الأناضول-
لم يكن أنور الشلوي يتوقع يوما أن يمارس السباحة التي يتقنها داخل منزله بعدما غمرت المياه الطابق الأول منه في مدينة درنة شرقي ليبيا عندما خاطر بنفسه ونزل إليه من الطابق العلوي لتفقد شقيقته ونجلها.
حكايات الفيضانات بقيت ذكرى أليمة للناجين مثل الشلوي، فيما تسببت بمصرع آلاف آخرين وتدمير منازل.
وفي 10 سبتمبر الجاري، اجتاح إعصار “دانيال” عدة مناطق شرقي ليبيا مخلفا دمارا كبيرا، سارعت على إثره العديد من الدول لإرسال فرق متخصصة للمساعدة في عمليات الإنقاذ والإغاثة وانتشال الجثث التي انتشرت بالآلاف خاصة في درنة.
وخلف الإعصار والفيضانات الناجمة عنه أيضا 11 ألفا و470 قتيلا و10 آلاف و100 مفقود، و40 ألف نازح شمال شرقي البلاد، وفقا لأرقام نشرها مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا”، في 16 سبتمبر الجاري.
** خياران
الشلوي قال للأناضول من داخل مركز “بنغازي” الطبي شرقي ليبيا، حيث يتلقى العلاج من كدمات وجروح أصابته: “كنت نائما في الطابق الثاني لمنزلنا المكون من ثلاثة طوابق وسمعت صوت انفجار (قال إنه علم بعد ذلك أنه انفجار السد) فاستيقظت من النوم وإذا بالمياه تتدفق من كل مكان إلى الطابق الأول”.
وأضاف: “كان أمامي خياران، الأول هو الصعود للأعلى (الطابق الثالث) والنجاة بنفسي، والثاني أن أنزل للطابق الأول حيث تقيم شقيقتي ونجلها”.
وأوضح الشلوي أنه “لم أتردد في اختيار ثانيهما حتى ولو للحظة”.
وأردف: “نزلت إلى الطابق الأول وتفاجأت بأن المياه تتدفق من كل مكان من الشبابيك والباب الأمامي والخلفي للمنزل”.
** أثاث عائم
وتابع الشلوي: ” لم أرَ سوى أثاث عائم (..) شقيقتي ونجلها لا يظهران أمامي ولا يصدر عنهما أي صوت”.
وقال: “قررت السباحة داخل المنزل لأبحث عن شقيقتي ونجلها والوقت يداهمنا ومستوى المياه يرتفع بسرعة واقترب من الوصول إلى سقف الطابق (..) كان يجب أن أبحث في جميع غرف الطابق الأول”.
وأضاف الشلوي: “كنت أنادي شقيقتي مريم ونجلها حمادي (12 عاما) بصوت مرتفع”.
وأكمل: “بتوفيق من الله وجدت شقيقتي ونجلها في أول غرفة دخلتها سباحة وكانا متمسكين بقطع من الأثاث تطفو فوق سطح المياه”.
وزاد: “كانت مفاجأة بالنسبة لي أنهما لا يصدران أي أصوات بينما كنت أسمع صرخات الجيران واستغاثاتهم”.
يصمت قليلا ويقول: “ربما لم يصدرا أصواتا من الخوف والصدمة جراء هول ما يحدث”.
** لحظة الإنقاذ
واستطرد الشلوي: “تمكنت من السباحة وأنا أسحب شقيقتي ونجلها نحو الدرج والمياه ترتفع بسرعة حتى أنها قاربت من الوصول إلى سقف الطابق”.
وقال: “عندما وصلنا الدرج ركضنا صعودا إلى الطابق الثاني ثم الثالث محاولين النجاة”.
ومضى بالقول: “نظرت من أعلى إلى الشوارع حولنا وكان منظرا مأساويا (..) كل شيء يطفو فوق المياه قطع أثاث وسيارات وناس وحيوانات”.
وأردف: “بقينا في الأعلى إلى أن قل مستوى ارتفاع المياه بعد أن توجهت لباقي المناطق وفي اتجاه البحر () أنا الآن بخير وأتعالج من بعض الكدمات والجروح التي لا أعلم متى أصبت بها”.
وختم الشلوي قصته قائلا: “شقيقتي ونجلها أيضا بخير إلا أن الصدمة لا تزال بادية عليهما فقد شاهدا الموت بأم أعينهم”.
** نصف درنة بخير
من جانبه، يقول المواطن الليبي أحمد بوذهب من سكان مدينة درنة للأناضول، إن “منطقتنا (الساحل) وأماكن أخرى لم يمسها أي ضر جراء الفيضانات”.
وأضاف: “ليست كل أحياء درنة مدمرة، بل إن هناك مناطق عديدة لم تجتحها مياه الفيضانات”.
ومن تلك المناطق بحسبه “باب طبرق، والسيدة خديجة، وشيحا والساحل وحي الزنتان وغيرها”.
وأكد بوذهب أن “تلك المناطق لم تسجل فيها أي أضرار بشرية أو مادية، هي وسكانها بخير”.
وذكر أن “ما تضرر في درنة هي منطقة البلاد فقط وهي في منتصف المدينة وبها كثافة سكانية وهي محاذية تماما لوادي درنة الذي انهارت به السدود ما تسبب بالكارثة”.
ولفت إلى أنه يسكن “منطقة تسمى الساحل بدرنة لم يحدث لنا شي ولم تغزُنا المياه (..) نصف درنة بخير وليس جميعها مدمرا”.