* كتب/ أسامة وريث،
في (16 نوفمبر 1918م) تأسست “الجمهورية الطرابلسية” ويعتبرها البعض (أول جمهـورية) في تاريـخ الدول المغاربية والإفريقية والعربيـة والإسـلامية المعـاصـرة.
كما تعد “جمهورية زحلة” بلبنان هي الأولى على صعيد الشرق الأوسط خلال سنوات 1825 – 1858. وبهذا تكون الجمهورية الطرابلسية الأولى في كامل القارة الإفريقية.
جاءت فكرتها لأجـل إنشـاء حكومـة دولـة وطنـية..
(في الركـن الغـربي من البـلاد، حيث يبـرز أكبـر زعـامـات ليبيـا) أجتمع في (16 نوفمبر 1918) زعماء النواحي الغربية في وسط الإقليم بـ( مسـلاتـه -بمسجد المجـابـرة) لتأسيس جمهورية طرابلسية، فانتخب لها (سليمـان البـاروني، باشا طرابلس الغرب منذ 1915 ورئيس حكومة الجبل يفرن 1912، رمضـان بك السـويحلي رئيس حكومة مصراته 1915، وأحـمد المـريض، وجيه ترهـونة، وعبد النبيء بلخيـر، زعيم ورفلة).
وانتخب لها (مجلس للشورى) مؤلف من 24 عضوا يمثلون مختلف مناطق الجمهورية، برئاسة (محمـد سـوف المحمـودي) من قادة المحاميد بالجبل، ويعاونه بالنيابة (يحـيى عبـدالله البـاروني)
وعضوية كل من:
الشيخ عبد الصمد النعاس، عضوا من ترهونة.
الحاج مفتاح التريكي، عضوا من مسلاتة.
الشيخ على بن رحاب، عضوا من قماطة.
الحاج محمد بن خليفة، عضوا من الساحل.
عبد السلام الجدايمي، عضوا من زليتن.
الحاج علي المنقوش، عضوا من مصراتة.
محمد المنتصر، عضوا عن سرت.
مفتاح التايب، عضوا من ورفلة.
محمد بن بشير، عضوا من أولاد أبي سيف.
عبد الرحمن بركان، عضوا من مرزق.
محمد بن أحمد الفايدي، عضوا من الشاطئ.
الشيخ الحبيب عز الدين، عضوا من غدامس.
إبراهيم أبي الأحباس، عضوا من الجبل.
الحاج محمد فكيني، عضوا من الرجبان.
الشيخ أحمد البدوي، عضوا من الزنتان.
سالم البرشوشي، عضوا من يفرن.
الشيخ شطيبة، عضوا من غريان.
علي بن تنتوش، عضوا من ورشفانة.
عبد الرحمن شلابي، عضوا من الزاوية.
علي شالابي، عضوا من النواحي الأربعة.
عبيدة المحجوبي، عضوا من صرمان والعجيلات.
وتشكل أيضا مجلس للعلماء (المجلس الشرعي) ويتكون من أربعة علماء:
الشيخ عمر الميساوي، والشيخ الزروق بورخيص، والشيخ محمد الإمام، والشيخ مختار الشكشوكي.
واختير (مختار كعبار الشركسي) وجيه غريان، مسؤولا عن الشؤون المالية.
و(عبد الرحمن عزام) مستشارا للرئاسة.
وكما يطلعنا المؤرخ المناضل أحمد زارم، تم إصدار صحيفتين خطيتين باسم الجمهورية وقادة المناطق، واحدة في مصراتة باسم صحيفة إفريقيا.. والثانية في مسلاته باسم: جريدة اللواء الطرابلسي بخط السياسي عثمان القيزاني .
فكرة التأسيس:-
لا توجد في المصادر والمذكرات أية إشارة للجهة أو الشخصية التي بدرت منها هذه الفكرة. وكل ما لديّ هو افتراضين/استنتاجين شخصيّين. أضعهما بين أيديكم:
الأول: من المحتمل أن فكرة الجمهورية جاءت من (المناضل: محمد فرحات بك الزاوي) والذي عُرف عنه تصريحه الشهير بعد تأسيسه لأول حكومة في ليبيا، وهي حكومة طرابلس، اختير مقرها فترة الجهاد المبكر في قصر بن غشير سنة 1912 وقد صرّح قائلا:
” إذا لم تدعمنا الدولة العلية (العثمانية) فإننا سنقيم جمهورية طرابلس”!
مما يبعثني على الاعتقاد بأن فكرة الجمهورية قد جاءت من فرحات الزاوي، خصوصا وأنه أول من درس القانون بفرنسا، وهي من أشهر جمهوريات العالم وقتذاك.
الافتراض الثاني، وكما يبدو لي (من سياق الزيارات والتحركات) فإن فكرة التأسيس كانت (لأبناء الباروني سليمان ويحيى)، والتنفيذ تم في (مصراتة)، ويظهر هذا من خلال زيارة يحيى الباروني أولا لمقر حكومة السويحلي بمصراتة، ثم زيارة سليمان بعده.. ويؤكد الإنجليزي John Wright جون رايت، بأن مصراتة اختيرت عاصمة للقطر بسبب استمرار وقوع طرابلس تحت الحكم الإيطالي.. وبحسب ما أشار له المؤرخ جون رايت في كتابه تاريخ ليبيا، قائلا: “من أولئك الحلفاء جميعا أُعلنت جمهورية طرابلسية مستقلة، عاصمتها مصراتة”.
تمت مناقشة الفكرة كما يبدو بين (سليمان باشا الباروني ورمضان بك السويحلي) في القصر الإداري الكبير بمركز المدينة، والذي حمل فيما بعد اسم قصر الجمهورية.
وكان الأستاذ المصري عبد الرحمن عزام؛ عرّابا/مبتكراً أيضا لمسألة تأسيس الجمهورية. فيما كان اقتراح الزعماء بالرئاسة للأمير التركي: عصمان فؤاد أفندي: نجل السلطان محمد رشاد الخامس، وأحد قادة الجيش العثماني في طرابلس، ولكنه اعتذر.. مصدر المعلومات من كتاب جهاد الأبطال للعلامة الطاهر الزاوي، وكتاب جمهورية طرابلس لأندرسون Andersonوتاريخ ليبيا للسياسي للإنجليزي جون رايت John Wright .
وجاء في بيان تأسيس الجمهورية الطرابلسية، نقلا عن كتاب جهاد الأبطال، للعلامة الطاهر الزاوي:
(إن الأمة الطرابلسية تعتبر نفسها حائزة لاستقلالها، اكتسبته بدماء أبنائها منذ سبع سنين، وسعيدة بالتوصل إلى هذه الغاية التي هي أشرف ما تصل إليه الأمم، وتهنئ أبناءها بتمام نجاحها واتحادها على الثبات التام في الدفاع عن وطنهم وحكومتهم الجمهورية الجديدة، والتوفيق من الله تعالى وحده ).
وكان نشيد علم الجمهورية الطرابلسية يقول ووفقا للشعار المتمثل في النخلة والنجمة ولون السماء:
” ياسماوي يا لون العيد،، يا بو نجمة وجريد”!
بادر مجلس الجمهورية بالعمل على إبلاغ قناصل الدول الأجنبية بقرار التأسيس، وطلب (برئاسة السيد مختار كعبار الشركسي) من الحكومة الإيطالية الشروط التالية:
– وقف جميع عملياتها العسكرية أولاً في كامل طرابلس الغرب.
– الاعتراف ثانياً بالجمهورية الطرابلسية كدولة مستقلة.
– تحقيق السيادة وترسيخ الحقوق والإصلاحات وفق قانون أساسي/دستور.
الأمر الذي رفضته إيطاليا مما سرّع من حتمية المواجهة أكثر بين الطرفين.
انتهت مرحلة الجمهورية الطرابلسية والتي استمرت ستة أشهر ونصف (16 نوفمبر 1918 – أول يونيو 1919).
واستؤنف القتال ونشبت عدة معارك جديدة؛ أفضت إلى رضوخ إيطاليا عبر (صـلح سـواني بنيـادم 1919) ومفاوضات السراي بقيادة (حسونة باشا قرمانلي) وتوقف فرقها العسكرية مؤقتا عن اجتياح القطر.
في (30 سبتمبر 1919) أُسس وجهاء البلاد والجهاد؛ (حـزب الإصـلاح الوطـني) الذي يهدف إلى ترسيخ حقوق الطرابلسيين، ونشر التعليم والتنمية في البلاد،
كما تم (تأسيـس صحيفـة اللواء الطرابلسي) التي صارت منبرا إعلاميا للحزب.
سعت إيطاليا إلى بث النزاعات بين زعماء البلاد، وتأليبهم ضد بعض، مما أدى إلى وقوع الشقاق والصدام بين حكومة مصراته وورفلة؛ والتي راح من ورائها رمضان السويحلي سنة 1920م.. وفتنة العرب والبربر في الجبل سنة 1922م.
رأى وجهاء البلاد ضرورة العمل على تحقيق مصالحة وطنية، بين المناطق المتنافرة، وتجاوز الخلافات الداخلية والنظر في مستقبل البلد.. وتم ذلك في غريان، عبر أعضاء (هيئـة الإصـلاح المركـزيـة) برئاسة وجيه ترهونة: (أحمـد بيّ المريـّض) نوفمبر 1920م.
حاول الوفد تحقيق بعض قرارات المؤتمر في المطالبة بالسيادة ونيل الحقوق، لكنه لم يُوفّق في ذلك.
ومع حدوث تلك الصدامات والرفض الغربي القاطع (فشلت الجمـهورية الطـرابلسية في فـرض ذاتها على الواقـع) لاسيما مع إعادة برمجة النظام الإيطالي لوجوده في ليبيا بقيادة بينيتو موسوليني Benito Mussolini تحت وجهة نظر رافضة للطرف الداخلي، وضمن مشروع (إعادة احتـلال ليبيـا) منذ سنة (1920-1922).
الجمهورية الطرابلسية، تجربة سياسية مشرّفة، دلت على وعي قيادات الشعب الطرابلسي، بقضايا السياسة والتأسيس والاستقلال.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*قمت بكتابة تعريفية على الصور المنقحة من باب التوضيح، واستفادة طيبة.