العربي الجديد-
يُستخلص من بيانات مصرف ليبيا المركزي نمو الكتلة أو السيولة النقدية “الكاش” لدى الجمهور خارج مصارف ليبيا إلى 44.47 مليار دينار، أو ما يعادل 9.11 مليارات دولار، خلال الربع الأول من العام الحالي، بما يشمل النقد الورقي والعملات المعدنية التي يتداولها الأفراد والشركات، علماً بأن الودائع تحت الطلب بلغت 102.9 مليار دينار، صعوداً من 95.5 مليار دينار نهاية عام 2023.
ومع تلك الزيادة في السيولة النقدية خارج القنوات الرسمية، زادت التساؤلات حول ما الذي يدفع بالناس إلى اقتناء العملة بدلاً عن إيداعها في تلك القنوات وهي البنوك، خاصة وأن هذه الظاهرة تتنامى وسط أزمة سيولة خانقة يعانيها الجهاز المصرفي مند مطلع العام الحالي، حيث يقف المواطنون في طوابير طويلة أمام مصارف ليبيا منذ بداية عام 2024 من أجل الحصول على مبالغ زهيدة اختصرها المودع، الطاهر رضوان، بأن المصارف خزائنها فارغة على حد زعمه، مؤكداً لـ”العربي الجديد” أنه مند بداية العام الجاري لم يتمكن من سحب أي مبلغ، باستثناء أيام عيد الأضحى التي تمكن خلالها من سحب ألف دينار فقط. لكن المواطن عز الدين القنطري يؤكد في المقابل أن التعاملات الإلكترونية حلت أزمة الكاش في بعض المدن، لكن غالبية المحال التجارية ومحطات البنزين تطلب سيولة نقدية.
وفي هذا الصدد، يقول أستاذ التمويل الجامعي، جمعة المنتصر، إن النقود خارج مصارف ليبيا التجارية بلغت معدلات قياسية، داعياً إلى خطوات لجذبها للقنوات الرسمية، منها تحسين الشمول المالي عبر تعزيز نطاق الخدمات المالية لتشمل جميع البنوك والمؤسسات المالية لتقديم منتجات مالية للفئات غير المخدومة، مع ضرورة وجود تشريعات تدعم الحلول نحو الشمول المالي في فرض الفواتير الإلكترونية والرقابة على التعاملات المالية الكبيرة التي تتم في الأسواق.
بدوره، قال المحلل الاقتصادي عادل المقرحي إن عرض النقود خارج القطاع المصرفي بين البنكين المركزيين في العاصمة طرابلس ومدينة البيضاء ” شرق” يناهز 60 مليار دينار، وهو رقم مخيف، لافتاً في تصريح لـ”العربي الجديد” إلى أن البنك المركزي في طرابلس يتحدث عن العملة خارج القطاع المصرفي الخاص به من دون احتساب العملة المطبوعة في روسيا. كما أكد المصرفي معتز هويدي أن المشكلة تكمن في عدم الثقة في النظام المصرفي نتيجة الصراعات السياسية والانقسامات الداخلية. وأضاف لـ”العربي الجديد” أن الليبيين يفضلون حيازة الكاش، بينما التعاملات الإلكترونية لا تزال في البدايات.
ويلاحظ المحلل المالي عبد الحكيم عامر غيث أن ثمة مشكلة في ارتفاع عرض النقود داخل الأسواق، بسبب تزايد الإنفاق العام لحكومة الوحدة الوطنية والحكومة المكلفة من مجلس النواب، مشيراً إلى تدابير البنك المركزي، ومنها سحب ورقة الخمسين من التداول مثلاً. وهذا، برأيه، لا يعني شيئاً في حالة السياسات المالية المنفلتة بلا ضوابط. وقال إن ارتفاع نسبة النقد المتداول خارج البنوك يمكن أن يشير إلى استخدام النقد في الأنشطة غير القانونية، مثل غسل الأموال أو التهرّب الضريبي.