
* كتبت/ وفاء أحمد،
التسول من الظواهر الاجتماعية القديمة التي ما زالت قائمة في مجتمعاتنا حتى اليوم، بل وأخذت تتطور بأساليب وأشكال متعددة.
ورغم أن البعض يلجأ إليها بسبب الحاجة والفقر، والظروف القاهرة، إلا أن هناك من اتخذها مهنة يمتهن بها عواطف الناس وفي صورته الإنسانية الصادقة..
التسول هو صرخة استغاثة من إنسان ضاقت به سبل الحياة، ولم يجد من يعينه.. هؤلاء هم من يستحقون التعاطف والمساعدة، بل من واجب المجتمع ومؤسساته الوقوف إلى جانبهم، وتوفير الدعم المناسب لهم، لكن حين يتحول التسول إلى مهنة، ووسيلة للكسب السهل من دون عمل، تنقلب المعادلة.. ويصبح المتسول في هذه الحالة محتالا يزاحم المحتاج الحقيقي، ويشوّه صورة العطاء، ويفقد الناس ثقتهم في مساعدة الآخرين. وتزداد المشكلة حين تستخدم وسائل خداع متطورة، كاستعطاف المارة بأطفال، أو التمثيل على هيئة مرضى أو معاقين، بينما الحقيقة مغايرة تمامًا.
النتيجة المؤسفة أن المجتمع لا يعود قادرا على التفرقة بين من يتسول لحاجة، ومن يتسول احتيالا. وتزرع بذور الشك في القلوب، فيتساوى من يستحق ومن لا يستحق، ويظلم المحتاج الحقيقي بين هذا الكم من المتسولين المزيفين، خصوصا ما انتشر في الآونة الأخيرة ليس فقط بين المدن والمناطق الليبية، ولكن وصلت الأطماع لتكوّن عصابات تمتهن هذا العمل من الجاليات الإفريقية والعربية، أطفالا وكبارا.
ورغم كل المجهودات التي تبذل من قبل الأجهزة الأمنية، لكن لازالت هذه الآفة تؤرق أمن المواطن أينما ذهب أو حل، خوفا من أن يضيع صوت الفقر وسط ضجيج الاستغلال .