العربي الجديد-
غادر رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبي خالد المشري، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، العاصمة المصرية القاهرة اليوم السبت، بعد فشل اللقاء المقرر بينهما على خلفية رفض المشري اللقاء بسبب تغير في جدول الأعمال.
وأكد عضو المجلس الأعلى للدولة وعضو اللجنة الدستورية المشتركة عبد القادر حويلي فشل اللقاء بينهما، لافتاً في المقابل إلى أن أعمال المفاوضات بين أعضاء اللجنة الدستورية المشتركة بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، التي تبحث في القاهرة سبل التوصل إلى أساس دستوري متفق عليه لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، تسير بانتظام وتشهد تقدماً.
وبينما أشار حويلي، في تصريح لـ”العربي الجديد”، إلى أن سبب رفض المشري لقاء صالح هو “تغير في جدول أعمال اللقاء”، قالت مصادر “العربي الجديد” إن أسباب فشل اللقاء تركزت حول إصرار المشري على الإبقاء على جدول أعمال اللقاء محصوراً في مناقشة ما انتهت إليه اجتماعات اللجنة الدستورية في القاهرة، بحسب الدعوة التي تلقاها من المستشارة الأممية للشأن الليبي ستيفاني وليامز، فيما طالب صالح بضرورة إضافة بند يتعلق بمناقشة مصير السلطة التنفيذية والأزمة الحكومية في البلاد.
وفيما أوضحت المصادر أن موضوع اللقاء كان للتباحث حول المواد الأشد خلافاً في مسودة الدستور، وتحديداً شروط الترشح لمنصب رئيس الدولة، وهو ما عنته وليامز في نص دعوتها للمشري بـ”إتمام أعمال اللجنة”، أشارت إلى أن بوادر فشل اللقاء بدأت مبكراً وقبل وصول المشري إلى القاهرة عصر أمس الجمعة.
واعتبرت أن نشر المكتب الإعلامي للمجلس الأعلى للدولة صورة من دعوة وليامز للمشري على علاقة ببوادر الخلاف، حيث سعى المشري لإعلام الرأي العام بأن موضوع اللقاء هو مناقشة النتائج التي وصلت إليها مفاوضات المسار الدستوري.
ولم تُعلن البعثة الأممية والقاهرة بشكل رسمي عن رعايتهما اللقاء بين صالح والمشري، لكن الأخير قال إنه تلقى دعوة من وليامز لإجراء زيارة إلى القاهرة، للقاء صالح للتشاور حول ما انتهت إليه اجتماعات اللجنة الدستورية المشتركة من مجلس الدولة ومجلس النواب، ولإتمام أعمال اللجنة، بحسب المكتب الإعلامي للمجلس الأعلى للدولة الخميس الماضي، الذي نشر عبر صفحته على “فيسبوك” صورة من دعوة وليامز، إضافة إلى تصريحات المشري.
وجاء إعلان المشري بعد ساعات من تداول وسائل إعلام محلية ودولية أنباء عن لقاء وشيك بين بينه وبين صالح في القاهرة، وهو ما أكده عضو مجلس النواب ورئيس الوفد الممثل لمجلس النواب في اللجنة الدستورية المشتركة الهادي الصغير، إلا أنه أشار إلى أن اللقاء ثلاثي، وسيضم أيضاً رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي. وقال الصغير، في تصريح سابق لـ”العربي الجديد”، إن اللقاء الثلاثي سيبحث “مصير السلطة التنفيذية”، وإنه سيمثل دعماً كذلك لاجتماع اللجنة الدستورية المشتركة.
وبالإضافة لصورة الدعوة، نقل المكتب الإعلامي لمجلس الدولة عن المشري قوله إنه “يدرس الجدوى من الزيارة في حلّ المشاكل الخلافية في البلد، وعلى رأسها الانسداد الحاصل في المسار السياسي والدستوري”، مؤكداً أن “الزيارة ليست غاية في حدّ ذاتها، وأن المهم هو جدية الطرف المقابل في إيجاد توافق وطني ينهي المراحل الانتقالية، من خلال تجديد الشرعية السياسية في ليبيا عبر انتخابات في أقرب وقت ممكن، وعدم تضييع مزيد من الوقت في خلق أزمات جديدة يدفع ثمنها المواطن أولاً”.
ويقدّر أحد المصادر، وهو مصدر برلماني من طبرق، أن المشري أدرك مساعي صالح لجرّه مجدداً إلى دائرة دعم حكومة فتحي باشاغا، التي ما زال مجلس النواب يصرّ على أنها تشكلت بالتوافق مع مجلس الدولة، مؤكداً أن صالح سعى منذ البداية إلى ضم رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي للقاء، بهدف توسيع دائرة موضوعه لتشمل مصير السلطة التنفيذية، متحججاً، لإقناع البعثة الأممية بذلك، بقرب انتهاء أجل الاتفاق السياسي المنبثق عن ملتقى الحوار السياسي الذي أتى بالسلطة التنفيذية الحالية في الـ21 من الشهر الجاري، بحسب المصدر.
وسبق وصول المشري إلى القاهرة، أمس الجمعة، اجتماع ثنائي جمع صالح والمنفي في العاصمة المصرية ليل الخميس، تناول “الوضع السياسي في البلاد، وسبل الخروج من الانسداد السياسي الحالي بالوصول إلى إجراء الانتخابات في أقرب الآجال”، بحسب تصريحات للناطقة الرسمية باسم المجلس الرئاسي.
وفي مزيد من التوضيح، أكد المصدر البرلماني نفسه أن صالح كان يسعى لحشد المزيد من الدعم لحكومة باشاغا، وكسب أوراق قوة جديدة ضد حكومة الوحدة الوطنية، في محاولة لاستثمار وضعها الذي يتجه إلى المجهول مع نهاية أجل خريطة الطريق.
وكان صالح قد عقد جلسة رسمية لمجلس النواب، الأربعاء الماضي، في مدينة سرت، وسط شمال البلاد، التي تتخذها حكومة باشاغا مقراً مؤقتاً لها بعد فشلها في دخول العاصمة طرابلس، تمكن خلالها من إقرار الميزانية المقترحة من الحكومة، في خطوة جديدة في اتجاه دعمها وفرضها أمراً واقعاً في المشهد. لكن المصدر ذاته يستدرك بالقول إن “رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة يحتفظ بورقة قوة لا يبدو أن صالح يمكنه تجاوزها، وهي أن انتخابه جاء وفقاً لقائمة واحدة تجمعه بالمنفي ونائبيه في المجلس الرئاسي (عبد الله اللافي وموسى الكوني)، وانتهاء أجل خريطة الطريق يعني ذهاب المجلس الرئاسي بكامل أعضائه وليس الدبيبة فقط”، مشيراً الى أن وليامز لا تزال بحاجة للمجلس الرئاسي ضمن خططها البديلة لفشل خطة التوافق بين مجلسي النواب والدولة على قاعدة دستورية للانتخابات.
ومنذ مدة، تشاع في الأوساط الليبية إمكانية أن يتولى المجلس الرئاسي الإشراف على تشكيل لجنة بديلة للجنة مجلسي النواب والدولة، لإصدار قاعدة دستورية وقوانين انتخابية، وهو ما أشار إليه عضو المجلس الرئاسي موسى الكوني، في تصريحات صحافية سابقة، بقوله “إن بوسع المجلس الرئاسي أن يصدر مرسوماً رئاسياً بقوة القانون لاعتماد قاعدة دستورية بالتشاور مع جهات عدة تشكل الإطار القانوني للانتخابات المقبلة”، مشيراً إلى إمكانية إشراك المجلس الأعلى للقضاء والبعثة الأممية في ذلك.
وفيما لم يعلن المشري حتى الآن عن مصير اللقاء بينه وبين صالح، كونه الطرف الوحيد الذي أعلن عنه، أكد حويلي أن مسار عمل المفاوضات الجارية في القاهرة بين أعضاء اللجنة الدستورية المشتركة تسير بانتظام وتشهد تقدماً، مشيراً إلى أن الخلافات التي صاحبت أعمال اللجنة “سياسية فقط”، في إشارة إلى فشل اللقاء بين المشري وصالح.
وأضاف “استأنفنا اليوم الاجتماعات، بعد أن انتهت الأعمال الفنية حول المواد الخلافية في مسودة الدستور”، وتابع “في جلسة اليوم، سنضع اللمسات الأخيرة على وثيقة دستورية خاصة بإجراء الانتخابات، ستحال إلى المجلسين، وسيعلن عن ذلك في نهاية الاجتماعات الحالية”.
وفيما التزمت وليامز الصمت حيال فشل لقاء المشري وصالح، كما لم تعلن عن دعوتهما للقاء قبلها، توجهت بالثناء إلى أعضاء اللجنة الدستورية “لمواصلة العمل نحو التوافق”، وذلك في كلمتها الافتتاحية لأعمال الجلسة الخامسة الجمعة، وقالت “أحثهم على الوفاء بواجبهم تجاه الشعب الليبي، الذي أظهر الرغبة في الانتخابات من خلال التسجيل بالملايين للتصويت والمشاركة في الانتخابات”.