العربي الجديد-
عادت الحياة في العاصمة الليبية طرابلس إلى طبيعتها، بعد توتر عاشه سكانها طيلة نهار الثلاثاء جراء الاشتباكات المسلحة التي اندلعت في أحيائها الشمالية، سيما في طريق الشط والنوفليين وعمر المختار، وحول المدينة القديمة والمنشية.
وشهدت طرابلس، فجر الثلاثاء (17 مايو 2022م)، اشتباكات على مدى ساعتين، بعد إعلان رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب، فتحي باشاغا، دخوله للعاصمة طرابلس، بمعية كتيبة النواصي التي يبدو أنها انشقت عن حكومة الدبيبة، الأمر الذي رفضته كتائب أخرى داعمة لحكومة الدبيبة، وقامت بمحاصرة مقر كتيبة النواصي بطريق الشط، وسط المدينة.
كما عادت مدارس بعض بلديات العاصمة لاستقبال طلابها، بعد أن أُعلن تعليق الدراسة فيها أمس، بالتزامن مع عودة المراكز الصحية في الأحياء التي شهدت الاشتباكات، للعمل.
وأكد عضو مجلس بلدية طرابلس الكبرى، ناصر الكريو، أن الحياة بدأت في العودة لشكلها الطبيعي تدريجيا منذ مساء الأمس، موضحا أن اشتباكات الأمس خلفت عددا من الأضرار المادية والبشرية.
وقال الكريو، في حديث لـ”العربي الجديد”، إن اشتباكات الأمس لم تسفر عن قتلى، لكنها “أسفرت عن جرح خمسة أشخاص، من بينهم أربعة مدنيين والخامس من الشرطة”، مشيرا إلى وفاة أحد مرافقي باشاغا، ويدعي أحمد الأشهب، متأثرا بجراحه.
وأضاف في معرض حديثه عن أضرار الاشتباكات، قائلا “احترقت 32 سيارة من سيارات المواطنين خصوصا في حي عمر المختار، كما تضررت واجهات فندقين خاصين”، وتابع “لحقت الأضرار أيضا بمستشفى الأطفال في حي عمر المختار الذي تعرض لرماية على الحائط الخارجي المقابل لقسم الأطفال”.
وأشار الكريو إلى أن الاشتباكات حدثت داخل أكثر أحياء العاصمة اكتظاظا بالسكان، موضحا “في كل 10 كيلومترات مربعة يعيش ما لا يقل عن 11 ألف مواطن، لكن بحمد الله لم تتضرر المساكن بشكل كبير باستثناء منزل سقطت عليه قذيفة ولم يتضرر أهله”.
وتبدأ اليوم لجنة مخصصة من بلدية طرابلس الكبرى في إجراء زيارة ميدانية للأحياء المتضررة لحصر أضرارها، وأكد الكريو أن اللجنة ستحيل تقريرها لمجلس الوزراء للنظر في كيفية تعويض المتضررين.
وأكد شهود عيان من مدينة سرت لـ”العربي الجديد” أن مجمع قاعات واغادوغو الحكومي بالمدينة، لا يزال مقفلا حتى ظهر الأربعاء (18 مايو)، فيما يقيم باشاغا في أحد فنادق المدينة حيث تنتشر سيارات الحراسة أمامه.
واعتبر رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبدالحميد الدبيبة، أنه بفشل محاولة باشاغا الدخول إلى طرابلس، فإن “مشروع التمديد والانقلاب انتحر سياسيا وصدرت شهادة وفاته رسميا”، مؤكدا، خلال كلمة مرئية وجهها لليبيين ليل البارحة، أن حكومته مستمرة في مهامها حتى التسليم لحكومة منتخبة، وأن الانتخابات هي الحل.
من جانبه، أعلن باشاغا بداية عمل حكومته، منذ الأربعاء، من مدينة سرت، مؤكدا أنها “ستعمل لكل الليبيين”. وفي رد على اتهامه بإشعال الحرب في طرابلس، ووصفه وحكومته من قبل الدبيبة بــ”الانقلابيين”، أكد أنه دخل إلى طرابلس “عبر سيارتين مدنيتين” دون سلاح، وأنه فضل الخروج من طرابلس “حقنا للدماء”.
واتهم باشاغا الدبيبة وحكومته بأنهم واجهوا “السلام بالعنف والسلاح وهو دليل على أنها حكومة ساقطة أخلاقيا ووطنيا، ولا ترغب في التغيير السلمي ولا الانتخابات”، بل واتهم قيادات المجموعات المسلحة التي رفضت وجوده في طرابلس، بأن “بعضهم مطلوب للعدالة الدولية وأنهم متهمون في جرائم كبيرة”.
وفيما لا يزال مجلس النواب، الذي كلف باشاغا بتشكيل حكومة جديدة، أدى وزراؤها اليمين القانونية في مارس الماضي بعد أن سحب الثقة من حكومة الدبيبة، يلزم الصمت، استنكر رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، الأمر، ووصف حكومة باشاغا بالمتنازع حولها.
وخلال لقاء أجرته معه قناة “ليبيا الأحرار”، ليل أمس، أكد على أن الحل في التوافق حول قاعدة دستورية، مشيرا إلى إمكانية تشكيل حكومة مصغرة إلى حين إجراء الانتخابات، وذلك في معرض حثه الدبيبة على قبول التغيير.