناقشة المواضيع المتعلقة بتنظيم مباشرة عملهم، والاتفاق على آلية تغذية حساباتهم من المصرف. حيث تسمح التراخيص الممنوحة لها ببيع العملة الأجنبية بهامش ربح (0.7%) على سعر بيع مصرف ليبيا المركزي للمصارف.

 

وأعرب المركزي في تصريحات صحفية عن خشيته من تغول السوق السوداء، محملا المسؤولية على ضعف الأجهزة الأمنية وغيابها، فالسوق السوداء –حسب التصريحات المنشورة- نظام مصرفي مواز، شبابيك إيداع وسحب ومنظومات أمام الجميع و “عملات نقدية تنقل بالملايين في عربات تقودها عمالة وافدة أمام أعين الأجهزة الأمنية ومضاربة بالعملة ليس لها مبرر إلا الجشع”.

هذه التصريحات في هذا التوقيت من المصرف أدت إلى ارتفاع أسعار العملات في السوق السوداء مجددا بعد أن شهدت بعض التراجع في ضوء التطورات السابقة لها.

وألقى المصرف بالكرة إلى الحكومة ووزاراتها محملا إياها مسؤولية نمو السوق السوداء مضيفا: “هذه جرائم أمام العلن نهارا جهارا، وعمليات غسيل أموال شوهت سمعة ليبيا ووضعتها تحت طائلة العقوبات الدولية وتصنيفها دولة عالية المخاطر”.

صحيفة صدى الاقتصادية التي كانت أول من نشر هذه التصريحات ونقلت عنها منصات أخرى لاحقا، لم تشر إلى من أطلقها ومن أي مستوى في إدارة المصرف المركزي، لكن المصرف لم ينف أو يرد، الأمر الذي يعزز صحة الرواية التي قال في فيها المتحدث للصحيفة أيضا: “لو نمتلك سلطة إنفاذ القانون لاقتحمنا هذه الأوكار التي أضرت بالاقتصاد وقيمة الدينار، وسنعمل مع الأجهزة الأمنية وأجهزة الدولة بالقضاء على هذه السوق وسننظمها بقوة القانون، ونمنح تراخيص للشركات والمكاتب لمن يرغب تنظيم نفسه وعمله في اطار الضوابط والدعم الذي نقدمه”.

 

المحللون الاقتصاديون المتفاعلون مع تطورات سوق العملة التقطوا هذه التصريحات وكانت لهم ردود:

تساءل الأستاذ عبدالحميد الفضيل في إدراج على صفحته بعنون يقول: “محاربة السوق السوداء بالقوة. حل للأزمة أم زيادة تأزيم؟”.

وعلق الفضيل بأنه قبل الحديث عن الحلول الأمنية لإغلاق السوق السوداء، فإنه يجب التوقف عند تساؤلات جوهرية: “كيف توسعت هذه السوق وأصبحت حركة البيع والشراء فيها تتجاوز المليارات؟ كيف نجحت في العمل بهذه الكفاءة والسرعة في ظل وجود القنوات الرسمية؟”.

ويجيب هو نفسه عن تساؤلاته قائلا: “برأيي يعود السبب الرئيسي لتضخم السوق السوداء إلى عجز شريحة واسعة من التجار —خاصة الصغار منهم— وكذلك الأفراد، عن الحصول على النقد الأجنبي عبر القنوات الرسمية، ما اضطرهم للجوء إلى السوق الموازية كخيار لا بديل عنه”.

ويخشى أن محاولة إغلاق السوداء بالقوة قد تأتي بنتيجة عكسية، من خلال تقليص العرض من النقد الأجنبي، ما يؤدي –في تقديره- إلى ارتفاع سعر الصرف أكثر”.

وأضاف أن “السوق الموازية أصبحت تعتمد على وسائل اتصال بديلة مثل غرف «الواتساب» وغيرها، فكيف يمكن السيطرة عليها بالكامل بالقوة؟”

ويخلص الفضيل إلى أن “المشكلة في جوهرها مالية وليست ي وجود السوق السوداء بحد ذاتها، فهي نتيجة وليست سببا”.

ووضع يده على ما يراه السبب الحقيقي وهو “الإنفاق المزدوج، الذي خلق طلبا كبيرا على النقد الأجنبي فاق قدرة المصرف المركزي على التلبية. وعليه، إذا تمكّن المركزي من توفير النقد الأجنبي لجميع المستحقين وفق الضوابط القانونية ستتلاشى السوق السوداء تلقائيًا دون الحاجة لحلول أمنية معقدة قد تزيد الوضع تأزيما”.

 

الدكتور عمر زرموح أستاذ الاقتصاد بالجامعات الليبية يرى أن اللجوء للحل الأمني سببه “أن أيقن المركزي بفشله في سياسته النقدية وفشل الدولة في السياسة المالية، وبدلا من أن يعترف بحقيقة الفشل بغية التوصل إلى حل علمي، فإذا به يطالعنا اليوم بهذا التصريح الذي يحاول فيه الهروب من المشكلة وتلبيسها للجهات الأمنية”.

ودعا زرموح للخروج من المشكلة بالسياسات الاقتصادية الرشيدة (وليس بالعناد)، معبرا عن اعتقاده بأن العنف سيجعل السوق السوداء أكثر سوادا “لأنها ستستمر بشكل آخر”.

ويرى أن المصرف فشل في تنظيم السوق الموازية وجعلها جزءا لا يتجزأ من سوق النقد الأجنبي “بدليل أن الناس الذين تقدموا بطلباتهم إليك للحصول على موافقتك الكريمة منذ 12 سنة (تقريبا) مازالوا ينتظرون ولم يتمكنوا من العمل. ومصارفك فشلت في تقديم خدماتها فكيف تريد أو تتخيل الناس تشتغل؟”- يتساءل.

ويخلص الأكاديمي الليبي إلى أن المصرف “لم يقلها علانية لكنه قالها ضمنيا: على الليبيين أن يأكلوا التراب”.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى