الناس-
رغم الظروف الصعبة والإحباط في الشارع الليبي إلا أن وجد فرصة للابتهاج بنزول المطر وتحول الشوارع إلى برك من المياه في ظل عجز الصرف الصحي أمام الكميات الهائلة من الغيث في فترة وجيزة.
لكن المنظر لم يكن مبهجا تماما، فثمة معاناة حقيقية واجهها كثيرون ممن غرقت منازلهم وسياراتهم ومخازن بضائعهم..
شهدت مناطق غرب ليبيا مع مطلع الأسبوع طقسا خريفيا ماطرا، أخرجهم فجأة من هدوء الصيف، وقيظه، وانقطاعات الكهرباء فيه بسبب الأحمال المترتبة على الاستهلاك المتزايد أمام تواضع نسبي للتوليد، كانت المولدات وحدها ما يعالج هذا العجز، ويكسر بضجيجه هدوء الصيف.
في مدينة مصراتة الساحلية، والتي تبعد حوالي مائتي كيلو متر إلى الغرب من العاصمة طرابلس تهاطلت الأمطار اعتبارا من الاثنين (14 سبتمبر 2020م)، ودون سابق إنذار فقد قدرت كميات المياه بـ 130 مم حسب العاملين بالأرصاد الجوية، ولأن البنية متهالكة فقد شاهدنا هذه الصور،، المبهجة أحيانا والمحزنة في كثير من الأحيان..
طرافة الموضوع كانت حين ركب بعض الأولاد قوارب مطاطية صغيرة وأخذوا يجذفون فوق البرك، واستسلم بعض الكبار لإغراء المشهد ونزلوا بثيابهم للسباحة. في حين قام بعض محترفي معالجة الصور بإضفاء نوع من الخيال، حيث أظهروا تماسيح وأفراس النهر على ضفاف هذه البرك.
الطرافة أيضا حين تجاهل مواطنون كل شيء ومضوا يلتقطون القواقع “البازوزي” والتي تظهر في بيئتنا فقط مع أول مطر، ثم تختفي بعد ذلك، ويقيم عليها كثيرون ولائم، يقال أن بها مخزونا من البروتين والكثير من الفوائد، لكن ما هو محقق هو البهجة التي تصحب الالتقاط والطبخ والالتهام!
في الجانب الأخر الحزين، فقد غرقت بعض المنازل، وكانت مضطرة لطلب المساعدة لإخراجها، حيث علق الأطفال الصغار والنساء، وفي غياب الدفاع المدني هب مواطنون متطوعون للنهوض بالأمر.
المحزن أيضا أن طفت على السطح رائحة المياه السوداء، فيبدو أن مواطنين قد ربطوا صرف منازلهم على مواسير تصريف مياه الأمطار، كما أن المياه التي وصلت إلى داخل المنازل قد امتزجت مع المياه السوداء.
ونبهت هذه النتيجة إلى حقيقة أن كثيرا من أصحاب ورش تغيير الزيوت وغسيل السيارات يقومون أيضا بالربط على شبكة تصريف مياه الأمطار، وهكذا تكون النتيجة..
كما أن المياه جرفت أكياس القمامة المتراكمة أو الملقاة في بعض الشوارع وجعلتها تسبح مرغمة لتلوث المشهد والشارع معا.
تحدثت صفحات التواصل الاجتماعي عن مخازن للأثاث غرقت، إذ بنيت تحت الأرض في استغلال للمساحات، لكن ارتفاع المياه فوق مستوى النوافذ المنخفضة تسبب في خسائر تقدر بمائات الآلاف وربما أكثر، وفي حالة أخرى أغرقت المياه بدروم تحت الأرض يضع فيه مواطن عددا من السيارات تقدر قيمتها بأكثر من نصف مليون دينار، وقد وجد أن المياه وصلت إلى السقف!
الأسوأ لم يحصل، فبجوار إحدى محطات الضخ العاجزة بوسط المدينة، حيث غرقت السيارات والمنازل والعائلات، تجرأت المياه ودخلت إلى وسط محطة توزيع أرضية للكهرباء، ولحسن الحظ لم يقع المحظور، هل كانت الكهرباء مفصولة وقتها؟ لا نعلم، المهم أن يتدارك الأمر قبل أن يقع المحظور،،
سيكون أمام الجهات التي تمثل الدولة عمل، وأي عمل، فالبهجة التي أخفت الكثير من المحاذير مع أول مطر، لن تكون نفسها إذا ما تكرر المشهد بنفس السوء، وسيكون أمام الكثير من المواطنين رحلة موسمية للبحث عن البازوزي.. وسيكون علينا الانتظار والتوثيق ونقل الصورة.. فإلى الصورة..
وهذه الصور هي ما تم جمعه من صفحات التواصل على فيس بوك، لكن ناشطي الفيس بوك لم يقفوا عند هذا، فقد قام بعضهم بفكرة جد عملية، حيث أخذوا على عاتقهم التنويه على الطرق والتقاطعات والمناطق الغارقة بالمياه لتجنبها أو التعامل معها.
ونشر مواطن آخر يخبرنا بحالة وفاة نتيجة المطر الذي صادف إهمالا ليس الوحيد، يقول: “توه الي حافر حفرة بعمق 6متر بالقرب من سيمافرو الخروبة ومسيبها
نحب نقولك اليوم تسببت بمقتل أحد العمالة الأفارقة
ماتنساش تصيم عليه
وبعد جهود الشباب والتي استمرت لأكثر من ساعتين تم انتشال الجثة”..
إنا لله وإنا إليه راجعون، والحديث يطول..