عقاب جماعي لسكان غزة: الاحتلال يبيد أحياء كاملة
العربي الجديد-
دُمّرت ثلاثة أحياء سكنية على الأقل بشكل شبه كامل في قطاع غزة خلال اليومين الأخيرين، على وقع عدوان إسرائيلي هو الأعنف في تاريخه، يطاول كل شيء في البقعة الجغرافية الصغيرة التي لا تزيد مساحتها عن 365 كيلومتراً مربعاً، بما فيها الاحتياجات الإنسانية والطبية.
عقاب جماعي لسكان غزة
انهالت عشرات الصواريخ التي أطلقتها الطائرات الحربية الإسرائيلية والبوارج من البحر على ثلاثة أحياء سكنية، لتحوّلها أثراً بعد عين وتعمّق جراح أصحابها ومآسيهم وتزيد من العقاب الجماعي على الفلسطينيين.
في حي الرمال الراقي وسط مدينة غزة، قلب المدينة النابض وعاصمتها التجارية، أحالت إسرائيل المنطقة إلى ركام وحطام في 6 ساعات من القصف العنيف المتواصل، مدمّرة عشرات المنازل والمؤسسات الحكومية والتعليمية والتجارية.
لم تعد المنطقة تصلح لأي شيء ويحتاج ما تبقى منها إلى إزالة، ومع هذا كله تحطمت أحلام الفلسطينيين الذين بنوا منازلهم بجهد سنين طويلة من الكد والتعب.
وبعد ذلك دمّرت الصواريخ الإسرائيلية منطقة أبراج الأمير نايف وحي الإسراء غربي بيت لاهيا، شمالي القطاع، وهي أبراج وزعت على فقراء القطاع قبل سنوات لتؤويهم في ظل حاجتهم إلى المسكن.
تحولت العمارات في المنطقة التي تبعد أمتاراً قليلة عن المدينة المصرية قيد التشييد إلى حطام وركام، وبات سكانها يعيشون في مدارس الأونروا التي تخطت قدراتها الاستيعابية مع تدفق الآلاف إليها. وسجل نزوح أكثر من 260 فلسطيني على الأقل عن منازلهم بسبب القصف الشديد لمناطقهم، ولجوئهم لمراكز الإيواء ولدى الأقارب بحثاً عن الأمان الذي بات مفقوداً في كل ركن من القطاع.
وإلى الشمال الغربي من مدينة غزة، في حي الكرامة تحديداً، حوّل العدوان الإسرائيلي بقذائف الفوسفور الأبيض المحرّمة دولياً وبالقصف من البحر والجو عشرات الأبنية والمنازل إلى ركام وحطام.
وضربت الطائرات الحربية وسلاح البحرية البنية التحتية في المنطقة، مما صعّب من عمليات إخلاء الشهداء والجرحى، ولا يزال فلسطينيون تحت الأنقاض، لا تستطيع الطواقم المختصة الوصول إليهم.
ومُسحت المنطقة في خمس ساعات من القصف الإسرائيلي المتواصل الذي طاول كل شيء فيها ولم يترك حجراً على حجر، في عقاب جماعي للفلسطينيين. والمناطق الثلاث التي أبيدت، لا تضم مواقع عسكرية للمقاومة ولا معسكرات تدريبية ولا تجهيزات علنية، مما يعزز اعتقاد الفلسطينيين بأن الهدف من محوها يأتي لتعميق معاناتهم وكعقاب جماعي لهم.
بالتزامن مع العدوان العسكري ووسط تلويح بعدوان بري واسع، أطبقت اسرائيل حصارها على قطاع غزة وقطعت إمدادات الكهرباء والمياه والمواد الغذائية، والموجود من سلع ومواد غذائية ضرورية يكفي 2.3 مليون فلسطيني يعيشون بالقطاع نحو أسبوع فقط.
23 مجزرة للاحتلال في غزة
ووفق توثيق المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، ارتكب الاحتلال 23 مجزرة بقصف العائلات الآمنة في منازلها من دون سابق تحذير أو إنذار، مما أودى بحياة أكثر من 160 مواطناً، جلهم نساء وأطفال. وهذه الاستهدافات تأتي وسط نقص في المعدات والإمكانات الحكومية للتعامل مع الأحداث الكبرى، خصوصاً المعدات الثقيلة القادرة على انتشال المواطنين من تحت أنقاض بيوتهم المدمرة، مما يؤدي بالضرورة إلى ارتفاع أعداد الضحايا الفلسطينيين.
ولم يسلم القطاع التعليمي من الاستهداف الإسرائيلي، مع تسجيل المكتب الإعلامي الحكومي إلحاق الدمار بأكثر من 48 مدرسة تتبع وكالة الأونروا والحكومة، ومقتل 10 من الكوادر التعليمية ونحو 300 طفل
بدوره، كشف مؤسس ورئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان رامي عبده لـ”العربي الجديد”، أن قطاع غزة يشهد كارثة إنسانية شاملة من كافة النواحي، متهماً إسرائيل بارتكاب جرائم حرب واسعة النطاق ضد السكان المدنيين.
وحذّر عبده من أن العدوان الإسرائيلي بنذر بكارثة إنسانية وشيكة، خصوصاً مع انقطاع امدادات المياه والكهرباء عن 90 في المائة من المدنيين الفلسطينيين، وسط تحذيرات من انقطاعها كلياً.
وأشار عبده إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي وسع بشكل غير مسبوق من عملياته العسكرية لتشمل محو أحياء سكنية بشكل شبه كامل، وهذا عقاب جماعي يستلزم موقفاً دولياً مندداً وتحركاً لوقف ارتكاب المزيد من هذه الأفعال العدوانية.
وفي وقت سابق ذكر المرصد في بيان أن القانون الدولي الإنساني ينص على أن حماية المدنيين واجبة في جميع الحالات وتحت أي ظرف، ويعتبر قتل المدنيين جريمة حرب في كل من النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية، وقد يرقى إلى جريمة ضد الإنسانية.