* كتب/ عطية صالح الأوجلي
(1)
“بالنسبة لترامب، الكذبة ليست كذبة… إنه لا يعرف الفرق بين الحقيقة والكذب”.
هكذا وصف دان كوتس المدير السابق للاستخبارات الوطنية الرئيس الأمريكي ترامب، حسب ما أورده الكاتب بوب وودورد في كتابه الجديد “غضب”، والذي من المقرر له الصدور يوم الثلاثاء القادم.
الكتاب جاء نتيجة لعمل قابل الكاتب فيه الرئيس الأمريكي 17 مرة، وتحدث بشكل مطول مع مساعديه.
نشرت العديد من الصحف الغربية مقاطع من الكتاب، فقد جرت العادة بأمريكا بأن تقوم دور النشر لإرسال نسخ من الكتاب الى كبريات الصحف، وذلك ضمن حملة التمهيد لنشره وتوزيعه.
ما تم نشره حتى الآن يرسم صورة قاتمة إن لم تكن خطيرة لرئيس متقلب الرأي، وقليل المعرفة، ويدير الأمور حسب قناعاته الشخصية.. ويحب التباهي إلى درجة كبيرة.
يورد الكتاب تفاصيل لحظات الخوف والقلق التي سيطرت على وزير الدفاع السابق من رد فعل متهور لترامب حيال قيام كوريا الشمالية بإجراء اختبارات نووية تحت الأرض، وعلى صواريخ طويلة المدى.
يقول الوزير السابق إنه عندما هدد ترامب كوريا بنار وغضب.. كانت خشيته بأن يقوم بعمل متهور دون استشارته.. وإنه جهز نفسه للأسوأ.. وعندما سأله وودورد: “ماذا ستفعل لو طلب منك اتخاذ القرار؟”، مجيبا: “ستقوم بحرق مليون شخص، ولا شخص عنده عقل يقتل مليون شخص، وكنت قلقا، ولكن هذا ما كان علي مواجهته”.. غير أن المخاوف تبددت بعد أن بعثت كوريا برسائل تهدئة، وبعد أن تبادل كل من ترامب وزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون 27 رسالة عاطفية.. والتقيا مرتين. يكشف وودورد أن “كيم” بعث برسالة إلى ترامب عقب لقائهما الأول في سنغافورة يقول فيها:
“حتى الآن ليس بإمكاني نسيان هذه اللحظة التاريخية، عندما شددت بيد سعادتك في ذلك المكان المقدس والجميل، في حين كان العالم بأكمله يشاهد باهتمام بالغ، وأمل بأن يحيا مجددا هذا اليوم المشرّف”.
(2)
لعل أخطر ما جاء في الكتاب بالنسبة للرئيس الأمريكي، ومما قد تكون له تبعات في الانتخابات القادمة هو اعترافه للصحافي بأنه كان يعرف بالأخطار المميتة لفيروس كورونا، وأنه تعمد التقليل من هذه الأخطار في تصريحاته في الأشهر الأولى من انتشار الفيروس.
وقال وودورد إنه قد تم في جلسة سرية إبلاغ ترامب عن خطورة الموضوع في فبراير الماضي، لكن الرئيس الأميركي قال لوودورد، إنه قام بالتقليل من شأن الفيروس حتى لا يثير الهلع بين الأميركيين، وهو تصريح حمل غالبية المراقبين إلى انتقاد التباين بين ما كان يعرفه ترامب، وبين ما كان يقوله، حيث كان يقول إن الفيروس «أخبار كاذبة» يبثها الديموقراطيون للنيل من رئاسته ومن الولايات المتحدة بشكل عام.
كما علقت الكاتبة ميشيل غولدبيرغ تلك العبارات بأنها “فِرية”، لأن ترامب يحب إثارة الذعر -مثل التخويف من المهاجرين، وحركة أنتيفا، وذوي الدخل المنخفض الذين يغزون الضواحي- باستثناء مكان واحد يريد الحفاظ على الهدوء فيه: الأسواق المالي”.
ونقل وودورد عن وزير الدفاع الأمريكي السابق جيمس ماتيس قوله: “الرئيس ليس لديه بوصلة أخلاقية”، واعتبر ماتيس أن تحركات ترامب في السياسة الخارجية أظهرت للأعداء “كيفية تدمير أمريكا”، وبحسب ما ورد في الكتاب، وصف ماتيس في محادثة مع مدير المخابرات الوطنية الأمريكية السابق دان كوتس، الرئيس ترامب بأنه “خطير وغير مؤهل ليكون القائد العام للقوات المسلحة”.
كما اعتقد دان كوتس أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين لديه معلومات ضارة عن الرئيس ترامب، على الرغم من عدم دعمه ذلك بإثبات استخباراتي.
(3)
كما كشف وودورد أن ترامب تباهى في إحدى مقابلاتهما المسجلة، بأنه نجح في “إنقاذ” ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الذي حمّله الكونجرس الأمريكي مسؤولية اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي.
وأوضح ترامب في المقابلة المسجلة أنه منع الكونجرس من ملاحقة الأمير محمد بن سلمان، قائلا: “لقد نجحت في جعل الكونجرس يتركه وشأنه، لقد نجحت في إيقافهم”.
وعندها سأل وودورد الرئيس الأمريكى: “هل تعتقد أنه فعلها؟” فأجابه الرئيس: “كلا، هو يقول إنه لم يفعلها”. قبل أن يعود ويشرح لمحدثه كيف أن السعودية أنفقت مليارات الدولارات على شراء منتجات أمريكية وكيف أن من الأهمية بمكان للولايات المتحدة أن تحافظ على مثل هكذا حليف.
(4)
وحسب صحيفة الجارديان فإن الكتاب يكشف عن مشهد غير عادي حدث أثناء اجتماع بين الرئيس الأمريكي ورئيس وزراء إسرائيل في مايو 2017، بالقدس حيث عرض خلاله نتنياهو شريط فيديو يُفترَض أنه يُظهِر الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، وهو يحرض على العنف ضد اليهود.
وزير الخارجية السابق ريكس تيلرسون، الذي كان مشاركاً في الاجتماع، قال وفق لكتاب إنَّ الشريط خضع للتزوير أو التلاعب؛ مما أدى إلى دمج الكلمات والجمل معاً خارج السياق، لكن ترامب اقتنع بالفيديو تماماً. وفي اليوم التالي ببيت لحم، انهال ترامب بالإساءات على عباس، ووصفه بالكاذب والقاتل، وقطع العلاقات الدبلوماسية والدعم المالي للفلسطينيين بعد فترة وجيزة.
توصل تيلرسون إلى نتيجة، مفادها أنَّ “نتنياهو فبرك الفيديو لتقويض أية مشاعر مؤيدة للفلسطينيين كانت تطفو على السطح”،
يتوقع أن يثير الكتاب العديد من الزوابع في أمريكا خصوصا أن يصدر في هذه الفترة الحرجة من تاريخ أمريكا التي تشهد انقسامات حادة وتراجع اقتصادي وانتشار لوباء الكورونا.. وانتخابات رئاسية قادمة … !!!
_______________________________
بوب وودورد من أشهر كتاب وصحافيي أمريكا ويعمل كنائب لرئيس تحرير الواشنطون بوست. نال وودورد شهرة واسعة عندما شارك وزميلة في التحقيقات الصحافية حول فضيحة ووترجيت والتي أدت في النهاية الى استقالة الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون من منصبه.
من مؤلفاته:
القادة .. أسرار ما قبل وما بعد حرب الخليج
كل رجال الرئيس
الأيام الأخيرة
حروب بوش
كتاب الحروب السرية للCIAبين 1981-1987
حروب أوباما
الحرب في الداخل
الحجاب
الخوف: ترامب في البيت الأبيض