اخبارالرئيسيةعيون

“فساد متجذر” يتحكم بأوضاع معلمي ليبيا

العربي الجديد-

ما زال قطاع التعليم في ليبيا يواجه أزمات كثيرة تقف في طريق حسن سيره، وتضع عراقيل أمام أهدافه. وترتبط بعض الأزمات بالطلاب والمؤسسات التعليمية، وأخرى بأوضاع المعلمين خصوصاً على صعيد الإفراج عن رواتبهم.
وخلال السنوات الماضية، نفذ معلمو ليبيا أكثر من اعتصام للمطالبة بحقوقهم، وبينها تسوية أوضاعهم المالية استناداً إلى قرار وزارة التعليم والتربية في حكومة الوحدة الوطنية معالجة أوضاع 56 ألف معلم وموظف في كل مراحل التعليم، لكن معلمين آخرين ما زالوا ينتظرون تنفيذ هذه التسويات ورفع أجورهم، وإطلاق الرواتب المجمّدة.
ومطلع مارس الماضي، نفذ معلمو مدارس مدينة سرت اعتصاماً استمر أياماً وشهد انقطاعهم عن دخول الفصول، والاكتفاء بتسجيل حضورهم في المدارس، قبل أن يصعدوا اعتصامهم إلى وقفات احتجاج للمطالبة بتسوية أوضاع رواتبهم التي يرون أنها غير عادلة، والإفراج عن رواتب مجمّدة لمعلمين آخرين، ما دفع وزارة التعليم إلى إصدار قرار بتسوية أوضاع 52 معلماً.

لكن القرار فجّر مزيداً من الغضب في صفوف المعلمين، الذين اتهموا أعضاء هيئة مراقبة التعليم في مدينة سرت باعتماد المحسوبية، ومحاولة تسوية أوضاع مقربين منهم وليس تسوية أوضاع كل المعلمين، ونظموا المزيد من وقفات الاحتجاج.
وما زاد حدة الغضب في صفوف المعلمين ما تناقلته وسائل إعلام عن اعتقال أجهزة أمنية في سرت عدداً من مدراء المدارس بتهمة تأييد المعلمين المحتجين، وهو ما أكدته النقابة العامة للمعلمين في بيان أصدرته منتصف مارس الماضي، واستنكرت فيه ما وصفته بأنه “اعتقال غير قانوني لمدراء في مؤسسات تعليمية في سرت بحجة دعمهم احتجاجات المعلمين الذين طالبوا بتسوية أوضاعهم الوظيفية والمالية والإفراج عن رواتب بعضهم”.
واعتبرت النقابة اعتقال مدراء المدارس “ممارسة تعسفية للسلطات الممنوحة، ومخالفة للتشريعات والقوانين، وعدم احترام لما يمثله المعلمون، ووضع عراقيل أمام حصولهم على حقوقهم الشرعية. وأشارت إلى أن القوانين تمنع “استدعاء أي معلم أو عامل في قطاع التربية والتعليم إلا بعد إبلاغ النقابة التابع لها في بلديته”.
وفيما شددت النقابة في بيانها على ضرورة تحقيق مطالب المعلمين وتسوية أوضاعهم الوظيفية، وصفت أميرة حجاج، وهي معلمة وعضو في نقابة المعلمين، قطاع التعليم في ليبيا بأنه “منهار”، واتهمت السلطات بـ”المشاركة في الإهمال وصولاً إلى الوضع السيئ الحالي”.
وسألت في حديثها لـ”العربي الجديد”: “كيف يمكن أن يؤدي معلم وظيفته من دون أن يؤمن على قوت أسرته، وتتوفر له القدرة على تلبية أساسيات مطالب هذه الأسرة ومعيشتها؟ ما يفعله معلمون في سرت ومدن أخرى سلوك تعليمي راقٍ في وقت يستمرون في أداء واجباتهم تجاه الطلاب من دون أن يتقاضوا رواتب عادلة، في حين توقف بعضهم عن أخذ أي راتب منذ سنوات، ويعمل آخرون بأمل صرف مكافآت مقطوعة لهم”.
وفي نوفمبر الماضي، انتهت وزارة التعليم في حكومة الوحدة الوطنية من تسوية الأوضاع المالية والإدارية لأكثر من 56 ألف معلم وموظف، منهم 48 ألفاً شملتهم تسويات خاصة بالدرجات والعلاوات، و2895 شملهم قرار الإفراج عن رواتبهم، في حين جرى نقل 6 آلاف معلم وموظف من قطاعات أخرى إلى قطاع التعليم.

وأثنت حجاج على الخطوة، لكنها اعتبرتها غير كافية، وقالت: “يجب أن تبذل الحكومة المزيد من الجهود بسرعة لإعادة حقوق المعلمين واجتثاث جذور الفساد، وفي مقدمها إبعاد مسؤولي مكاتب التعليم المعروفين بالمحسوبية والرشاوى”.
تتابع: “لم تطأ أقدام بعض الموظفين والمعلمين مدارس يشغلون مناصب فيها، ويتقاضون رواتب منها منذ سنوات، أو جرت تسوية أوضاعهم فيها أخيراً، في مقابل تأدية آخرين وظائفهم في المدارس من دون أن يتلقوا رواتب منذ عام 2018. أما من بقيت رواتبهم متدنية وبلا تسوية، فهم على هذا الحال منذ عام 2014”.

وتشير إلى أن “وزارات التعليم في الحكومات السابقة فتحت، لسد العجز في القطاع، باب التعاقد، لكن المعلمين الذين جرى التعاقد معهم لم يتقاضوا رواتب منذ عام 2018، لذا لن تتوقف وقفات الاحتجاج”.
وفيما اتفقت سلطات مدينة سرت مع المعلمين على تعليق احتجاجاتهم بناءً على وعد قدمته وزارة التعليم بتشكيل لجان للنظر في أوضاعهم، تقول حجاج: “أعتقد أن معلمي كل المدن الليبية، وليس مدينة سرت فقط، لا يثقون بالوعود الحكومية، من هنا يزداد الحديث في أوساط أعضاء فروع نقابة المعلمين عن إمكان تنفيذ اعتصامات جديدة على نطاق واسع للضغط من أجل معالجة أوضاع المعلمين”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى