اخبارالرئيسيةفضاءات

فزان عند مفترق الطرق.. تحليل الحراك المدني والتوسع العسكري والتنافس الدولي في الجنوب الليبي

المركز الليبي للدراسات: "حراك فزان" قد يؤسس لأزمة انفصالية محتملة مستقبلا. بسبب استمرار التهميش السياسي الحقيقي للإقليم

“حراك فزان” يطالب بتفعيل النظام الفيدرالي وتخصيص ثلث المناصب السيادية لأبنائه وإقرار سبها عاصمة شتوية

الناس-

دعا المركز الليبي للدراسات الاستراتيجية بعثة الأمم المتحدة للتركيز على مفاوضات التوزيع المالي وإدارة الثروة على معالجة مظالم فزان بشكل مباشر وينبغي ربط أي تمويل دولي أو دعم للسلطات الليبية بتنفيذ التزامات تنموية وأمنية واضحة للجنوب، مع إطلاق آلية تمويل تنموي شفافة ومخصصة.

ودعا السلطات الليبية للتعامل مع حراك فزان كشريك سياسي لا كتمرد، موصيا باستخدام نسبة 10% من عائدات البترول كمرحلة أولى وبادرة حسن نية لتنمية عاجلة، كحل وسط بين 0، 20 بالمائة لتهدئة الموقف وتلبية جزء من المطالب الاقتصادية.

ووجه المركز دعوة أخرى لأبناء فزان أنفسهم للمحافظة على سلمية حراكهم وتوحيد قيادته، وتجنب الانجرار إلى الاستقطابات القبلية أو العسكرية. منوها إلى وجوب الاستفادة من الضغط الدولي عبر توثيق الانتهاكات والتركيز على التفاوض على الأساس الاقتصادي، وورقة المعابر كأولويات قابلة للتحقيق حاليا، بدلا من التركيز على المطلب الأمني الذي قد يؤدي إلى مواجهة شاملة مع جماعة حفتر المدعومة من روسيا.

1

ونشر مركز الدراسات الأمنية والعسكرية مؤخرا ورقة تحليل استراتيجي تحت عنوان “فزان عند مفترق الطرق” حلل فيها الحراك المدني والتوسع العسكري والتنافس الدولي في الجنوب الليبي.

وسلطت الورقة الأضواء على ما يشهده الجنوب الليبي منذ الربع الثاني من العام 2025، من تحولات، أولها تبلور ما أسمته “حراك فزان الموحد. المدني الاجتماعي” المطالب بالخدمات المتصاعد إلى أجندة سياسية وهيكلية شاملة، والثاني التوسع العسكري لحفتر عبر إنشاء المنطقة العسكرية الحدودية الجنوبية، بالتوازي مع ترسيخ الوجود العسكري الروسي متمثلا في الفيلق الإفريقي.

حيث يطالب حراك فزان الموحد بتخصيص نسبة الثلث من المناصب السيادية، وإنشاء صندوق سيادي للإقليم تودع فيه 20% من عائدات النفط والغاز المنتج في المنطقة، والذي يعادل تقريبا (384) ألف برميل يوميا.

في المقابل عين حفتر شخصية ذات ولاء مطلق له متمثلة في شخصية “مبروك سحبان” قائدا للمنطقة العسكرية الجنوبية، إضافة إلى تمركز قرابة (1200) عنصر روسي في قواعد الوسط والجنوب.

ويخشى معدو الورقة أن يؤسس هذا الحراك لأزمة انفصالية محتملة مستقبلا. بسبب استمرار التهميش السياسي الحقيقي للإقليم- يقولون.

2

في محور آخر من الورقة تسلط الأضواء على الأهمية الجيوسياسية لمنطقة فزان، الذي تتجاوز مساحته 550 ألف كيلومتر مربع. ويتميز بحدود مفتوحة على كل من الجزائر، النيجر، تشاد، السودان، ومصر. ويضم ثروات هيدروكربونية هائلة ومخزون مياه جوفية ضخم.

تهميش هذه المنطقة أدى إلى تحويلها إلى “ثقب أسود” أمني، فانتشرت فيها شبكات التهريب الدولية. وصار مرتكزا للنفوذ في غرب ووسط أفريقيا ومفتاحا للسيطرة على شمال وغرب أفريقيا- حسب الورقة.

3

وفي تشريح لمسار تصاعد المطالب أوضح المركز الليبي للدراسات كيف أن الحراك الذي بدأ في أبريل بمطالب خدماتية عاجلة، سرعان ما تطور وعقد مؤتمره التأسيسي في سبها في 15 يونيو 2025، الامر الذي قاد إلى بيان 20 أكتوبر لاحقا.

البيان طالب بتفعيل النظام الفيدرالي، وتخصيص الثلث من المناصب السيادية لأبناء فزان، وإقرار سبها عاصمة شتوية لليبيا.

كما طالب بتشكيل اللواء العاشر حرس الجنوب بقوام 5000 جندي من أبناء فزان. بالتوازي مع بسط حفتر لسيطرته على المنطقة.

وهدد الحراك بإغلاق حقلي الشرارة والفيل إن لم تحقق مطالبه.

4

كردة فعل عين حفتر “سحبان” قائدا للمنطقة العسكرية الجنوبية في 15 أغسطس 2025، واتخذ من قاعدة الكفرة الجوية مقرا رئيسيا له، ونقل 300 عنصر من كتيبة سبل السلام من الكفرة إلى تمركزات جديدة على طول الحدود مع السودان، والدفع بسرية استطلاع صحراوي من (150) عنصرا إلى منطقة العوينات.

كما وأنشأ معسكر تدريب جديد لما يسمى لواء “طارق بن زياد” في منطقة واو الكبير. يؤطر من خلال أبناء المنطقة ضمن وحدات مركزية موالية.

5

وعن الوجود الروسي ترصد الورقة أن العدد الإجمالي للقوات الروسية بلغ في أكتوبر 2025 إلى 2000 عنصر، معززة بدفاعات جوية طراز بانتسير في قاعدة الجفرة، ما يعكس النية للبقاء طويلا، تمركز لطائرات تدريب قتالي في قاعدة براك الشاطئ. مع خدمات أخرى ترسخ دور فزان كمركز خدمة لوجستية للشبكة الأمنية الروسية في أفريقيا.

6

ما يحدث في فزان ينعكس بالضرورة على دور الجوار، حيث تراقب الجزائر بقلق تزايد النفوذ الروسي على حدودها، رغم العلاقات العسكرية بين الدولتين التي قد يمنع الجزائر من التدخل المباشر او تقديم دعم علني للحراك.

أما مصر فتدعم بشكل مطلق إنشاء المنطقة العسكرية الحدودية التابعة لحفتر، لمنع تهريب السلاح أو التسلل من المناطق المتأثرة بالصراع في السودان.

أما القوى الغربية متمثلة في فرنسا وأمريكا فترى في تحول الجنوب إلى قاعدة روسية خسارة استراتيجية كبرى لها في منطقة الساحل، لكنها تبتعد عن المواجهة العسكرية.

فما السيناريوهات المستقبلية للتعاطي مع هذا الملف؟

7

يرجح معدو الورقة أن يلتجئ حفتر والفيلق الإفريقي إلى سياسة الاحتواء والتجميد، عبر تقديم تنازلات اقتصادية شكلية، وبالنتيجة تجميد الوضع وتجنب المواجهة وضمان تدفق النفط.

والسيناريو الأقل احتمالية هو المواجهة المحدودة، الأمر الذي سيزيد من المخاطر الأمنية على البنية التحتية النفطية، وقد تؤدي لتدخل روسي مباشر لحمايتها.

والسيناريو الثالث والمستبعد تقريبا هي عقد صفقة كبرى مع حراك فزان في إطار تسوية شاملة في ليبيا، تفرض الاعتراف بالنظام الفيدرالي، لكنه سيتعارض مع مصالح القوى المسيطرة وعلى رأسها الفيلق الروسي.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

**نشرت هذه الورقة في 02 ديسمبر 2025،

والمركز الليبي للدراسات الأمنية والعسكرية هو مركز بحثي تأسس في العام 2021، يعنى بالدراسات والأبحاث الأمنية والعسكرية وفقا للرؤية الشاملة لمفهوم الامن في قطاعات: السياسة، الاقتصاد، البيئة، المجتمع، والقطاع العسكري.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى