العربي الجديد-
عادت قضية تعرض النساء للعنف الإلكتروني إلى الواجهة في ليبيا، إنّما من زاوية تتعلق باحتمال تعرّض الليبيات المرشحات للانتخابات لهذا النوع من العنف. ويأتي ذلك في حين لم تحدد مواعيد للانتخابات في البلاد، علماً أنّ دعوات كثيرة تُطالب بإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية قبل نهاية العام الجاري.
ورجّحت عضو المفوضية الوطنية العليا للانتخابات رباب حلب، في تصريحات صحافية، تعرّض المرشّحات لعنف إلكتروني بصورة كبيرة، مشيرة إلى مخاطر تحوّل هذا العنف الى تهديد لحياة بعض منهنّ. وشرحت حلب أنّ كلامها هذا يستند إلى تقرير أعدّته هيئة الأمم المتحدة للمرأة في ليبيا، أوضح أنّ أكثر الإساءات في حقّ المرأة الليبية مصدرها موقع “فيسبوك” يتبعه تطبيق “كلوب هاوس”.
ونقلت حلب عن تقرير الوكالة التابعة للأمم المتحدة أنّ الفريق عمد إلى تحليل 91,978 تعليقاً على مواقع التواصل الاجتماعي، وانتهى إلى أنّ ما نسبته 76,5 في المائة من هذه التعليقات تنطوي على كراهية تجاه النساء، فيما تحمل 63 في المائة منها إهانات للمرأة.
لكنّ الناشطة الحقوقية بدرية الحاسي قالت لـ”العربي الجديد” إنّ تصريحات المسؤولة في مفوضية الانتخابات تستند فقط إلى تقارير وتحليلات من خارج البلاد”، ولفتت إلى أنّ “الأمر يعني أنّ مؤسسة معنية بالانتخابات، مثل المفوضية، لا تملك القدرة على حماية المرشّحات أو على أقلّ التواصل معهنّ في هذا الشأن”.
ورأت الحاسي أنّ تلك التصريحات هي “فقط للاستهلاك الإعلامي، من أجل القول إنّ مفوضية الانتخابات تتابع كلّ القضايا المتعلقة بالعملية الانتخابية وتشجّع على إنجازها”.
ولا تُعَدّ قضية تعرّض المرشّحات للانتخابات للعنف الإلكتروني مستجدّة. ففي مارس من عام 2022 الماضي، التقت وزيرة الدولة لشؤون المرأة في حكومة الوحدة الوطنية حورية الطرمال بممثلي هيئة الأمم المتحدة للمرأة لدى ليبيا لمناقشة ملف العنف ضدّ المرشّحات للانتخابات. وبحسب منصة “حكومتنا”، فقد تعهّدت الطرمال ببذل مساع خاصة “لتطبيق قانون الجرائم الإلكترونية، ووضع آلية عمل حكومية للحدّ من معاناة المعنّفات، ودعم المشاركة الآمنة لهنّ في الانتخابات بهذه المرحلة المفصلية من عمر ليبيا”.
ووسط آمال بفكّ الاشتباك السياسي بالأطراف المعنية بالإعداد للانتخابات وعودة الحوار بشأن إعداد القوانين الانتخابية، يبدو أنّ مفوضية الانتخابات والأطراف المعنية سوف تعوّل على السجلّ الانتخابي للمرشّحين وفقاً لتقديم طلبات الترشّح في نهاية عام 2021
تجدر الإشارة إلى أنّ امرأتَين فقط ترشّحتا للانتخابات الرئاسية، فيما ترشّحت نحو 500 امرأة للانتخابات البرلمانية. وعلّقت الحاسي على ذلك بالقول إنّه “بالنسبة إلى عدد المرشّحات وتركيزهنّ على الانتخابات البرلمانية، يبدو أنّ التعليقات التي حللها فريق الأمم المتحدة لا علاقة لها بالتضييق من أجل الإقصاء، في إطار الصراع والتنافس. فالانتخابات البرلمانية ليست مهمة بقدر ما هي الانتخابات الرئاسية”.
أضافت الحاسي محاولة توضيح رأيها: “أعتقد أنّ تلك التعليقات التي تنطوي على كمّ من الكراهية تنطلق من واقع الثقافة الليبية التي ما زالت تحمل رواسب كثيرة من الثقافة المحافظة والقيود على المرأة. لذا لا يرى المجتمع بغالبيته أنّ هامش المشاركة السياسية الذي تطالب به المرأة مقبولاً، بخلاف شغل المرأة وظائف أخرى غير سياسية”.
من جهتها، لفتت الناشطة في المجالَين السياسي والحقوقي نورية الغرياني لـ”العربي الجديد” إلى أنّ “المفوضية أطلقت في عام 2022 الماضي برنامجاً لرصد العنف ضد المرأة في الانتخابات، وأعلنت عن دورات تدريبية في هذا المجال”. وقالت إنّ “ذلك مثّل تفاؤلاً كبيراً، لكنّ شيئاً لم يتحقق حتى الآن فيما نجد مسؤولي المفوضية يعتمدون على تقارير دولية وأممية من دون إنجاز أيّ شيء”.
وبيّنت الغرياني التي ترصد للتشريعات القانونية المنتظرة أنّ “قانون الجرائم الإلكترونية صدر عن البرلمان في يوليو الماضي، وهو يتضمّن كثيراً من الإجحاف والتضييق على الحريات ومراقبتها. لكنّه هو كذلك لم يُطبَّق حتى الآن بهدف حماية المرأة المرشّحة للانتخابات”.
وتابعت الغرياني أن “قانون تجريم العنف ضد المرأة معد منذ سنوات لكنه قابع في أدراج البرلمان، وقد شكلت أكثر من لجنة للنظر فيه من دون أن يصدر”. وأوضحت أن “في حال تم العمل في أطر القانون أو في حال توظيفها، فإن من شأن ذلك أن يوفر حماية للمرأة المرشحة للانتخابات من أجل ضمان مشاركتها السياسية”.
تجدر الإشارة إلى أن نورية الغرياني مرشحة للانتخابات البرلمانية، ولكنها لم تتمكن من استيفاء الشروط المطلوبة للترشح، غير أنها اكدت: “كما غيري من الناشطات أهتم برصد ملامح العنف ضد المرأة في كل المجالات، ومنها في مجال الانتخابات بالنسبة إلى المرشحات لها”، وحكت الغريان عن نشر معلومات وأخبار مغلوطة عن مرشحات بقصد إحراجهن أو تشويه صورتهن، “حتى لو كان ذلك يمس حياة المرأة المرشحة الخاصة في مجتمع محافظ وشديد الانغلاق”، وأردفت: “لو كانت مثل هذه الأخبار المغلوطة والمضللة والمهينة تأتي في حق أي من السياسيين البارزين أو الأمنيين (الذكور)، لكان المتسبب فيها قد لوحق وألقي القبض عليه سريعا”، مشددة على أن هذا يعني توفر قدرة على إنهاء مثل هذه الانتهاكات”.