اخباراقتصادالرئيسية

قادما من ليبيا والجزائر.. الجراد يكتسح الجنوب التونسي و”الفاو” تحذر

الحرة-

تزداد المخاوف في تونس من انتشار أسراب من الجراد الصحراوي بعدد من محافظات جنوب البلاد، وسط تأكيد من السلطات التونسية بأن سرعة الرياح تساهم في نقل هذه الحشرات من ليبيا والجزائر إلى الحدود التونسية.

يأتي ذلك في ظرف توقعت فيه منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة “الفاو” ولادة أسراب أخرى من الجراد الصحراوي في جنوب تونس ابتداء من مطلع الأسبوع المقبل.

وحذرت “الفاو” الثلاثاء، من حدوث التكاثر الربيعي في جنوب تونس ووسط الجزائر وغرب ليبيا إذ ستولد مجموعات صغيرة من الجراد مع بداية أبريل المقبل.

ويتزامن ذلك مع موجة من التقلبات الجوية تشهدها تونس هذا الأسبوع تتخللها أمطار ورياح، مما يرفع سقف الهواجس لدى التونسيين من تأثيرها في انتشار الجراد الصحراوي وتداعياته على المحاصيل الزراعية في البلاد.

تونس بلد غزو لا تكاثر

وفيما تؤكد وزارة الفلاحة التونسية بأن الجراد الصحراوي منتشر ويتكاثر سنويا بـ 10 دول إفريقية تقريبا (الشمال والساحل الإفريقي) ومنها بالدولتين المجاورتين ليبيا والجزائر، فإن الوزارة توضّح أن تونس والسينغال وبوركينافاسو تعتبر بلدان “غزو لا تكاثر”.

وأبرزت الوزارة خلال مؤتمر صحفي عقدته أواسط الأسبوع الماضي، أن الجراد الصحراوي يمر بثلاث مراحل تقريبا أولها مرحلة حمله للون الأحمر والبني ويكون في مرحلة الانفراد والانعزال، ثم يبلغ مرحلة خطيرة جدّا بحمله اللون الأصفر الفاقع والتحضير لبلوغ ما يعرف بالمرحلة الاجتماعية أي الزحف في مجموعات كبرى على الزراعات والغذاء النباتي.

في المقابل حذر الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري (أكبر نقابة فلاحية في البلاد) من مخاطر انتشار الجراد الصحراوي في الجنوب التونسي داعيا السلطات التونسية إلى التعاون مع ليبيا والجزائر للتصدي لهذه الآفة التي تهدد المحاصيل الزراعية.

وفي هذا الخصوص، أكد رئيس الاتحاد الجهوي للفلاحة بمحافظة قبلي جنوب تونس، نصر بن لطيف، لموقع “الحرة” أن السلطات التونسية تدخلت بمداواة عشرات الهكتارات التي ينتشر فيها الجراد، مشيرا إلى أن الوضع ما يزال “تحت السيطرة” إلى حد الآن.

مخاوف من سرعة الانتشار

وفي ما يتعلق بانتشار الجراد الصحراوي في عدد من محافظات الجنوب التونسي، أعرب نصر بن لطيف عن مخاوف الفلاحين من إمكانية اتساع رقعة تحرك الجراد بفعل التغيرات المناخية التي تعيشها البلاد، لافتا إلى وجود صعوبات في مواصلة حملة مكافحته حتى لا يصل إلى المحاصيل الزراعية.

وذكر المتحدث أن الأضرار الناجمة عن اكتساح هذا النوع من الحشرات لمساحات واسعة في البلاد، اقتصرت بالأساس على المراعي خاصة في المناطق الصحراوية، مشددا أن المساعي حثيثة من سلط الإشراف على أن يمتد انتشار الجراد إلى الواحات والمناطق الزراعية.

وقد حذر تقرير سابق لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة “الفاو” من قدرة هذه الحشرة الصغيرة التي تتحرك في أسراب تصل إلى المليارات أو حتى التريليونات على الانتشار على مساحات واسعة من الأراضي وتسبب أضرارا كارثية على المراعي والمحاصيل.

من جانب آخر تداول تونسيون مقاطع فيديو على منصات التواصل الاجتماعي تظهر زحف أعداد هائلة من الجراد الصحراوي في الجنوب الشرقي لتونس، مطالبين السلطات بالتدخل العاجل لمكافحة هذه الآفة.

تهديد للأمن الغذائي

من جانبه، يؤكد الناشط البيئي، الهادي التليلي، في حديثه لـ”الحرة” أن الجراد الصحراوي يعتبر من أخطر الآفات المهاجرة ويشكل تهديدا رئيسيا للأمن الغذائي وقد يؤدي أحيانا إلى المجاعة وتشريد الشعوب.

وأوضح التليلي، أن دراسات سابقة لـ “الفاو” أشارت إلى أنه يمكن لسرب صغير من الجراد أن يلتهم الكمية نفسها من الغذاء التي يتناولها 35 ألف شخص أو أن يلحق الضرر بنحو 100 طن من المحاصيل على مساحة كيلومتر مربع من الحقول.

وأبرز أنه لمكافحة انتشار الجراد، تستخدم المبيدات الحشرية بشكل واسع، ورغم فعاليتها في تقليل أعداده، إلاّ أن لهذه المبيدات تأثيرات سلبية على البيئة والصحة العامة.

وأشار المتحدث إلى أن التركيز على المواد الكيميائية، يؤدي إلى تلوث التربة والمياه، والتأثير سلبا على الكائنات الحية الأخرى بما في ذلك الحشرات النافعة والطيور، فضلا عن التسبب في مشاكل صحية للبشر عند التعرض لها بشكل مباشر أو غير مباشر.

وسبق لوزارة الفلاحة التونسية، أن حذرت من مخاطر تناول أطباق الجراد التي تناقل صورها تونسيون على منصات التواصل الاجتماعي، مشددة على أنه قد يحمل سموما ناجمة عن المبيدات الكيميائية التي وقع استخدامها لمكافحته.

مساع للاحتواء

وفي مسعى منها لاحتواء أسراب الجراد التي تم رصدها بعدد من محافظات الجنوب التونسي، اتخذت السلطات التونسية سلسلة من الإجراءات لمنع توسع دائرة انتشارها من ذلك تنفيذ عمليات رش جوي بالمبيدات.

وقد أعلنت وزارة الفلاحة في بلاغ، أنها قامت بعملية رش جوي بالمبيدات وذلك بالمنطقة الحدودية العسكرية بين رمادة وذهيبة بمحافظة تطاوين في أقصى جنوب البلاد.

وأوضحت الوزارة أن المساحات المستهدفة قدرت بنحو 100 هكتار، فيما “استغرقت المهمة عدة ساعات تم خلالها تنفيذ عمليات رش دقيقة لضمان القضاء على مجموعات الجراد المتفرقة ومنع تكاثرها”.

كما لفتت إلى تواصل عمليات الاستكشاف الجوي باستخدام الطائرات دون طيار لمراقبة أي تحركات جديدة للجراد الصحراوي.

يشار إلى أن تونس شهدت في خمسينات القرن الماضي زحفا مدمرا للجراد، أعقبتها موجتا زحف في 1987 و 2012 ، تمكنت فيهما السلطات التونسية من إيقاف خطر هذه الآفة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى