(le point)–
لقد وصلت سياسة فرنسا في ليبيا إلى طريق مسدود، و تضررت مصداقيتها الديبلوماسية ، لأن امير الحرب المحلي الذي راهنت عليه قد تم تهميشه وتضررت مصالحها.
فالنتيجة قاتمة بعد 9 سنوات من التدخل العسكري الغربي الذي ساهم في إسقاط معمر القذافي.
لقد أظهرت الساحة الليبية مرة أخرى كم هو ضئيل وزن فرنسا في القضايا الدولية عندما تهمل تعبئة أوروبا وراءها.
من المهين و المخزي ان تتلقى السلطات الفرنسية دعم 8 أعضاء فقط من أصل 30 عضوا في حلف الناتو عندما حملوا إلى بروكسيل خلافهم مع تركيا في الملف الليبي بعد الحادث البحري في المتوسط .
إن الحكم قاس (وحشي) وخاصة إذا أخذنا في الاعتبار المصداقية القليلة التي يحظى بها اردوغان في أوروبا هذه الأيام.
ان الخط الفرنسي لا يقنع شركاءنا. لقد اظهر فشل الهجوم الذي شنه رجل القذافي سابقا المارشال حفتر في الربيع خواء (فراغ) محاولات تسوية النزاع بالأسلحة في بلد تهيمن عليه الميليشيات والقبائل والمهاجرون بكل أنواع المحظورات.
يبدو أن السيناريوهين الأكثر تركيا يتعارضان مع المصالح الأوروبية:
– 1) تجميد الصراع وتكريس التقسيم بين الغرب (طرابلس) تحت حماية اردوغان والشرق (برقة) في أيدي حفتر ورعايته من الروس والعرب.
-2) تفاقم القتال وتكثيف التدخل الأجنبي. إن الصورة الجيوسياسية الشاملة كارثة .لقد نجحت أنقرة وموسكو في الحصول على موطئ قدم لهما في شمال إفريقيا وتحصلتا على وسائل جديدة لابتزاز أوروبا بمسائل الهجرة غير الشرعية، والتزود بالطاقة والقتال ضد العاديين.
إن تركيا وروسيا في وضع مريح يسمح لهما بإقامة قواعد بحرية وعسكرية على الحدود الجنوبية لأوروبا، ويزيد من نفوذها في المغرب العربي ويمكنهما من البناء عليهما في منطقة الساحل.
إن دوامة الفشل تأتي من بعيد، من 2011 حيث يتحمل ماكرون المسؤولية .
هناك 3 أخطاء تستمر في حجب تصور السياسة التي تنتهجها فرنسا وفي تغذية التحفظ الذي أبدته أوربا تجاهها وهي:
أولا: غموض الموقف الفرنسي
منذ أن كشف سنة 2016م بالصدفة عن انخراط سري لقوات فرنسية خاصة لمساندة حفتر.
ولم تستطع باريس التخلص من انطباع التحيز الذي لازمها.
في 2019م، تم اكتشاف صواريخ مضادة للدبابات في غريان استولت عليها قوات طرابلس، لذا تستقبل المطالبات الفرنسية بضرورة الحياد في عواصم العالم اليوم بالتشكيك.
ثانيا: ازدواجية الخطاب
بينما تدين فرنسا بأقصى العبارات انتهاكات أنقرة الحظر المفروض من الأمم المتحدة على تدفق السلاح الأطراف المتخاصمة يسود الصمت حيال الانتهاكات الخطيرة من طرف الإمارات وروسيا، وهكذا تثير فرنسا شكوك حلفائها.
ثالثا: الاستفزازات المتهورة
عندما يشير ماكرون إلى تجاوزات أنقرة في ليبيا إلى أنها دليل جديد على الموت الدماغي لحلف الناتو، فإنه لا يخدم بذلك تناسق أوربا. فمعظم الدول الأوروبية أعضاء في هذا الحلف و يعتبرونه عنصرا حيويا لأمنهم، ويرون في أحسن الأحوال أن المفردات التي اختارها رئيس الجمهورية هي علامة على العبث إزاءهم.
إن فرنسا التي تخشى تسوير أو سورية (سوريا) ليبيا لن تستأنف الحد الأدنى من السيطرة على الوضع ما لم تقم بإعادة بناء الوحدة الأوربية ودفع أوروبا إلى العمل لفرض وقف دائم لإطلاق النار وفرض احترام حظر الأسلحة وتعزيز الحل السياسي.
إن الظرف مناسب منذ أن أبدى الأمريكان قلقهم من التسلل الروسي إلى المنطقة حيث أظهروا من جديد اهتمامهم بالملف الليبي. ولتحقيق هذا يتعين على فرنسا أن تتناسب وتلتحم مع حلفائها، وخاصة ألمانيا وإيطاليا، وهو ثمن “السيادة الأوروبية” التي كثيرا ما تغنى بها ماكرون.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* نشر في صحيفة لوپوان (le point) الفرنسية الأربعاء 14 يوليو 2020م..