
وال-
استحضر رئيس مؤسسة اسر ضحايا عدوان الجماعات الإرهابية التابعة لما يُعرف بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) على مدينة صبراتة، الدكتور علي عكاشة، أوجاع الذاكرة المنحوتة في قلوب سكان هذه المدينة التاريخية الساحلية الواقعة في شمال غرب بلادنا خلال المواجهات مع التنظيم الإرهابي الذي حاول السيطرة على صبراتة وتحويلها إلى قاعدة وإمارة إرهابية.
واستبشع عكاشة في تصريح لفريق من (وال -الأنباء الليبية) قام بزيارة إلى المدينة لإجراء تحقيق معمق عن بيت صبراتة للتراث يوم الأحد الذي صادف الذكرى التاسعة لاندلاع هذه المواجهة لتحرير صبراتة من عناصر التنظيم الإرهابي يوم 23 فبراير من العام 2016، عدم مشاركة السلطة الحاكمة وقتذاك في هذه المواجهة مع التنظيم الإرهابي، لا بالسلاح ولا بالمال، مؤكدا أن الهبًة لمقاومة الإرهابيين وهزيمتهم وتطهير المدينة قادها أهالي صبراتة وما حولها من المدن وأسفرت عن استشهاد 64 شابا ورجلا.
وقال في هذا الصدد: “نحن لا ندعي أن المجد كان لصبراتة وحدها بل نؤكد أنه تعاونت معنا المدن المجاورة ويوجد لدينا شهداء من صرمان وأبوعيسي والزاوية وطرابلس ورقدالين وزرارة والعجيلات.. لقد كانت هبة من كل المدن التي استشعرت أن الخطر سيعم المنطقة”.
وأوضح عكاشة ان عناصر التنظيم الإرهابي استوطنوا مدينة صبراتة التاريخية السياحية المعروفة بحسن استقبالها للزائرين من مختلف المدن الليبية والمقيمين الأجانب الذين يتوافدون عليها لزيارة الآثار وشاطئها الجميل، وكانوا في بداية الأمر متخفين لا يظهرون إلا نادرا في سيارة ترفع علم (داعش)، مشيرا إلى أن بعضهم كانوا يتكلمون بلهجة تونسية ولهجات من دول أخرى، الأمر الذي جذب انتباه أهالي المدينة وأثار جدلا وتساؤلات من قبيل “من هؤلاء ومن أين جاءوا ومن استقبلهم”، إلى أن جاءت الضربة الجوية الأمريكية التي استهدفت بيتا كان عناصر من التنظيم يعقدون فيه اجتماعا في منطقة (القصر) حيث قُتل حوالي 40 فردا من الإرهابيين، وتم العثور على أسلحة وأموال وخطط ومناشير في البيت المستهدف.
وأضاف أن عناصر التنظيم الإرهابي تفرقوا بعد الضربة واتخذوا من بعض الاستراحات مقرا لهم، فتحرك بعض الشباب من سكان المدينة يوم 23 فبراير 2016 وهاجموا تلك الاستراحات غير أن تلك العناصر كانت متدربة تدريبا عاليا ومستعدة للمواجهة، فأسفرت المواجهة عن استشهاد ثمانية أشخاص من شباب المدينة في منطقة النهضة (جنوب صبراتة).
وروى عكاشة أن عناصر (داعش) خرجوا أثناء الليل وهاجموا بالقرب من مديرية الأمن والمسجد العتيق، وأسفرت الاشتباكات عن 11 شهيدا ما رفع عدد الشهداء إلى 19 شهيدا، وباتت المدينة تلك الليلة بعد أن تحولت إلى مدينة أشباح تئن من الألام.
واستطرد أن عناصر التنظيم الإرهابي انسحبوا عند الفجر إلى غرب المدينة في حدود 10 كيلومترات ولم يُعرف هل كانوا يريدون الخروج والمغادرة عبر البحر أو عبر الطريق الصحراوي، لأن المنطقة التي انسحبوا إليها منطقة مفتوحة قريبة من شاطي البحر ومن الطرق الصحراوية.
وواصل رئيس مؤسسة أسر ضحايا عدوان الجماعات الإرهابية، مبينا ؟أنه في يوم الأربعاء 24 فبراير 2016 تجمع أبناء المدينة كبارا وصغارا متسلحين بما لديهم من بنادق وسكاكين، مدفوعين بحب الشهادة في سبيل مدينتهم وفي سبيل ليبيا، لدحر هؤلاء الإرهابيين والقضاء عليهم، خاصة وأن احتلالهم لهذه الرقعة من الأرض الليبية يعني أن المنطقة الممتدة بين الحدود التونسية وصبراتة ستكون تحت سيطرة التنظيم الإرهابي، وتتحول بالتالي إلى خنجر في خاصرة الوطن.
وأشار إلى أن مجموعة من الضباط الحقيقيين الوطنيين من القوات المسلحة تدخلوا ونصحوا الشباب بالصبر والتريث والاستعداد لشن هجوم مباغت يوم الخميس، غير أن الشباب المتحمسين كانوا يتقدمون لمواجهة أي مصدر لإطلاق النار من قبل عناصر التنظيم بصدور عارية، وكانت الأضرار كبيرة، ولكن تم يوم الخميس تحرير حوالي 90 في المائة من المدينة وتطهيرها من الإرهابيين، في حين بقيت بعض الجيوب البسيطة في منطقة سوق الجمعة المعروف بـ (سوق العلالقة) الشعبي، وفي منطقة الجفارة ودارت آخر المعارك ضد التنظيم الإرهابي يوم 2 مارس 2016 مخلفة 64 شهيدا من صبراتة والمدن المجاورة، ومقتل عدد كبير من الإرهابيين، فيما فر آخرون باتجاه تونس وسرت والمنطقة الشرقية، وقد يكون من بين الفارين من شاركوا في الهجوم الإرهابي على مدينة بن قردان الحدودية التونسية يوم 7 مارس 2016 .
وحيا رئيس مؤسسة أسر ضحايا عدوان الجماعات الإرهابية (داعش)على مدينة صبراتة، الدكتور علي عكاشة، الدور المهم الذي لعبه العديد من ضباط القوات المسلحة، ومن ضمنهم الضابط عمر عبد الجليل الذي شارك في الحرب ضد الإرهاب، ومقاومته الباسلة للتنظيم الإرهابي ودحره من مدينة صبراتة إلى أن استشهد وقال: “وإذ نحيي اليوم الذكرى التاسعة لتحرير صبراتة من الدواعش فإننا نستمطر شآبيب الرحمة على كافة الشهداء الذين ضحوا بدمائهم لننعم اليوم بالأمان والاستقرار، ونتمنى أن تنعم الدولة الليبية بالاستقرار، وتتخلص من الفساد ويتمكن الليبيون من بناء مستقبلهم الزاهر”.