اخباراقتصادالرئيسية

شكوى أمام النيابة العامة لوقف برنامج الخصخصة في ليبيا

العربي الجديد-

تقدّم مجلس المنافسة بشكوى رسمية إلى النيابة العامة، مطالبًا بوقف برنامج الخصخصة في ليبيا، مؤكدًا أنّ الوقت غير مناسب لتنفيذ هذا البرنامج في ظل الظروف الحالية التي تمرّ بها البلاد. وفي هذا السياق، شدّد رئيس مجلس المنافسة، سلامة الغويل، على ضرورة تدخل النيابة العامة لإيقاف هذا البرنامج حفاظًا على استقرار البلاد، وحماية للاقتصاد الوطني، في وقت يشهد حالة من عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي.

واعتبر الغويل أن هذه السياسة ليست مجرد خيار اقتصادي عابر، بل تمثل تهديدًا حقيقيًّا للنسيج الاجتماعي والاقتصادي في ليبيا. وأوضح لـ”العربي الجديد” أنّ الخصخصة لا تقتصر فقط على تحويل ملكية الشركات، بل هي عملية تغيير جوهري في موازين القوى داخل المجتمع، إذ تؤول الثروات والمقدرات الوطنية إلى قلة من الأفراد الذين يسيطرون على مفاصل الاقتصاد، مما يفاقم معاناة المواطن البسيط في ظل هذه التحولات.

كما شدد الغويل على أن الخصخصة ليست الحل الأنسب لليبيا في الوقت الحالي، خصوصاً أنّ الاقتصاد الليبي، الذي يعتمد بشكل رئيسي على قطاع النفط، لا يحتمل تبعات تطبيق هذه السياسات. وأضاف أن تطبيق الخصخصة قد يؤدي إلى انهيار شامل للقطاع العام، بما في ذلك المؤسسات التي تشكل العمود الفقري للاقتصاد الوطني، مثل الكهرباء والمياه والنقل. وأكد أن الدولة يجب أن تبقى هي الحامي الأكبر لحقوق المواطنين، وأنّه لا يجوز السماح لقلة من أصحاب المال بالاستيلاء على موارد الدولة، وفرض سيطرتهم على مفاصل الاقتصاد؛ فالدولة ليست مجرد هيئة تنظيمية، بل الضامن الأوحد لحقوق المواطنين وحارس مصلحة الأجيال القادمة.

الخصخصة وسيادة الدولة

في هذا السياق، أشار الغويل إلى أنّ التوجه نحو الخصخصة يشكل تهديدًا لسيادة الدولة الاقتصادية، حيث يتحول القطاع العام إلى ملكية خاصة، مما يسلب المواطنين حقهم في الثروة والعدالة الاجتماعية. وأكّد أنّ السياسات الاقتصادية يجب أن تبقى تحت سيطرة الدولة، التي يجب أن تكون قادرة على اتخاذ القرارات اللازمة لحماية مصالح شعبها، حتى وإن اقتضى الأمر كبح جماح القطاع الخاص. وأشار إلى ضرورة أن تضع الدولة في أولوياتها حماية مواطنيها من الاستغلال وضمان التوزيع العادل للثروات، بما يحقق العدالة الاجتماعية، ويضمن للمواطن حقه في العيش الكريم.

من جهة أخرى، يواجه نحو 18 ألف موظف في الشركات المتعثرة والمنحلة أزمة مستحقاتهم المالية، في وقت يسعى فيه العديد منهم لإيجاد حلول دائمة لهذه المشكلة. يُذكر أن ليبيا بدأت منذ عام 2003 بطرح 360 وحدة إنتاجية للخصخصة، حيث اعتبر البعض ذلك خطوة نحو “توسيع قاعدة الملكية”، بينما رأى آخرون أنه يمثل انتقالًا نحو “الليبرالية والخصخصة”. وقد شملت عمليات الخصخصة السابقة 138 وحدة إنتاجية، ولكن معظمها فشل بسبب سوء الإدارة وتدهور المعدات. وقد جرى تخصيص الأصول المتحركة فقط، بينما ظلت الأرض ملكًا للدولة، حسب التقارير الحكومية.

قبل عام 2003، كان الاقتصاد الليبي يعتمد بشكل كامل على القطاع العام، حيث كانت الدولة الاشتراكية توفر السلع والمواد الغذائية عبر الجمعيات الاستهلاكية والأسواق العامة. لكن هذا النظام ألحق بالدولة خسائر مالية كبيرة في مصانعها، مما دفعها إلى التفكير في خصخصة القطاع الخاص، مع استمرار هيمنة القطاع العام على الاقتصاد بنسبة تجاوزت 98.6%. في المقابل، تراجعت مساهمة القطاع الخاص إلى 2.4% فقط.

وقد اتخذت الحكومات الليبية السابقة عدة إجراءات جريئة لإعادة هيكلة الاقتصاد، شملت فتح القطاع المصرفي أمام المنافسة المحلية والأجنبية، وتبسيط إجراءات إقامة المشاريع، وتحرير معظم الأسعار، بالإضافة إلى إزالة القيود على التجارة الخارجية. كما سعت الحكومات المتعاقبة إلى جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية للمساهمة في المشاريع الصناعية، في وقت تواجه فيه البلاد تراجعًا في معدلات الإنتاج، حيث توقفت بعض المصانع عن العمل منذ عام 2011.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى