
الناس-
وجهت المبعوثة الأممية السابقة إلى ليبيا “ستيفاني ويليامز” نداء لـ”القادة الليبيين” لدعم الوساطة الأممية الجديدة، والتي أعلنت عنها “حنا تيته”، استنادا إلى ما حققته اللجنة الاستشارية لتجاوز الانسداد السياسي.
وذكرت في مقابلة أجرتها معها وكالة نوفا الإيطالية ونشرتها الجمعة (13 يونيو 2025م) أن الأمم المتحدة تظل الوسيط الأكثر حيادية في ليبيا، والأكثر قبولا لدى غالبية الليبيين. ودعت “القادة الليبيين” أن يتوقفوا عن التفكير في أنفسهم “وأن يبدأوا بالتفكير في أبنائهم وأحفادهم. ما شكل ليبيا التي سيتركونها للأجيال القادمة؟ ما هو إرثهم؟ إنها بلادهم، وهم المسؤولون في نهاية المطاف عن مصيرها”.
وأشارت الوكالة إلى موقع الأمريكية استيفاني من الملف الليبي حيث كانت قد شغلت منصب الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، وقد خرجت من ذلك بكتاب من تأليفها: “ليبيا منذ القذافي: الفوضى والبحث عن السلام”. حيث يستعرض هذا الكتاب الأحداث الليبية منذ 2011 مع التحليل المعمق للأحداث السياسية والعسكرية والدبلوماسية في ليبيا حتى آخر التطورات.
وتوضح ويليامز: “قررتُ كتابة هذا الكتاب لأنني شعرتُ بغياب إعادة بناء مُفصّلة ومحايدة للأحداث الليبية ما بعد القذافي، من منظور داخلي وبكل تعقيداتها. إنها قصة لا تُفرّط في انتقاد أيٍّ من الأطراف المعنية”.
وسلطت الدبلوماسية الأمريكية الضوء على الانقسام الدولي حول ليبيا، مركزة على أن رؤية كل دولة أوروبية يحددها فقط مصالحها الخاصة، فانتقدت إيطاليا لتركيزها المفرط على قضية الهجرة، فيما انتقدت فرنسا لتركيزها فقط على مكافحة الإرهاب. ومع ذلك، أشارت بإيجابية إلى إعادة إطلاق عملية برلين مؤخرًا، وهي مبادرة دبلوماسية أطلقتها ألمانيا ودعمتها الأمم المتحدة في عام 2020 لتعزيز الحل السياسي للأزمة الليبية. حيث من المقرر عقد اجتماع قادم في ألمانيا في 20 يونيو.
ووفقًا لها، فإن هذا الالتزام الأوروبي والدولي المتجدد “حاسم” للتغلب على أزمة الشرعية الحالية في ليبيا، حيث “لا توجد مؤسسة ليبية واحدة تتمتع بشرعية شعبية حقيقية. جميعهم يفتقرون إليها. هذه مشكلة تحتاج إلى معالجة”.
ويليامز: “لقد دار الصراع في ليبيا عبر الإنترنت بقدر ما دار على الأرض”.. “ليبيا دولة فيسبوك”.
وركزت المبعوثة السابقة على الدور الاستراتيجي لروسيا وتركيا، اللتين تعملان الآن في “نوع من السيادة المشتركة” على الأراضي الليبية، وهو وضعٌ لا يزال هشًا وخطيرًا، رغم ضمانه هدوءًا نسبيًا. وتضيف: “الليبيون أنفسهم يدعون قوى أجنبية إلى بلادهم، لكنهم بذلك يُعرّضون سيادتهم للخطر”.
وعلقت “ويليامز” في المقابلة المنشورة على قرارات حظر الأسلحة واصفة إياها بأنها “مجرد مزحة”. وترى أن وجود “عشرات الآلاف” من المرتزقة على الأراضي الليبية والتدفق المستمر للأسلحة من الخارج يُظهران انعدامًا تامًا للاحترام للسيادة الليبية.
وتستذكر في سياق حديثها الموقف الأمريكي من العدوان على طرابلس في 2019 بمرارة –حسب وصف الوكالة- فتقول: “خلال إدارة ترامب الأولى، كان هناك انقطاع عميق وانعدام في التواصل بين البيت الأبيض والبنتاغون ووزارة الخارجية. أدى هذا، من بين أمور أخرى، إلى الضوء الأخضر الشهير لهجوم حفتر على طرابلس، بينما كانت وزارتا الخارجية والدفاع على غير علم بالأمر مطلقا. لم يكونوا حتى على علم بأن ترامب قد اتصل بحفتر. هذه الفوضى والارتباك يثيران مخاوف مشروعة بشأن الاتجاه الذي قد تتخذه السياسة الأمريكية في ليبيا”.
وانتقدت المبعوثة رئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة، بعد إعلانه رسميا عدم الترشح للرئاسة خلال ملتقى الحوار السياسي، ثم نكث بوعده. متحسرة على ضياع فرصة إجراء الانتخابات في ديسمبر 2021 كإحدى “أكثر اللحظات حرجًا وإيلامًا في تاريخ ليبيا الحديث”- حسب وصفها.
وألقت باللائمة على المجتمع الدولي الذي كان عليه التدخل فورا بعد أن اتضح أنه لن يتم التوصل إلى اتفاق دستوري بحلول فبراير 2021.
ويليامز: نقل مهاجرين أو توطينهم في ليبيا، مبادرة “ساخرة وتجارية بحتة”.
وسلمت ويليامز بأن المشكلة كانت تتمحور حول شخصية “حفتر”. كما أن السماح للبرلمان بإقرار القوانين الانتخابية بطريقة مبهمة وغير توافقية، فتح الطريق أمام كثرة الترشيحات الرئاسية، مما أدى إلى تأجيج المزيد من الانقسامات والتوترات.
واعتبرت أن تجاوز الحكومة لصلاحياتها التي منحها إياه ملتقى الحوار السياسي خيانة، فقد كان الهدف تحقيق اللامركزية وضمان تمويل البلديات لتسهيل العبور للانتخابات وليس أن تتحول إلى نظام محاصصة تقليدي كما حدث.
وعن القضايا الحاسمة التي لاتزال تعيق المصالحة في ليبيا، ذكرت ويليامز أن غياب سياسة ملموسة لنزع سلاح الميليشيات وتسريحها وإعادة دمجها، وانتشار الهياكل الاقتصادية الريعية التي تغذي الصراعات المحلية، وفوق كل ذلك الإفلات الواسع النطاق من العقاب على انتهاكات حقوق الإنسان، لا يزال سببًا رئيسيًا لاستمرار العنف.
كما كان من القضايا المحورية التي تناولتها المقابلة قضية التضليل الإعلامي، “وهي ظاهرة وصفتها بأنها “مدمرة” للمجتمع الليبي، المنقسم بشدة حتى على الإنترنت، مع وجود جيوش إلكترونية أجنبية حقيقية، بما في ذلك الروس والأتراك، منخرطة في خلق روايات متعارضة ومستقطبة. تستذكر ويليامز مقتل النائبة سهام سرقيوة، التي اختفت في بنغازي بعد حملة تحريض على وسائل التواصل الاجتماعي: “لقد دار الصراع في ليبيا عبر الإنترنت بقدر ما دار على الأرض”.
تؤكد ويليامز أن ليبيا “دولة فيسبوك”، حيث “يفوق عدد حسابات فيسبوك عدد المواطنين”. هذه هي القناة الرئيسية للتواصل، وفي الوقت نفسه، قناة الدعاية.
تقول الممثلة السابقة للأمم المتحدة: “نشرت جامعة ستانفورد تقريرًا معمقًا للغاية في نهاية عام 2020، أنصح الجميع بقراءته. يُحلل التقرير ليس فقط الوضع في ليبيا، بل أيضًا في سوريا والسودان، ويربط التضليل بشكل مباشر بشبكات بريغوزين، وكذلك بمصادر في دول الخليج ومصر، وأماكن أخرى في المنطقة”.
وتضيف ويليامز أن هذه الدراسة دفعت شركة ميتا إلى إزالة العديد من الصفحات والملفات الشخصية المزيفة.
ويليامز: توجد جيوش إلكترونية أجنبية حقيقية، منخرطة في خلق روايات متعارضة ومستقطبة في ليبيا
ورفضت المبعوثة السابقة رواية أن هناك مخططا لنقل جزء من سكان غزة إلى ليبيا، كما رفضت رواية نقل مهاجرين أو توطينهم في ليبيا، معتبرة أنها مبادرة “ساخرة وتجارية بحتة”.
وعلقت: “لطالما عارضت الأمم المتحدة إعادة المهاجرين إلى ليبيا وإلى مراكز الاحتجاز تلك التي تُعتبر، بكل بساطة، جحيمًا على الأرض”.